خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
في زمن الحرب، لا أعرف كيف اتّفق 10 نواب من مختلف القوى السياسية على “كوتا نسائيّة” في الإنتخابات البلدية القادمة، وهم عاجزون من جهة عن إجراء الإستحقاق البلدي بالأساس، حيث قاموا بتأجيله من أيّار 2023 إلى أيّار 2024، كما هم عاجزون من جهة أخرى عن التوافق على حصريّة قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية، وليس بأيدي حزب الله وطهران وقوات الفجر وطلائع طوفان الأقصى، وكلّ من يحلو له أن يطلق صاروخاً على “العدوّ الغاشم”!
10 نواب وقّعوا على الإقتراح، وهم: سيمون أبي رميا، سامي الجميل، هادي أبو حسن، الياس حنكش، بلال عبد الله، عناية عز الدين، ندى البستاني، راجي سعد، نجاة عون وحليمة قعقور، أي من مختلف الأحزاب السياسية، وذلك خلال مؤتمر نظّمه كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة “فيفتي فيفتي” بتمويل من الاتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
والإقتراح الذي أعدّه الخبراء مديرة منظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان، الدكتور بول مرقص والخبير في الإنتخابات محمد شمش الدين، ينصّ على تخصيص كوتا بنسبة 30% من المقاعد في مجالس البلديات التي تضمّ 9 و12 عضوًا، وكوتا بنسبة 50% في البلديات التي تضمّ 15، و18، و21، و24 عضوًا.وسيؤدّي ذلك إلى تمثيل إجمالي للنساء يقدّر بحوالي 40% في جميع البلديات.
ولكن كما قيل “الشيطان يكمن في التفاصيل”، كذلك يمكن القول أنّ شيطان هذا الإقتراح سيكمن في كيفية التطبيق المتساوي لهذا الإقتراح بين جبيل ومشمش عكار مثلاً، أو بين جونيه ومدينة المنية التي تضمّ بلديّتها 24 عضواً، وقد حلّ مجلسها الحالي بسبب صراعات عائلية على مركز الرئاسة، وسبق أن ترأسها من أجبر الأعضاء على عدم الحضور الى مبنى البلدية، مستعيضاً عن ذلك بالمراسيم الجوّالة، إذ كان شرطيّ البلدية يدور على منازل الأعضاء للتوقيع شبه القسري على ما يراه “الرئيس” مناسباً؟
وهناك تساؤلات عديدة:
هل تشمل الكوتا نصف المقاعد في بلدية طرابلس أو الميناء، أو أنّ الكوتا تقتصر على الترشح ضمن اللوائح، بأن تضمّ كلّ لائحة نصف أعضائها من المرشحات..وماذا لو أنّ لائحة لم تجد العدد الكافي من النساء؟
إذا كان القانون يقضي بالنجاح الإلزامي لنصف أعضاء المجلس من النساء المرشّحات، فهل يعني ذلك الفوز بالتزكية إذا ما كان العدد يوازي أقلّ من النصف، وهل يعني ذلك أنّ مرشّحاً ذكراً سيخسر ولو نال آلاف الأصوات، لتنجح مرشّحة بمئات الأصوات، ليس إلّا؟
كيف تتعامل وزارة الداخلية مع القانون إذا ما امتنعت النساء عن الترشّح في بلدة أو قرية ما، بما أنّ المدن ستشهد حكماً أعداداً من المرشّحات؟
مجلس النواب وبعض الجمعيات النسائية يحاولون أن يقفزوا فوق الواق، وهذا يسمّى “ترف سياسي” في غير مكانه وزمانه.وما يؤكّد ذلك هو القراءة الجادة في النتائج الإنتخابية السايقة، حيث لم تتجاوز نسبة النساء الفائزات ال5 بالمئة:في الانتخابات البلدية لعام 2010 تمثلت النساء 4.6 % فقط في المجالس البلدية، في حين شهدت انتخابات عام 2016 زيادة طفيفة لتصل إلى 5.4% من مقاعد المجالس البلدية، حيث لا يزال لبنان في أدنى تصنيف من التمثيل السياسي للمرأة في جميع أنحاء العالم.والحلّ لن يكون أبداً في أيّ شكل من أشكال الكوتا، بل يمكن أن يأتي بالتدرّج مع الوعي والتحرّر والوصول الى دولة حقيقية في وطن حقيقي!