ورد في صحيفة “الأخبار” أنه حتى الآن، لم تقدّم أي مؤسسة تعليمية خاصة دراسة تبيّن أثر زيادة أجور المعلمين على ميزانيتها، وفق ما ينص عليه القانون 515، الذي يتضمن آلية واضحة لتحديد القسط المدرسي، إلا أن بعض الناطقين باسم المدارس الخاصة أطلقوا حملة منظّمة تمهيداً لرفع الأقساط بنسب تتراوح ما بين 27% و36% أو بقيم مطلقة تصل إلى مليون ليرة وأكثر… هذه الحملة أثارت هلع الأهالي الذين يئنّون تحت عبء الأقساط المدرسية ووجهت جام غضبهم نحو المعلمين بدلاً من أصحاب المدارس، علماً بأن مدارس كثيرة عمدت في السنوات الخمس الماضية إلى فرض زيادات على الأقساط بحجة تمويل تصحيح أجور المعلمين.
لا يحتاج أصحاب المدارس الخاصة إلى حجّة لزيادة الأقساط. ففي السنوات الأخيرة، عمد معظم المدارس الخاصة الى فرض زيادات بحجّة سلسلة الرواتب الموعودة، وهي جنت أرباحاً إضافية بمئات مليارات الليرات، لا من الأقساط فحسب، بل أيضاً من مداخيل أخرى غير ملحوظة في الموازنات المدرسية يدفعها الأهل لقاء تعليم أبنائهم وبناتهم.
قد يكون التعميم غير جائز، إذ إن الأرباح متفاوتة بين مدرسة وأخرى، وهناك مدارس متعثرة أو واقعة تحت الديون، لكن معظم المدارس لا تطبق القوانين وتفرض أقساطاً غير مستحقة وتحرم معلميها من حقوقهم. وبحسب تقديرات مصادر متابعة، يوجد أكثر من 10 آلاف معلم ومعلمة، من أصل 55 ألفاً في المؤسسات التربوية الخاصة، يجري استغلالهم بألف طريقة وطريقة من دون أن يؤدي ذلك، في المقابل، الى تخفيف أعباء الأقساط عن ذوي التلاميذ والطلاب!
معلمون لا يتقاضون حقوقهم القانونية
ثمة عدد كبير من المعلمين لا يتقاضون رواتبهم استناداً الى وحدة التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص المنصوص عليها في قانون تنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة الصادر بتاريخ 15/6/1956، بل إنّ راتب المعلم في بعض المدارس لا يتجاوز أحياناً نصف الراتب المستحق له بموجب القانون، كذلك لا يدخل التدرّج الطبيعي والدرجات الاستثنائية في قاموس بعض المدارس الخاصة، وأيضاً لا وجود لساعات التناقص أو الإجازة السنوية أو المرضية أو إجازة الأمومة ولا أثر لمنح الزواج أو الولادة. يشرح أساتذة أن مؤسسات خاصة عدة دفعت منذ 2012 غلاء المعيشة لمعلميها على سبيل السلفة، إلا أنّ كثيراً من المعلمين في مدارس ومؤسسات خاصة أخرى لم يتقاضوا أي سلفة بحجة عدم صدور قانون سلسلة الرواتب. وبحسب هؤلاء الأساتذة، ارتفع أجر المعلم في بعض المدارس الملتزمة بحقوق المعلمين بنسبة لا تتجاوز 20% في السنوات الـ 17% الماضية، إلا أنّ الأقساط ارتفعت ثلاثة أضعاف حتى عام 2013، بحسب دراسة أعدتها نقابة المعلمين في ذلك العام، وكانت “الأخبار” قد رصدت في عام 2014 زيادات الأقساط في عينة من 7 مدارس خلال 5 سنوات، وتبين أنّها ارتفعت أكثر من 50% بين عامَي 2008 و2014، علماً بأن أي زيادة على أجور المعلمين لم تحصل خلال هذه السنوات، ما عدا السلفة على غلاء المعيشة في عام 2012، ما ينسف حجة أنّ الأجور هي السبب في رفع الأقساط.
أصحاب المدارس: سندرس الزيادة
يتحدث اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة عن زيادة تقديرية على الأقساط ستتراوح بين 27% و36%، لكن أمين سر الاتحاد، فرنسوا حبيقة، يقول إننا “كلفنا لجنة تعكف حالياً على إعداد دراسة مفصلة كي نخرج بنسبة مدروسة وغير عشوائية سنعلن نتائجها خلال شهر آب”. وسأل: “إذا كانت الدولة قد فرضت الضرائب لتمويل السلسلة لموظفي القطاع العام، فمن يغطي تكاليف الزيادة في المدارس الخاصة التي ألزموها بالسلسلة، وخصوصاً أن هناك مدارس متعثرة على طريق الإفلاس، وأخرى شبه مجانية تستدين من المصارف لتغطية تكاليف التعليم نتيجة تأخير الدولة مستحقاتها لمدة 4 سنوات”. وأشار إلى أنّ الإدارات التي تقاضت سلفة من الأهالي على السلسلة ضئيلة جداً.
يرى أمين الداعوق، رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، أنّ زيادة الأقساط ممر إلزامي لانطلاقة العام الدراسي المقبل، أما تحديد النسبة الدقيقة للزيادة فمرتبط باطلاعنا على القانون، لذا لم يكن هناك داعٍ للشوشرة بين الأهالي وإخافتهم وإطلاق التقديرات قبل التأكد من القيمة الحقيقية للزيادة. يقول: “الدرجات الست لأساتذة التعليم الثانوي بيوجعوا في المقاصد لأن أقساطنا متدنية في الأساس، و70% من تلامذتنا يدرسون في المدارس شبه المجانية”. يشير الداعوق إلى مسألة أن السلسلة صدرت بعد 5 تموز، أي الموعد النهائي الذي تبت فيه المدارس الخاصة عقودها مع الأساتذة، ما يعني أن الأستاذ الذي سيترك المدرسة بعد هذا التاريخ سيتقاضى من الإدارة الزيادة عن سنة كاملة ابتداءً من نفاذ القانون”.
لجان الأهل في المؤسسات: لا يجوز التعميم
في القانون 515 الخاص بتنظيم الموازنة المدرسية، تضطلع لجان الأهل بدور تمثيلي محوري في مراقبة الموازنة السنوية للمدرسة ومناقشتها والتدقيق فيها.
هل هذا يحصل في الواقع؟ تقول ميرنا خوري، رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان ــ الفتوح ومنسقة اتحاد لجان المؤسسات، لـ”الأخبار” إنّ “الأهالي باتوا واعين للوضع، وقد جرى على الأقل في المدارس الكاثوليكية ضغط كبير باتجاه ضبط للزيادات منذ عام 2012 حتى اليوم، وإذا حصلت فتكون وفق مبرر قانوني، وإن كان ذلك لا يعني أنه ليس هناك تجاوزات في بعض المدارس، بما فيها الكاثوليكية”. اتحاد لجان الأهل يتجه إلى عقد سلسلة لقاءات مع رؤساء الكتل النيابية ووزير التربية للاطلاع على المعطيات الحقيقية “كون الأهل وحدهم من سيدفعون زيادة الرواتب في المدارس الخاصة”. وتوضح خوري “ليس كل المدارس تتمتع بهامش ربح كبير، وهناك مدارس تقفل أبوابها، إلا أن وزارة التربية لا تقوم بدورها الرقابي على الموازنات، رغم أن لديها هذه السلطة، وهناك موازنات وافقت عليها الوزارة وهي غير موقعة من لجان أهل، رغم أن التوقيع إلزامي في القانون». ترى خوري أن المدارس تستطيع أن تتحدث عن نسب للزيادة، لا عن مبالغ مقطوعة، وخصوصاً أننا «سمعنا أن بعض المدارس ستزيد مليون ليرة أو أكثر، وهذا رقم غير دقيق”.
الأهالي دفعوا سلفة على السلسلة
بعض الأهالي في بعض المدارس بدأوا منذ 3 سنوات بدفع سلفة على السلسلة في بند مستقل عن الموازنة المدرسية، وهؤلاء ينتظرون أن لا يؤدي إقرار السلسلة إلى أي زيادة، بل إن البعض يطالب بإجراء الحسابات، إذ يمكن أن يكون ما دفعوه قد تجاوز الزيادة في السلسلة. هذا ما حصل في مدرسة الإنجيلية في النبطية، إذ يتوقع رئيس لجنة الأهل، حسان قنبر، أنّ الزيادة ستكون بسيطة إن وجدت، ومثل هذا الأمر الحساس الذي له ارتدادات على كل الأهالي والأساتذة، يعالج عادة بالتراضي بين لجنة الأهل وإدارة المدرسة والمعلمين «ما فينا نلعب بالأستاذ وما فينا نقول للإدارة ما تزيدي الأقساط إذا كانت لها أسبابها المنطقية».
تقول سعاد شعيب، رئيسة لجنة الأهل في مدرسة الليسيه فردان التابعة للبعثة العلمانية الفرنسية، “إنّنا وافقنا على دفع سلفة على السلسلة من خارج الموازنة وبلا مفعول رجعي، وجرى توقيع اتفاقية خطية تقضي باحتساب أي زودة تأتي تحت أي مسمى سلسلة أو غير سلسلة ضمن هذا البند، وهذا سيخفف على الأهالي عبئاً كبيراً”.
لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا
(فاتن الحاج – الأخبار)