تكشف أوساط نيابية مطلعة، أن زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى المملكة العربية السعودية تشكل محطة أولى في سياق حراك رسمي سيقوم به رئيس الحكومة باتجاه دول مجلس التعاون الخليجي التي سيزورها في المرحلة المقبلة. وبصرف النظر عن نتائج زيارة رئيس الحكومة الى الرياض على المستويين الداخلي والخارجي، فإن هذه الزيارة قد أتت بعد مرحلة من الإتصالات التي قامت بها شخصيات لبنانية قريبة من القيادة السعودية، وأصدقاء للرئيس الحريري في لبنان وخارجه، في موازاة دعم فرنسي لافت لعملية ترميم الجسور ما بين رئيس الحكومة والمملكة. وتعتبر هذه الأوساط، أن هذه الزيارة شكّلت محطة نوعية في العلاقات اللبنانية ـ السعودية بشكل عام، إلى جانب العلاقة التي بدأت تعود إلى طبيعتها ما بين شارع تيار «المستقبل» والقيادة السعودية، لافتة إلى انها ستترك أصداء واضحة على الساحة اللبنانية الداخلية، وذلك انطلاقاً من الذي سيحمله معه الحريري من نتائج سياسية بالدرجة الاولى الى جانب الدعم الخليجي للبنان وليس فقط من السعودية في المؤتمرات الدولية التي ستعقد من أجل لبنان.
كذلك فان الاستحقاق الانتخابي سيتأثر بشكل كبير بالنتائج التي سيعود بها رئيس الحكومة، كما تؤكد الاوساط التي لفتت الى أن الانعكاسات الاولية بدأت تظهر في كواليس «المستقبل» وستظهر تباعاً من خلال عملية نسج التحالفات التي سيقوم بها الحريري في الايام المقبلة والتي ستحمل دلالات واضحة على المسار الذي سيسلكه كما على طبيعة المرحلة السياسية وعلى تموضع «المستقبل» داخل الحكومة وليس فقط في الانتخابات.
وفي هذا المجال وجدت الاوساط نفسها أن القراءة المحلية للتحول في العلاقة ما بين الرياض والحريري، لا تأخذ في الاعتبار الا تأثيرها على الخارطة السياسية، اذ أن تموضع شارع وتيار «المستقبل» في موقع متحالف بشكل وثيق مع «التيار الوطني الحر» في الحكم كما في الاستحقاق النيابي، لن يتأثر كما تشدد الاوساط، بكل مايجري على مستوى العلاقة الخاصة بين السعودية ورئيس الحكومة. ولذلك فقد لفتت الاوساط الى أن الحريري سيضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في أجواء محادثاته ونتائجها مؤكدة أن التنسيق الوثيق بين الرئاستين الاولى والثالثة، يطال كل الملفات خصوصاً تلك التي تتعلق بالروزنامة السياسية الداخلية وبالاستحقاقات الخارجية.
وفي سياق متصل، أوضحت الأوساط النيابية نفسها، أن موفد المملكة إلى لبنان المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، سيعود خلال فترة قريبة إلى بيروت، وذلك بهدف استكمال مهمته التي توقّفت بسبب مرافقته الرئيس الحريري إلى الرياض، مع العلم أن الدعوة الرسمية التي حرص عليها الرئيس الحريري لزيارة المملكة، هدفت إلى إعطاء الإشارة الإيجابية بانطلاق مرحلة جديدة، وذلك بعد أربعة أشهر من انقطاع الحريري عن زيارة المملكة للأسباب التي باتت معروفة. وبالتالي، اعتبرت أن الرسائل التي أراد الرئيس الحريري، كما تياره وقياداته، ومن خلال التحركات في الشارع التي سجّلت غداة العودة عن الإستقالة، قد تمحورت على تظهير صورة الزعامة السنّية لرئيس الحكومة، والتأكيد على دوره أمام قيادة السعودية.
لكن هذا الواقع يطرح أكثر من علامة استفهام حول مرحلة ما بعد ترميم جسور العلاقة بين «المستقبل» والسعودية، وذلك نظراً للتأثير الكبير على أداء الحكومة، كما على الإنتخابات النيابية، بحسب ما تشير إليه الأوساط النيابية، والتي وجدت أن الخلاصة الثابتة من الخطوة السعودية، هي أن الرياض قد عادت عن خيارها السياسي السابق تجاه الحريري، وقدّمت له مجدّداً، وبصورة رسمية وبعيداً عن أية شروط، الدعم الذي كان ينشده. وأوضحت أن هذا التحوّل سيترك بصمات لافتة على علاقة بعض القيادات السياسية في الشارع السنّي، والتي بدأت تستشعر في الأيام الماضية ملامح التغيير الآتي.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فقد توقّعت الأوساط النيابية المطّلعة ذاتها، أن تفرض زيارة الرياض نفسها، على أجندة الحريري الإنتخابية لجهة الإقتراب من التحالف مع قيادات سابقة في 14 آذار، أو لجهة الإستمرار في خيار خوض الإنتخابات بشكل منفرد، ولكن في موازاة التفاهم والتعاون مع «التيار الوطني الحر»، وهو ما كان يجري قبيل أيام من تلقّيه الدعوة الرسمية السعودية.
(الديار)