خاص Lebanon On Time – خالد أبو شام
ها هي الليرة اللبنانية تتهاوى أكثر فأكثر مقابل الدولار الأسود الذي تجاوز ٤٥ ألف ليرة في السوق السوداء، ، تاركًا خلفه فجوةً كبيرة في الحياةِ المعيشية للمواطن اللبناني الذي هو أساسًا عاطل عن العمل، وإذا كان يعمل؛ فراتبه لا يساوي بضع دولارات شهريا لا تكاد تكفي أجرة مواصلات.
ويأتي هذا الارتفاع الصارخ للدولار في مرحلة حرجة جدا من تاريخ لبنان، تعاني فيها الدولة من شلل تام في كل أجهزتها، بعدما قضى عليها أرباب الفساد على مدار عقود من الزمن، فباتت كالجثة الهامدة، لا تستطيع فعل أي شيء من شأنه التخفيف عن شعبها الذي وصل إلى مستويات قياسية في الفقر؛ جرّاء انهيار القدرة الشرائية بشكل غير مسبوق، والذي سبقه ارتفاع جنوني بكافة الأسعار والسلع على رأسها المحروقات.
في أي مستنقع نعيش نحن، وفي أي جحيم نستقرّ؟ فكلّ ما حولنا يتهاوى وكل ما لدينا يسقط ولا يوجد مَنْ يحسّ أو يتحمل بعض مسؤولياته تجاهنا! ها هي الدولة المنهوبة اليوم بكامل مؤسساتها وإداراتها عاجزة عن ردع العصابات المتحكمة برقابنا ولقمة عيشنا، وأخص بالذكر عصابات الدولار والصيرفة الذين يمسكون بأعناق شعب بأكمله من خلال رفع الدولار وخفضه وفقًا لاعتبارات ومصالح باتت مكشوفة لدى الرأي العام، وما يترتب على ذلك من ارتفاع في كافة أشكال الحياة في هذا البلد الجريح الذي أصبح شعبه يتسوّل لتأمين قوت يومه، والذي تخلى مجبَرًا عن كثير من أساسيات الحياة، وعاد إلى مربع البدائية متأخرًا حتى عن العصور الوسطى التي كان فيها تنظيم ودولة أشرف بكثير من تلك التي نعيش في ظلها اليوم، بعدما حرمنا مسؤولوها من كل مظاهر الحياة والتطور في القرن الواحد والعشرين من خلال عدة أمور أساسية عملوا على سلبها ومن ثَمَّ احتكارها، وعلى رأسها موضوع الكهرباء التي تشكل وصمة عار على جبين كل مسؤول في هذه الدولة الغاشمة، فأي بلد هذا الذي تنقطع فيه الكهرباء بالشهور؟ وأي شعب هذا الذي يمكن أن يتحمل غياب الكهرباء لهذه المدة؟ والتي إذا جاءت فإنها لا تمكث لأكثر من ساعة أو ساعتين بالحد الأقصى لعشرة أيام أو يزيد! فكيف يستطيع السارقون النوم مرتاحين الضمير وهم دمروا شعبًا كاملًا إلى هذا الحد ؟ وهل هم من بني الإنسان أم من الأحجار التي لا تعقل ولا تحسّ؟