السنيورة: التسلّط الإيراني على لبنان أخرجه من محيطه العربي
أكد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، رداً على سؤال حول اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أن “هذا الاتفاق تم عبر وسطاء، وهو ليس اتفاقاً مباشراً بين الدولة اللبنانية والدولة الصهيونية. فالمفاوضات كانت تجري من أجل تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان مع فلسطين المحتلة في النقطة الثلاثية مع قبرص. وهذا الأمر كان يتم تحت علم الأمم المتحدة، ولكن بوساطة أميركية. واعتقد أنّه قد تمّ التوصل إلى اتفاق بشأن النقطة الثلاثية بين لبنان وقبرص وفلسطين المحتلة، وهي تمثل الخط الذي ينتهي بالنقطة 23، والذي أعتقد أنّه خط عادل بالنسبة للبنان وعادل أيضا للفريق الآخر. وهو قد تمّ بعض مخاض عسير”.
وأضاف في حوار مع قناة “الاخبارية المصرية”، “من المفيد العودة إلى توضيح ما جرى في هذا الشأن من قبل لبنان على مدى السنوات الماضية. فلبنان بادر في العام 2009 إلى تحديد حدوده في المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب، وكذلك في الشمال في النقطتين 23 جنوباً و7 شمالاً. وهي الحدود التي أقرّها مجلس الوزراء بتاريخ 13/5/2009، وكذلك التي أقرّها مجلس النواب وأصدر قانوناً بذلك تحت الرقم 163 تاريخ 18/8/2011، ومن ثم جرى إيداع هذا الترسيم لدى الأمم المتحدة بتاريخ 14/7/2010”.
وتابع، “وتجدر الإشارة هنا، أنّ إسرائيل لم تقم بتحديد منطقتها الاقتصادية الخالصة، وهي قامت بذلك التحديد بعد سنتين مما قام به لبنان، أي بتاريخ 12/7/2011. الحقيقة المؤسفة، أن إسرائيل عمدت بعد ذلك إلى القيام بتطوير الحقول التابعة لها في منطقتها الاقتصادية الخالصة. بينما، في المقابل، تلهى لبنان ولأسباب عدة بالمشكلات المحتدمة لديه داخلياً بين مختلف الفرقاء الداخليين المتخاصمين، وبالتالي حصل هناك قدر كبير من المزايدات والشعبويات، بحيث أضاع لبنان على نفسه 13 عاماً في هذه المناقشات غير المفيدة ودون أي نتيجة. علماً أنّه كان بإمكانه أن يطور حقوله في بقية الرقع في منطقته الاقتصادية الخالصة من الرقم واحد إلى الرقم عشرة. وهكذا أصبحنا اليوم على ما نحن عليه الآن”.
وأردف، “وهذا الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه الآن، هو اتفاق مبدئي بين الأطراف المعنية، والذي تمّ بواسطة الوسيط الأميركي. وبما أننا وصلنا إلى هنا، فإنّه من الضروري، وكما تقول إسرائيل أنها ستعرض هذا الاتفاق على الإسرائيليين، وكذلك على الكنيست ليبدوا رأيهم فيه ويقرّوه، فإنّه من واجب الحكومة اللبنانية وليس فقط الاقتصار على موافقة الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. إذْ أنّ هناك حاجة – بل ضرورة دستورية – من اجل شرح هذا الاتفاق ليطّلع عليه اللبنانيون وليعرفوا حقيقة ما جرى. وكذلك، فإنّه من الواجب عرضه على المجلس النيابي ليدرسه ويقرّه”.
وقال عند سؤاله عن تاريخ انتهاء الجمود الحالي في لبنان والازمة السياسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إنه “كما ذكرت، فإنّ لبنان يمرّ في هذه المرحلة بظروف شديدة الصعوبة وغير عادية على الإطلاق. فهذا الأمر ناتج عن العديد من العوامل والصدمات الداخلية والخارجية، بما في ذلك ما يتعلق بمشكلة أساسية لا يزال يعاني منها، وهي أنّ الدولة اللبنانية قد أصبحت مخطوفة من قبل الأحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية، وفي مقدمهم “حزب الله” الذي يهيمن ويطبق على لبنان ومن وراء الحزب أصبحت إيران تهيمن على الدولة اللبنانية. وهذا ما ذكره المسؤولون الإيرانيون، حيث أنّ هيمنتهم ونفوذهم – كما أكدوا ذلك أكثر من مرة – هو على 4 دول عربية، وهم يعنون بذلك العراق وسوريا واليمن ولبنان. وهذا التسلّط على لبنان ودولته أدّى إلى إخراجه من محيطه العربي، وكذلك إخراجه عن المبادئ التي قام عليها في سابق عهده كونه بلد الحريات والانفتاح والتطور والنهوض الاقتصادي والاجتماعي”.
وأضاف، “على العكس من ذلك – وللأسف – فإنّ لبنان يعاني الآن من ازمة خطيرة جداً على الصعيدين الوطني والسياسي، وكذلك لى الصعد الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية. ومن ذلك، عدم القدرة على تأليف الحكومة التي تحل محل حكومة تصريف الأعمال، وكذلك عدم القدرة على انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية الذي يحين موعد انتهاء ولايته بعد 3 أسابيع، أي في نهاية شهر تشرين الأول. بالإضافة إلى ما يعانيه لبنان من انهيارات اقتصادية واجتماعية. هذا هو الوضع المؤسف الذي وصلنا إليه، إذ ليس هناك ما يدل حتى الآن على أن هناك إمكانية في أن يتم الانتخاب الموعود للرئيس الجديد بسبب تشرذم الوضع النيابي اللبناني، واستمرار هذه الهيمنة التي يمارسها حزب الله على المجلس النيابي وعلى الدولة اللبنانية وعلى الاقتصاد اللبناني الذي يمر بأسوأ حالاته، حيث تتدهور الظروف المعيشية لجميع اللبنانيين”.