خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
بعد حادثة مقتل منسق حزب القوات اللبنانية في مدينة جبيل باسكال سليمان؛ عادَ شبحُ الحرب الأهلية فوق سماء لبنان يلوح بقوة، خصوصًا بعد التوتر الكبير الذي ساد مناطق بيروت وجبل لبنان، وشروع بعض الشبان بالاعتداء على النازحين السوريين وإنذارهم بضرورة إخلاء منازلهم ومحالهم التجارية في عدد من المناطق التي تشهد غضبًا عارمًا مما هو مسجّل بالصوت والصورة عبر فيديوهات انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيه البعض أصابع الاتهام إلى الجهة التي تمتلك السلاح في ارتكاب هذه الجريمة النكراء، والتي تضاربت فيها الروايات دون كشف الحقيقة كاملةً، ما جعل البلد كله على فوّهة بركان لا يُدرى متى ينفجر.
في البداية، وبعد كشف ملابسات الجريمة نتيجة اعتراف الموقوفين بكامل التفاصيل، وتبنّي الدولة للرواية التي تقول أن الحادثة هي فعل جنائي هدفه السرقة فحسب، يتبيّن لأيّ مستبصر على قدرٍ يسيرٍ من الذكاء أن هذه الجريمة لا يمكن أن تكون جريمة سرقة على الإطلاق لأسباب عديدة، أبرزها أن لو كانت كذلك لأخذ الفاعلون السيارة وتركوا المغدور كونه لم يقاوم حسبما أفاد رفيقه الذي كان يخابره صدفة على الهاتف، ولنفترض أنه قاوم؛ كان من الأسهل قتله في مكانه وأخذ السيارة، أما أن يُقتل ويُذهب بجثته إلى سوريا ثم يُرمى بهذا الشكل، فهذه عملية تصفية واضحة، وراءها رسائل سياسية مخيفة للمعارضة اللبنانية والسياديين ككل.
ثمّ أما بعد، فقد كشفت القوى الأمنية أن مرتكبي الجريمة هم عصابة سرقة من التابعية السورية؛ انا اليوم أريد أن أسأل سؤالًا واضحًا: أيّ نازح سوري _وأشدد على كلمة نازح_ يستطيع التجول في البلد بهذه الطريقة، ويجتاز العشرات من الحواجز الأمنية والعسكرية اللبنانية والسورية، بالإضافة إلى الحواجز التي تقع في مناطق السلاح المتفلّت وعصابات التهريب والمخدرات على الحدود اللبنانية السورية، والتي كلنا يعلم هي تحت سيطرة ونفوذ مَنْ؟.. إنَّ النازح السوري اليوم حتى ولو كانت أوراقه نظامية يخاف اجتياز أي حاجز في لبنان، بل يتجنّب ذلك تجنُّبًا.
بالمختصر، النازح السوري اليوم “يريد سلته بلا عنب”، والفاعل الحقيقي لهذه الجريمة يريد إشعال فتنة كبيرة لا تبقي ولا تذر في البلد عبر تسعير الاحتقان الطائفي والحزبي، وتأجيج الصراع العنصري بين اللبنانيين والنازحين، بهدف جرّ لبنان إلى حرب مذهبية أهلية طاحنة، خاصةً أن المنطقة كلها تغلي حولنا بشكل غير مسبوق، وساحة لبنان أصبحت مهيّئة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولم يتبقَّ إلا الشرارة الأولى التي ستُشعل الوضع وتنسف البلد عن بكرة أبيه، فهل تكون جريمة مقتل باسكال سليمان هي تلك الشرارة؟