أزمة قانون الانتخابات نالت من الاستقرار العام: الاستقرار السياسي لم يعد قائما.. المجلس النيابي مغلق ولو مؤقتا.. الحكومة متوقفة عن العمل ولو الى حين… الأمن الاجتماعي مفقود على إيقاع تظاهرات واعتصامات مشروعة في مطلبيتها مشبوهة في توقيتها… الاستقرار الأمني يدخل في دائرة الخطر إذا انتقلت الأزمة الى الشارع… هذه الأزمة السياسية أخطر ما فيها أنها تتحرك في ظل وضع لبناني هش ومحاصر من أربع جهات: الحدود الشرقية، المخيمات الفلسطينية، أزمة النزوح، والحدود الجنوبية التي أضيفت حديثا الى لائحة الأخطار والتهديدات مع تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل، وبروز خطر الحرب للمرة الأولى منذ ست سنوات، أي منذ تفجر الأزمة السورية.
هذا الوضع المشحون بعناصر التوتر بدأ يؤذي العهد الجديد وزخم الانطلاقة ويلقي بظلاله وثقله على مجمل الحركة الاقتصادية والتجارية والسياحية… وأما الخروج من هذا الوضع، فقد بات الممر الإلزامي له هو حل أزمة الانتخابات النيابية لتلافي «مشكلة كبيرة» في ١٥ مايو وبعده، إذا استمر العجز في إنتاج قانون جديد وصار الخيار بين تمديد مرفوض وفراغ قاتل.
في حمأة الضائقة السياسية والمناورات التي ضاق هامشها، وحال المعمعة والفوضى والارتباك عند الجميع، وتضارب المعلومات والتوقعات… فإن السيناريو السياسي المرتقب في خلال شهر مايو الحاسم يمكن تلخيصه على الشكل التالي:
١ ـ ستبذل جهود مكثفة للتوصل الى قانون جديد للانتخابات وتحت سقف منخفض للتوقعات المتفائلة بإمكان تحقيق ذلك في الفترة المتبقية، وفي ظل مؤشرات تفيد بألا حظوظ لأي من الصيغ المتداولة خارج النسبية (المختلط والتأهيلي)، وأن الاختراق الوحيد الذي يمكن أن يحصل هو الاتفاق على مبدأ النسبية الكاملة وحصر البحث في عدد الدوائر. وهذا الاتفاق الذي صار عليه توافق أولي بين الثنائي الشيعي والحريري وعلى أساس ٦ دوائر، بات يتوقف على موقف الرئيس ميشال عون و«الثنائي المسيحي».
٢ ـ سنصل الى ١٥ مايو من دون اتفاق على قانون جديد، بعدما تكون كل الجهود استنفدت ويكون الرئيس سعد الحريري أظهر جدية وسعيا في اتجاه القانون الجديد، وأنه فعل أقصى ما في استطاعته وأظهر أفضل ما لديه من مرونة. وهذا يعفيه من مسؤولية القانون الجديد ويبرر تحوله الى القبول بالتمديد مرغما بعدما يكون الخيار صار محصورا بين التمديد والفراغ.
٣ ـ تعقد جلسة التمديد بنصاب نيابي متوافر قانونيا وكاف للتصويت على قانون التمديد وإقراره… وتبقى إشكالية «النصاب الميثاقي».
٤ ـ يرد الرئيس ميشال عون هذا القانون المعجل المكرر في غضون خمسة أيام ليعاد بحثه والتصويت عليه بأكثرية النصف زائد واحد.
٥ ـ يجري الطعن بقانون التمديد أمام المجلس الدستوري من قبل الرئيس أو تكتل التغيير والإصلاح… وهذه المرة يلتئم المجلس الدستوري ولا تفعل تدخلات المرجعيات السياسية فعلها في تعطيله، فيصدر قراره الذي يتضمن بندين:
٭ اعتبار قانون التمديد غير دستوري و«ملغى».
٭ الدعوة الى إجراء انتخابات في غضون ثلاثة أشهر على أساس القانون النافذ (أي قانون «الستين»).
معنى ذلك أن أزمة القانون دارت دورة كاملة حول نفسها لتعود الى نقطة «قانون الستين»… وأن هذا «المخرج التسوية» يريح الجميع وأقرب الى صيغة لا غالب ولا مغلوب… وأن «اللا» الوحيدة الثابتة كانت «لا للفراغ».
“الأنباء الكويتية”