تتراحم اللاءات على أبواب القوانين الانتخابية المقترحة، فيما طُوقّت «النعم» المنتظرة، لهذه القوانين، وسط تساقط أيام المُهل الدستورية على طريق الخامس عشر من مايو، حيث موعد الجلسة التشريعية التمديدية لمجلس النواب، وفق توقيت رئيس المجلس نبيه بري.
«لاء» وحيدة تحظى بالإجماع، وهي اللا للفراغ التشريعي، الجميع يعلن رفضه بلوغ مجلس النواب اللبناني هاوية الفراغ، أي ان يحل الحادي والعشرين من يونيو، تاريخ نهاية ولاية المجلس الممدد له، دون انتخاب مجلس نواب جديد، لكن ليس من يعمل لاستدراك ذلك جديا. هناك إجماع وحيد على رفض الفراغ.. والجميع يلتزم بحدود مواقفه.
وقد طمأن الرئيس ميشال عون اللبنانيين الى أنه حتى العشرين من يونيو المقبل، بالامكان وضع قانون جديد للانتخاب ولا فراغ في المؤسسات، ولا تمديد على الاطلاق، حتى لدقيقة واحدة. وسأل: من باستطاعته أن يجزم لنا بأننا اذا مددنا لهذا المجلس، فلن يقوم هذا الاخير بالتمديد لنفسه مرة رابعة؟!
لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي غابت الزيارة الاسبوعية، التقليدية له الى القصر الجمهوري في بعبدا، عن جداول نشاطاته، منذ احتفالات عيد الاستقلال في نوفمبر الماضي لديه لاءاته القاطعة أيضا، فهو يعتبر النظام الانتخابي التأهيلي على الاساس الطائفي، الذي يطرحه الوزير جبران باسيل «مخالف للدستور وضرب للعهد».
وفي هذا المضمار، تقول قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله، انه وطبقا لمعلوماتها، فإن رئيس الحكومة سعد الحريري وافق على التأهيل ومقتنع بالنسبي، وكذا التمديد.
وواضحة مراعاة الرئيس الحريري لتوجهات ونهج الرئيس ميشال عون، وحرصه البالغ على مماشاته في شتى الاتجاهات، مع تجنبه إغضاب الآخرين، فهو مع التأهيلي الذي يرضي أجواء رئيس الجمهورية ومع النسبية التي يطالب بها حزب الله ويجاريه بشأنها رئيس مجلس النواب، ومع التمديد التقني للمجلس عند الضرورة، وليس ضد قانون الستين، في حال الرجوع اليه كمخرج أخير، وفق البطريرك بشارة الراعي.
على أن هذه «النعم» الواسعة من جانب رئيس الحكومة، تقلق بعض الاوساط السياسية، أكثر مما تطمئنها، وتقول هذه الاوساط لـ «الأنباء»: ان الموافقة على مشاريع أو صيغ قانونية متنافرة تعكس القناعة بأن الحلول مازالت بعيدة، فلماذا حسم المواقف وتسويد الوجوه؟!
لكن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الذي هو أحد أقطاب «تيار المستقبل»، قال بعد لقائه الرئيس بري، ما بدا ردا على قول الرئيس عون: «ان هذا المجلس لن يمدد لنفسه دقيقة واحدة»، «اذا كان التمديد ممنوعا، فإن الفراغ جريمة وعلينا الاختيار بين المر والأمر..».
عمليا، الاستحقاق الانتخابي يراوح مكانه، فقبل عشرين يوما من 15 مايو، لا يبدو في الأفق ما يشير الى إمكان إحداث خرق.
مصادر سياسية رأت لـ «الأنباء» أن البلد يتخبط في المأزق، الجميع التزموا حدود المواقف، وكل منهم ينتظر تراجع الآخر، الفراغ سقطة سياسية ووطنية لا توفر أحدا، وقانون الستين انتكاسة للعهد، والتمديد طعنة للديموقراطية اللبنانية، وهكذا يتساوى الجميع بالعجز، وبالتردي
في هاوية الفشل، ويصبح الانتظار خيار الجميع الوحيد، انتظار كلمة سر من جهة ما، وبلغة ما، قادرة على حمل الطبقة السياسية اللبنانية على الإنصات والتلبية.
ومن علامات هذا الوضع المتأزم، غياب مجلس الوزراء عن الاجتماع للأسبوع الثاني على التوالي، حيث وجد رئيس الحكومة ما يفعله بترؤسه اجتماعا للجنة معالجة أزمة النفايات.
وزير الخارجية جبران باسيل، اعتبر أن قانون الستين هو الوجه الآخر للتمديد، وقال بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح: لن نرفض النسبية، ويجب الأخذ بصوت المسيحيين في عين الاعتبار، واليوم الهجمة هي لإسقاط «التأهيلي»، منتقدا اهدار الوقت على مجلس الشيوخ ونحن لسنا متفقين على نسبية واحدة.
والضمانة الوحيدة لجميع اللبنانيين هو قانون انتخابات مثياقي، وهدفنا صحة التمثيل.
النائب إبراهيم كنعان وردا على سؤال لإذاعة «صوت لبنان» حول معنى إسقاط الرئيس ميشال عون «لاء» قانون الستين في تصريحه أمس، فأجاب بالسؤال: من أسقطها؟ وأضاف: اننا نتعرض لحملة، موقف الرئيس من «الستين» واضح كالشمس.
من جانبه، وزير العدل السابق أشرف ريفي دعا بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة، دعا المجتمع المدني الى العصيان في حال لجأت السلطة الى التمديد لنفسها من خلال التمديد لمجلس النواب، ملاحظا «ان كل فريق من فرقاء الحكم يريد تفصيل قانون الانتخابات على قياسه، مؤكدا أن الحل الوحيد هو بالانتخاب».
وفي غضون ذلك، شلت الحركة على الطرقات الدولية من وإلى بيروت طوال قبل ظهر أمس، وسجلت زحمة سير خانقة حالت دون وصول العديد من المواطنين الى مراكز عملهم، وشملت الزحمة الطريق القديم لمطار رفيق الحريري الدولي، وذلك بسبب إقفال هذه الطرق بواسطة الشاحنات العاملة، نقل الرمول والحصى، احتجاجا على إغلاق الحكومة للمرامل والكسارات لمدة شهر.
ونشبت اشتباكات بين سائقي الشاحنات وركاب السيارات العابرة، ما جعل وزير الداخلية نهاد المشنوق يدعو مجلس الأمن الداخلي المركزي الى الاجتماع، حيث أعلن أنه لا إقفال لأي طريق اعتبارا من صباح اليوم الخميس.
وقال المشنوق إن الطرقات فتحت في جميع المناطق اعتبارا من ظهر أمس، ولم ينف وجود ضغوط سياسية في الأمر، لكنه أعطى للسائقين حقهم في الحفاظ على لقمة عيشهم، وتمنى على الرئيس ميشال عون أن يعقد جلسة لمجلس الوزراء لبحث هذه القضية بمعزل عن قانون الانتخابات وتعقيداته.
بدوره، وزير الطاقة سيزار ابي خليل، أعلن رفضه تثبيت مياومي كهرباء لبنان، ما يزيد من المراكز الشاغرة، وقال: في هذا العهد لن تقفل وزارات والنيابة العامة ستتحرك.
ولاحقا علمت «الأنباء» أن الرئيس عون اتصل بالوزير المشنوق وطلب اليه فتح الطرقات كلها، مبديا استعداده للجوء الى الجيش من أجل هذه المهمة، مطالبا بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن المركزي.
(الانباء الكويتية)