»ما وعدتُ به تحقّق».. هكذا علّق المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على توقيف الفلسطيني خالد محمد مسعد المعروف بـ»السيد» (مواليد 1988، عين الحلوة، والدته سميرة)، من داخل مخيّم عين الحلوة، وهو الرأس المدبِّر في «شبكة الربيع» بتفجيرات «شهر رمضان» الإرهابية.
وشدّد اللواء إبراهيم على أنّ «الإرهابي السيد هو الرأس المدبِّر واللوجيستي في الوقت عينه لعملية رمضان الإرهابية، وهي أوّل عملية يخرج فيها حزام ناسف من عين الحلوة، فهو يملك أكثر من حزام ناسف، وقد قامت الفصائل الفلسطينية بإلقاء القبض عليه بطريقة لا يمكننا الكشف عنها، وسلّمته إلى القوى الأمنية عند مدخل عين الحلوة»، مشيراً إلى أنّ «حادث تسليم الإرهابي السيد ليس تفاوضاً مع الفلسطينيين».
أكد اللواء إبراهيم “إنّنا مستمرون في التنسيق مع القوى الفلسطينية حتى الوصول إلى كل الرؤوس المطلوبة في عين الحلوة».
وإذ جزم اللواء ابراهيم ببأننا والفلسطينيون كنّا طرفاً واحداً في موضوع تسليم خالد السيد، الذي كان يخطّط لعمليات إرهابية من طرابلس وصولا إلى الجنوب»، لفت إلى أنّ «القوى الارهابية لا تنتظر فرصة لتفجير المخيّم، فخلال الثلاثة أشهر الماضية، قامت هذه القوى يومياً بعمليات لتفجيره من دون انتظار حادث كبير».
وتنفرد «اللـواء» بنشر أوّل صورة للموقوف السيد، وأخرى عن بطاقة هوية اللاجئين الفلسطينيين الخاصة به.
مخطّط الشبكة
مخطّط الشبكة كان يهدف إلى تنفيذ عمليات انتحارية في الضاحية الجنوبية من بيروت وصيدا والنبطية والجنوب وصولاً إلى الشمال، عبر تفجير مطاعم ومرافق عامة وشخصيات، وأنّ المنفّذين الإرهابيين والانغماسيين من الجنسية اليمنية، ومهمة السيد، كانت لوجستية بتزويدهم بالأحزمة الناسفة لتنفيذ تفجيرات رمضان الإرهابية، حيث اُفشِلّ المخطّط قبل وقوع الكارثة.
وقد تمكّن أحد ضبّاط الأمن العام من التواصل مع أفراد من المجموعة الإرهابية، مدعياً بأنّه ينوي الجهاد معهم، دون أنْ يعرفوا انتماءه، قبل أنْ يتم استدراجهم، وإلقاء القبض على 7 من أفراد «خلية الربيع»، اعترفوا بالمخطّط.
السيد إبن الـ29 عاماً، الذي تنقّل من بيع الخضار إلى الحلويات، لم تكن له صور متداولة، وكان إلى ما قبل فترة غير ملتزم دينياً، بل كان سلوكه عادياً، وهو غير متعلّم، ولم يرخٍ لحيته، بل كانت في بدايتها.
وكان قد توجّه إلى سوريا مرّات عدة للقتال مع «داعش» قبل العودة إلى مخيّم عين الحلوة، حيث عمل لصالح التنظيم الإرهابي، وكان على اتصال دائم مع قيادته في الرقة، ومهمته لوجستية بتجنيد إرهابيين وانغماسيين وتزويدهم بأحزمة ناسفة، وبعض هذه العمليات الإرهابية نُفّذت، وأخرى تم إحباط مخطّطتها.
عملية توقيف السيد التي تأتي في إطار الخطوات الاستباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية، تركت ارتياحاً لبنانياً وفلسطينياً، وحملت جملة من الرسائل في التوقيت والأهداف والمعطيات والأسلوب:
– إنّ اللواء إبراهيم أكد اللجوء إلى أساليب منها «القوّة الناعمة»، التي أعطت ثمارها بالتنسيق مع الفصائل والقوى الفلسطينية، والضغط عليها لتسليم السيد، بعد إطلاعها على معلومات وأدلّة واعترافات موثّقة بتورّطه مع «داعش»، حيث وافقت الفصائل الفلسطينية كافة على قرار التسليم.
– إنّ اللواء إبراهيم أعلن بتاريخ 10 حزيران الماضي، عن «شبه استحالة للدخول إلى مخيّم عين الحلوة، وإلقاء القبض على السيد»، مشدّداً على أنّ «كل مَنْ اشترك في العملية ستطاله يد الأمن أينما كان، لأنّ الإرهاب لا يفرّق بين منطقة وأخرى أو طائفة وأخرى، والمناطق المستهدفة يقطنها الجميع».
– إنّ العملية المدروسة تمّت دون إراقة دماء، بل بعمل أمني نظيف جداً.
– تولّت المهمة «عصبة الأنصار الإسلامية» وحركة «حماس» بالتنسيق مع الفصائل بعد رصد وتحديد مكان تواجد السيد بين منطقة الرأس الأحمر والمنشية والصفصاف، حيث تم توقيفه عند الخامسة والنصف من فجر السبت، قبل نقله وتسليمه إلى حاجز الجيش اللبناني عند المدخل الغربي للمخيم (الحسبة).
– إنّ الفصائل الفلسطينية مع الأمن والاستقرار في لبنان، وترفض رهن أمن 100 ألف شخص من أجل مجموعة أشخاص، وأيضاً أنْ تحوّل المخيّمات إلى منطلق أو مقر للإرهاب، وتهديد أمن المخيمات أو لبنان.
– التنسيق مع مخابرات الجيش، التي تسلّمته، ومن ثم سلّمته إلى الأمن العام للتحقيق معه بناء لإشارة القضاء المختص.
– تزامناً مع مداهمات الجيش لمخيّمات النازحين السوريين في عرسال، حيث جرى توقيف عدد كبير من المتورّطين بأعمال إرهابية، وكانوا مزوّدين بأحزمة ناسفة، قام بعضهم بتفجير أنفسهم خلال المداهمات.
– الخشية من انتقال أعداد من مقاتلي «داعش» الذين تفرّقوا في سوريا، إلى لبنان، ومنها المخيمات الفلسطينية.
– المخطّط كان يهدف إلى تفجيرات إرهابية في الضاحية الجنوبية ومدينة صيدا والجنوب، ومنها تفجير انتحاري متتابع خلال إفطار رمضاني يُقام في أحد مطاعم الضاحية الجنوبية، وتفجير انتحاري يستهدف إمام «مسجد القدس» في صيدا الشيخ ماهر حمود لدى خروجه من منزله إلى المسجد لأداء الصلاة.
سؤال يُطرح عمّا إذا كانت خطوة تسليم السيد من قِبل القوى الفلسطينية، مؤشّراً على تسليم مطلوبين تتأكد بحقهم اعترافات وفق أدلة تثبت تورّطهم بجرائم إرهابية، هو ما ستكشف عنه الأيام المقبلةَ!
وكان مخيّم عين الحلوة قد مرَّ بتجربة مماثلة، حين جرى تسليم اللبناني بديع حمادة «أبو عبيدة» (16 تموز 2002) بعد قتله 3 عسكريين في صيدا، ولجوئه إلى المخيّم والاحتماء لدى «مجموعة الضنية» والطرابلسيين، قبل أنْ تنجح الوساطات والاتصالات اللبنانية والفلسطينية بتسليمه.
كما جرى تسليم عدد من المطلوبين والمخلّين بالأمن في فترات متعدّدة، وأُخلِيَ سبيل العديد منهم بعد الانتهاء من التحقيقات معهم أو تنفيذ الأحكام بحقهم.
(اللواء)