الياس الديري:
بصراحة تامّة، ومرّة أخرى، يؤكِّد محدِّثي المطّلع جدّاً أن على الأفرقاء المعنيّين بالانتخابات النيابيَّة وقانونها قراءة ما بين سطور مشروع النسبيَّة الكاملة، وما إذا كان الفراغ قد أصبح غاية وهدفاً، بكونه بذاته؟
فالمسألة فيها وما فيها، إذا ما قورنت الانتخابات النيابيَّة بالانتخابات الرئاسيّة، وبـ”التجربة” الأولى في “علم” الفراغ إبّان تأليف حكومة تمّام سلام.
من الصعب افتراض سوء النيّة، أو حسن النيّة، في كل ما يحصل حيال الاستحقاق النيابي والقانون “المعجزة” الذي قد تتبدّى طلائعه و”حالاته” وما يُطبخ له اليوم، أو في الآتي من الأيّام والأسابيع والشهور.
و”المطّلع” لا يعتقد أن المشكلة ستنتهي مع الاتفاق على قانون جديد، فيما إذا سلَّم الجميع بالبصم على صيغة النسبيّة الكاملة الشاملة. إذاً، إلى أين تأخذ البلد والجمهوريّة والنظام هذه الفرضيّة في حال عدم توقُّف الأزمة المستجدّة، وانتهائها بمجرَّد تسليم مجمل الأفرقاء أو معظمهم بقانون النسبيَّة؟
الاحتمالات متعدِّدة، ومفتوحة على ما يمكن أن يشكِّل مفاجآت صادمة، في حال عدم التوصُّل إلى توافق “معتدل” على قانون لا يُرضي مئة في المئة ولا يُغضب مئة وخمسين في المئة.
في التداول السياسي خلف الأبواب المغلقة بدأت الهواجس تقدِّم نفسها بصيغ مختلفة: منها ما يذهب إلى حد إعلان القلق من احتمال إعادة النظر في تركيبة الجمهوريَّة المشلَّعة، والذهاب إلى ما نصّ عليه اتفاق الطائف، لكنّه لم يُنقل إلى مضمون الدستور. ومنها من يرى أن لبناننا ولّى زمانه.
ما يُذاع ويُشاع في هذا الصدد أكثر من أن يُحصى. وثمة مَنْ لا يتردّد في التأكيد أن “أزمة القانون” كانت جاهزة من زمان، ومدعَّمة باقتراحات ونصوص عرقوبيَّة، سعياً إلى “أبعد” بكثير من التأجيل والتأخير والتعطيل… بلوغاً بيت القصيد: الفراغ النيابي الذي سبق للرئيس برّي أن حذَّر منه ومن نتائجه.
وللمناسبة، ردَّ أمس على موقف لـ”التيّار” غاضباً: “رفض التمديد التقني بمثابة تمهيد لحدوث فراغ في المجلس والمؤسّسات الدستوريّة”.
لنضع كل هذه الاحتمالات جانباً. على افتراض أن المساعي الحميدة التي يبذلها الرئيس برّي ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أوتيت ثمارها. أو حصلت أعجوبة من غيمة كغيمة هارون الرشيد. وصار للبنان قانون انتخاب جديد… هل في الإمكان النوم على حرير، والشروع في تهيئة البلد وإعداد العدّة لإجراء الانتخابات في موعدها، مثلاً؟
أو بعد ستّة شهور؟ ربّما سنة؟ ربما…
بصورة عامة، القلق يُهيمن ويُسيطر ويخيِّم، فوق الناس والجمهوريَّة والانتخابات!