خاص Lebanon On Time – خالد أبو شام –
لا يزال الغبن الذي يطال الأساتذة والمعلمين مستمرًّا في هذه الدولة التي لا يحترم مسؤولوها قداسة هذه المهنة ولا يعرفون مقدار عظمتها في بناء الأوطان والمجتمعات، فها هو المعلم يُحترَم في مختلف دول العالم إلا في لبنان الذي نخر دولته الفساد بالكامل، والتي يعاني الأساتذة في ظلها أبشع أنواع الظلم والانتقاص، من خلال هضم حقوقهم، وسرقة أموالهم في البنوك، وسلب قسم كبير من رواتبهم عبر التلاعب بسعر صرف الدولار مقابل الليرة والعمل على انهيار قيمة العملة الوطنية، وبالتالي تدهور القدرة الشرائية لكل الموظَّفين وأصحاب الدخل المحدود.
إن قطاع التربية والتعليم هو من اكثر القطاعات الحسّاسة في الأوطان وأكثرها حيويةً، ومن هنا تبدأ عمليتي الإصلاح و الانهيار. ففي لبنان، ثلاثة عقود مرت والقطاع التربوي يعاني ويكافح لوحده دون أن تتطلع إليه الدولة، بل بالعكس فقد عملت الحكومات المتعاقبة على سلب حقوق هذا القطاع موسمًا بعد موسم، واعتبرته الحلقة الأضعف في البلد حتى جرّدته من كامل امتيازاته، ورمت بطاقمه التعليمي المميز والذي كان محط أنظار الشرق الأوسط؛ إلى شفير الهاوية، حتى بات الأستاذ اليوم لا يستطيع تأمين قوت يومه، ولا يستطيع تعبئة صفيحة بنزين ليصل إلى عمله_ اللهم إذا كان يملك سيارة _، بعد أن فنيَ عمُره وعمُر أهله حتى يتمكنوا من تعليمه.
وفي هذا السياق، وبعد أن بات الأمر لا يطاق أبدًا، لم يجد الأساتذة في المدارس الرسمية إلا أن يعلنوا الإضراب العام ويتوقفوا عن التعليم إلى أن يعمل المسؤولون على إيجاد مخرج لهذا الوضع الخانق الذي بات لا يُحتمل، ونتيجة لذلك، فإن آلاف الطلاب والتلاميذ في المدارس الرسمية يمكثون لفترة طويلة في بيوتهم بعد توقف التعليم، الأمر الذي يُنذر بكارثة كبرى في المجتمع، وخاصةً في ظلّ أزمة اقتصادية مُرعبة، و ازدياد معدلات الجريمة بشكل مخيف جدا، إلا أن المنظومة الحاكمة لم تحرك ساكنًا حتى الآن، ويبدو أن لا يعنيها الأمر من قريب ولا من بعيد، فها هي جلسة مجلس الوزراء التي دُعيَ إليها للنظر في واقع التعليم و الأساتذة يتعذّر انعقادها بسبب الانقسام الشديد على دستوريتها بحسب رأي البعض، فيما الشعب اللبناني يتلوى تحت صفيح الأزمات والمحن، فمتى سيشعرون؟!