لا يُخفي المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أمام زوّاره «إفتخارَه» بما حققه لبنان في المجال الأمني حيث سبق فيه عدداً من الدول الكبرى «ونتيجة لذلك أُغدقت المساعدات علينا وليس لسبب آخر، فقد اكتشفت أننا «نعمل صح» لحماية البلد». ويؤكد أنه «حريصٌ على التنسيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية الى آخر مدى».
فتح عثمان قلبَه وعقلَه لوفد نقابة المحرّرين الذي زاره امس الاول الخميس، وتحدّث اليه بصراحة «فليس لديّ ما أُخفيه ومستعدّ للحديث عن كل شيء ما عدا ذلك الذي لا يمكن الحديثُ عنه وأتحفظُ عنه لأسباب غير خافية على أحد».
فهو مَن انتقل أخيراً من رئاسة شعبة المعلومات الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وما زال في دائرة العمل الأمني وقلب الخطر. وهو يتعاطى يومياً مع اخطر المجرمين والمهرّبين والمطلوبين وشبكات العملاء للعدوّ الإسرائيلي والمنظمات الإرهابية.
وعلى رغم ذلك، لم يفاجِئه سؤالٌ عن الأسباب الوجيهة التي تدفع القادة الأمنيين الى قطع الطرق في محيط مكاتبهم ومنازلهم، رغم ما تُلحقه من أذى بالجيران. فيسارع الى شرح أهمية هذه التدابير التي «يرفضها» شخصياً قبل غيره. لكنه يرضخ لها لأنها إلزامية ولا نقاش فيها. فهي تدابير ضرورية وإلزامية أحياناً تطال حياته الشخصية وحياة أفراد عائلته قبل جيرانه وسكان المحيط.
ولم يخفِ عثمان أنّ عريضةً نظّمها جيرانُه رفضاً لوجوده في فترة من الفترات «قبل أن يتفهّم الجميع الدوافع التي تقود اليها». كاشفاً أنه عندما قرّر تملّك بيته الأخير لم يُخبر المالك ولا الجيران مَن هو الشاري لأنّ ذلك قد يحول دون التملّك.
وفي حديثه عن موجة الجرائم الأخيرة التي سقط نتيجتها أبرياء لفت عثمان الى «أنّ نحو 27 الف ضابط وعسكري من قوى الامن لا يمكنهم أن يرافقوا اللبنانيين حيث ما انتقلوا. ورغم أنهم يرصدون حركة كثير من المجرمين، فلا يمكن الدخول الى عقول البعض منهم لمعرفة ما ينوون فعله ومتى وكيف».
وكذلك لفت الى أنه عقب جريمة قتل روي حاموش طلب الى المعنيّين الوصول الى المجرمين قبل الإفطار «وهو ما تحقّق بإجراءاتنا وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى».
وشدّد على «أهمية التعاون ليس بين الأجهزة الأمنية وهو أمر محقّق، بل على مستوى آخر يقود الى استعادة هيبة الدولة وهو أمر يُعمَل عليه ويحتاج وقتاً وثقافةً عامة تعيد ربط ما انقطع بين الناس والأجهزة الأمنية وتعزيز كل أشكال التعاون».
وأشار عثمان الى أنّ شعار الإحتفال بالذكرى السنوية السادسة والخمسين بعد المئة لقوى الأمن هذه السنة «تناول تعزيز التوجّه الى «الشرطة المجتمعية»، وهو توجّه سيعزّز السعي الى ثقافة تستند الى مثلث «الخدمة والشراكة والثقة» من أجل أمنٍ أفضل للبنان واللبنانيين». وركّز على «أنّ الشراكة المطلوبة بين المواطن ورجل الأمن تجعل كل مواطن خفيراً ما يساعد على التدخّل السريع حيث يجب وتوقيف المجرمين وضبط المخالفات».
وعمّا تحقق على مستوى العمليات الإستباقية لفت عثمان الى»أنها كانت سمة المرحلة الأخيرة، فالتنسيق القائم بيننا وبين الجيش والأمن العام وأمن الدولة حقق كثيراً من الإنجازات خصوصاً على مستوى تفكيك الشبكات الإرهابية ومنعها من عمليات كان سيسقط نتيجتها أبرياء كثيرون».
وقال: «لا أخفي أنّ الدعم الذي تلقّيناه من أكثر من جهة دولية وإقليمية كان نتيجة هذه العمليات التي عجزت عنها دول كبرى فسارعت الى دعمنا ليس كُرمى لعيوننا بل لأنّ ما قمنا به شكّل إنجازاً عجزت عنه، ولأننا نعمل «صح» بجهد وشجاعة كبيرَين».
وفي ردّه على سؤال عن حجم التنسيق بين القوى العسكرية والأمنية كشف عثمان مضمونَ لقاءٍ جمعه بأحد السفراء جاءه للبحث في حاجات قوى الأمن «فدعوتُه الى التركيز على دعم الجيش اللبناني وتسليحه. وعندما كرّر أنه يتحدّث عن دعم قوى الأمن، أجبته: «إدعموا الجيش فتصلنا حقوقنا كأجهزة أمنيّة كاملة».
وفي اعتدادٍ ملحوظ يقول عثمان: «نحن شعبٌ ذكي نمتلك قدراتٍ كبيرة قادت الى ما أُنجز واستحقّينا تهاني كثيرين من المسؤولين الدوليين». وأضاف: «نحن نعيش في نعمةٍ حُرمت منها دولٌ ومجتمعاتٌ أخرى وهو ما عبّر عنه عدد كبير من السفراء الأجانب الذين خدموا في لبنان وعادوا اليه ليمضوا فتراتِ النقاهة، وعلى عكس ما قال بعض التقارير نحن احترمنا وما زلنا نحترم حقوق الإنسان، ونتميّز باعتمادنا في غرف التحقيق والاستجواب والتوقيف المواصفات العالمية التي تفتقر اليها دولٌ كبرى وهو أمرٌ أثبتناه أمام مَن يجب أن يتأكّدوا من ذلك».
ويؤكد عثمان أن «ليس من مهمة قوى الأمن حلّ أزمة السير، لكنّ تنظيمَه من مهماتنا. والى ذلك نحن ضابطة إدارية وعدلية في آن، نوقف المجرمين والعملاء ونحقق معهم ونضبط إفاداتهم والبقية على عاتق القضاء وهو أمرٌ يجب أن يفهمَه الناس فلا تلتبس عليهم الأدوار والصلاحيات».
والى ذلك يرفض عثمان الحديث عن وقف المخصّصات المالية لشعبة المعلومات وما تعانيه المديرية من أزمة مالية ولا سيما منها مشكلة الإستشفاء مع المستشفيات طبابة، ويعتبر «أنّ الربط والحلّ بها هو للقرار السياسي»، مشيراً الى «أنّ الوزراء المعنيّين يعالجون هذا الموضوع».
كذلك يرفض الحديث عن إشكالات ضمن مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي ويتحدث عن «مجلس قيادة متجانس، أعضاؤه الأحد عشر يقومون بمهماتهم ويتّخذون القرارات وفق الصراط المستقيم، وما هو مطلوب اليوم دعمكم لنا وللمؤسسات العسكرية والأمنية لنحقق ما أقسمنا من أجله يمينَ الولاء للبنان».
(الجمهورية)