واصل الادّعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مرافعاته الختامية، وحضرها أمس المتضررون من عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وردّ الادّعاء على اسئلة القضاة، وخلصت الجلسة لتلميح واضح الى تورّط «حزب الله» في عملية الإغتيال بهدف تقويض الانتخابات التي كان سيربح فيها الحريري آنذاك.
ورأى الادّعاء انّ الهجوم نُفّذ بفضل قيادي عسكري متطوّر، أي مصطفى بدر الدين، وذلك بعد تحليل ظروف الاعتداء والاستناد الى معلومات عن «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصر الله وجنازة بدر الدين وإمكانيات الحزب وعمله في سوريا، وفي الخطابات العلنية، والخبرة العسكرية لثلاثين عاماً.
ولفت الادّعاء الى «إفادة الشهيد وسام الحسن عن الشبكة الخضراء التي تضمّ 3 هواتف خلوية لـ«حزب الله»، وذكر بيّنات اعطاها الأمين العام لـ«حزب لله» السيد حسن نصر الله الى قوى الامن الداخلي، وافاداته الى لجنة التحقيق، وتحليل هواتف لعناصر من الموساد.
وقال: «كانت هناك ثلاثة أرقام، رقمان لعياش وبدر الدين ورقم لعنصر زعم أنه من الموساد كانت تتنقل معاً في الفترة الزمنية من 9 الى 21 كانون الثاني 2005»، موضحاً انّ «الرقم المزعوم للموساد كان يقيم في زوق مكايل».
ورداً على سؤال عن الرحلة المزعومة الى عنجر في 18 كانون الثاني، قال الادّعاء إنّ الرحلة كانت غير مألوفة حيث مقرّ المخابرات السورية في لبنان لرستم غزالي، وذكر انّ الهاتف عمل في الساعات الأولى من الصباح، ولا نزعم انه التقى غزالي، ولكنه كان جزءاً من التحضير للعملية السرّية».
وعن شريط اعتراف احمد ابو عدس، اشار الادّعاء الى انّ الهواتف التي بحوزة المتّهمين، اكّدت التنسيق الملفت بين بدر الدين وعياش ومرعي، وانّ عنيسي استعمل الخلايا في منطقة الجامعة العربية، ومرعي كان المنسّق المسؤول عن إعلان شريط التسجيل وتسجيله وتسليمه.
وأوضح انّ الاتّصال بمنزل ابو عدس كان من منطقة الجامعة العربية من هاتف عمومي حيث يمكن تحديد موقعه ولإعطاء الانطباع انّ ابو عدس متطرّف، مؤكّداً أنّ ابو عدس استدرج وفهم الخطة وبدا خائفاً في التسجيل.
ولفت الى انعدام نشاط الهواتف ما بين 48 الى 72 ساعة في 16 كانون الثاني 2005 للمشاركة في إعداد الشريط. وهذا يتزامن مع فترة الاختطاف. وأفاد انه في 20 كانون الثاني كان هناك اتصالان عند السادسة صباحاً في وقت غير اعتيادي وهو مؤشر الى أنّ حدثاً مهمّاً حصل.
وأعلن انّ وحدة الاغتيال بدأت بتتبّع الحريري نهاية كانون الاول 2004، مشيراً الى انّ شراء شبكات الهواتف وتكوين مجموعة من 15 هاتفاً ليست صدفة مع نشاط مكثّف لمجموعتين، عملتا حتى 29 كانون الاول بتنسيق تام ومتواز. الشبكة الخضراء للإشراف على المؤامرة والتنسيق والاعداد للاعتداء وتحضير الشاحنة، والحمراء تركت آثاراً مضلّلة في كل مرحلة.
وأنهى الادّعاء عند الثالثة من بعد ظهر أمس، مرافعاته الختامية، بعد تقديم كل الحجج والبراهين، واعتبر المتّهمين الاربعة مذنبين في القرار الموحّد.
وخلال الجلسة، سأل رئيس غرفة الدرجة الأولى في المحكمة القاضي دايفيد راي: «بالنسبة الى الفاعل العسكري المتقدّم هذه ادلّة قدّمها الادّعاء وايضاً تستند الى معلومات عن «حزب الله» وبحسب ما فهمت ايضاً امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله وجنازة بدر الدين في لبنان وتشييعه في أيار 2016 والصور التي نرى فيها انه كان يرتدي الزي العسكري ويدير العمليات في سوريا نيابة عن المقاومة أيّ عن «حزب الله» وبهذا أنتم ربطتم الجانب العسكري بالسيد بدر الدين هل هذا صحيح؟».
فردّ الإدّعاء: «نعم، ايضاً في الخطابات العلنية ثمّة اشارة الى هذه الموضوعات، كل سيرته العسكرية استمعنا اليها ونحن نعرف انه كان يقود قوات «حزب الله» في سوريا ويتمتع بثلاثين عاماً من الخبرة العسكرية، أنت ذكرت امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله وفي الواقع ثمّة سؤال من بين اسئلة القضاة بشأن ربط الشبكة الخضراء بـ«حزب الله» وأتحدّث هنا عن الفقرة 13 من الاسئلة، اقتبس، هل من أدلّة باستثناء الأقاويل المنسوبة الى نصر الله، إذاً هل من أدلّة في افادة الشاهد المتوفى وسام الحسن وهي البينة 2122 بأنّ الشبكة الخضراء التي تضمّ ثلاثة هواتف خلوية كانت تنتمي الى «حزب الله»، مذكّرة الادّعاء الختامية في الفقرة 325، نهاية الاقتباس».
وأكد أنّ «ما هو متوافر لدينا هو التأكيد المهم لإسناد الاخضر 023 الى السيد بدر الدين، فنحن نعرف الآن بمصطلحات واضحة مَن هو بدر الدين ومدى أهمّيته ومدى رتبته من بين قادة «حزب الله» ومن هنا فإنّ الأدلّة الاضافية التي تؤكد ما حدّدناه في الشبكة الخضرا وارتباطها بـ«حزب الله» وبالعمليات الأمنية المزعومة وهذا يصبح منطقياً اكثر عندما ننظر الى قائمة الاتّصالات الرئيسة وتحرّكات الشبكة الخضراء».
وأضاف الإدعاء: «كما قلت في الجلسة السابقة، تلاحظون ان ثمة طرفين او قسمين في هذه الشبكة التي تقود العملية والتي كانت تشرف على هذه المؤامرة.
من جهة عياش، فهو كان مسؤولاً عن الإعلان عن المسؤولية زوراً من خلال أبو عدس، واختار أشخاصاً يثق بهم كصبرا وعنيسي لتنفيذ هذه المؤامرة. والقضية ضد مرعي يمكن أن نعلن عنها بكل بساطة كما كان الحال بالنسبة الى عياش، كان يجب على بدر الدين استخدام هواتف الشبكة الخضراء وكان مسؤولاً عن الاعلان عن المسؤولية زوراً وهو الذي نسّق مع صبرا وعنيسي عدداً من الأنشطة من البداية وحتى النهاية، كل ذلك كان ضرورياً للإعلان عن المسؤولية زوراً وهناك أوصاف هذا الشخص الذي سيكون مناسباً للقيام بهذه العملية وهو ابو عدس».
بدوره سأل راي: «بناءً على الأدلّة المتوفرة للغرفة يمكنك أن تؤكّد بشكل ايجابي عدد الاشخاص الواردين في الدائرة الداخلية والمعنيين بالتخطيط للاغتيال»، فقال الإدّعاء: «بناءً على الادلّة وبناءً على اعلان المسؤولية زوراً، الاشخاص هم مرعي وصبرا وعنيسي، وحين ننتقل الى بدر الدين وعياش ووحدة الاغتيال والشخص الخامس والسادس اللذين احضرا الشاحنة من جنوب بيروت الى موقع الجريمة والشخص الثامن الذي نسّق كل النشاطات حول البرلمان بتوجيه الفان في الوقت المناسب الى موقع الجريمة والشخص التاسع الذي كان عنصراً اساسياً من عملية المراقبة وبالتالي كان له دور اساسي».
وأكمل الإدّعاء قائلاً: «ننتقل الى الأنماط الأخرى الآن، هذا يتعلق بتحديد المعالم والتعرّف واختيار ابو عدس واستدراجه واختطافه، هناك سلسلة من الأنماط ترسم لنا صورة، ما يدلّ على أنّ هذه الانماط ليست من باب الصدفة، فالشريحة 138 هي عبارة عن الخلايا 5 للهواتف الثلاثة الارجوانية طوال استخدامها وتلاحظون أنها في منطقة محددة من الضاحية محيطة بمسكن ثلاثة من المتهمين، وهم مرعي وعنيسي وصبرا، وهي المنطقة التي تنشط فيها الهواتف الزرقاء والصفراء والخضراء، فهنا مقرها. في الشريحة 184 نجد انماط اتّصالات بين عنيسي وصبرا بين 1 كانون الاول 2004 و14 شباط 2005، وهذا يدلّ على انه عندما برز هاتف عنيسي للمرة الاولى بجوار الجامع كانت هناك كثافة غير اعتيادية لأنماط الاتصالات».
بدوره قال القاضي هينز: «المتّهمون الأربعة وبدر الدين خططوا ونفّذوا اغتيال رفيق الحريري»، مضيفاً: «الاغتيال كان عمل منظمة سياسية قتلت بناءً على معتقداتها السياسية، السؤال هو ما هي الادلّة المتعلقة بذلك وما هي المنظمة السياسية المتورّطة، المنظمة السياسية المعنية المتورّطة هي «حزب الله» وعلى الأرجح كانت اليد المماثلة للنظام السوري في لبنان، أما الادلّة فهي انّ سوريا كانت لها علاقة ربما بطريقة غير مباشرة بناءً على الادلّة، ولكن ممّا لا شك فيه انّ الهدف من التفجير كان السيد رفيق الحريري وإذا ما اخذنا بعين الاعتبار انّ القيادة العملانية كانت بيد «حزب الله»، ومن الواضح انّ الهدف من مقتل الحريري كان تقويض الانتخابات التي كان سيربح فيها، خصوصاً إذا ما اخذنا بعين الاعتبار الأدلّة التي تتعلّق بتهديد النظام السوري للحريري ونمط الاعتداء على سياسيين وفرقاء آخرين مناهضين لسوريا».
من جهته قال القاضي عاكوم: «سيد هينز قلت في الفقرة 90 إنّ عملية الاغتيال كانت من صنع منظمة سياسية تقتل لأسباب واعتقادات سياسية، ما هي القيمة القانونية ما هو الواقع القانوني لمثل هذا التصريح على الحكم؟ إنّ التهم لم توجَّه لأيّ منظمات سياسية وفي حين أنّ النظام الاساسي للمحكمة لا يسمح لها بتوجيه التهم لمنظمات سياسية او منظمات بشكل عام، وإن كانت المسالة تقتضي القول إنّ هذه جريمة سياسية لا شك في انك على علم بأنّ القانون اللبناني لا ينظر في الجرائم السياسية ولا يعتبر انّ الجرائم على غرار جرائم القتل تندرج في هذا السياق».
فردّ هينز: «ليست هناك ايّ مسالة جديدة في كل ما قلناه، إنّ المسؤولية الجنائية، إلّا فيما يتعلّق ببعض الجرائم المحدّدة والخاصة، ترتبط بالاشخاص والافراد. ولكن هذا الامر لا يغير الواقع وهو أنّ أيَّ جريمة سياسية يرتكبها اشخاص وافراد كجزء من منظمة، سواءٌ كنا نتحدث عن الجيش في البوسنة وصربيا أم كنا نتحدث عن اشخاص اعضاء في ميليشيا او منظمة سياسية او منظمة في روندا او في ايّ مكان آخر».
الجمهورية