في غمرة الانهماك الحكومي بالبحث عن مخرج لأزمة تمويل سلسلة الرتب والرواتب التي تنهشها الخلافات السياسية وتقحمها في أتون نزاع دستوري، وقبل ساعات على التئام مجلس الوزراء غدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اثر عودته من باريس، تقدمت الى واجهة المتابعات السياسية زيارات “الحج” اللبنانية الى المملكة العربية السعودية في توقيت يحمل الكثير من الاشارات، وسط عاصفة “التطبيع” مع سوريا التي يدفع محور 8 اذار في اتجاهها وتمترس الفريق “السيادي” خلف جدران الممانعة لقطع الطريق على جر لبنان اليها، مهما كان الثمن.
خط لبنان- السعودية: زيارات الحج شكل ابرز خطوطها الجوية خط معراب –الرياض مع وصول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يرافقه وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي صباحا اليها في جولة خارجية، وما لبث ان حطّ فيها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل يرافقه مستشاره البير كوستانيان تلبية لدعوة رسمية.
رسالة المملكة: وفي السياق، افادت مصادر سياسية معنية “المركزية” ان زيارات “الحج” اللبنانية الى المملكة المعلنة منها والبعيدة من الاضواء التي تشمل قادة سياسيين من مختلف الطوائف، تؤكد رعاية المملكة للوضع اللبناني وحرصها على القوى السيادية التي تتشارك معها الهموم نفسها على مستوى المنطقة، لا سيما رفض التدخل الايراني ودعم استقلال لبنان وسيادته، في ظل شعور عام بدخول المنطقة مرحلة جديدة يحاول خلالها محور الممانعة اخراج لبنان من “التبريد الى التسخين”، من خلال الاصرار على التنسيق والتطبيع مع سوريا. وتحرص المملكة عبر هذه المشهدية على بعث رسالة للمعنيين بأن لبنان ليس متروكا او منسيا، بل يحظى برعايتها وكل من يحاول اعادة عقارب الساعة الى الوراء سيسقط بالسهام المباشرة لانها بالغة الحرص على لبنان.
جولة جعجع: واوضحت اوساط معراب لـ”المركزية” ان جولة جعجع التي تستغرق اسبوعا ستشمل اكثر من دولة خليجية، الا ان المملكة لها منها حصة الاسد حيث سيعقد لقاءات مع الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان وعددأ آخر من كبار المسؤولين. اما ملفات البحث فمتشعبة منها الاستكشافي المتصل بتطورات المنطقة للوقوف على حقيقة ما يجري ومنها المتعلق بتأكيد ثوابت الموقف اللبناني من مجمل الملفات كي لا يكون دولة منسية اثناء رسم خريطة التسوية السورية، فهو يعاني كما سائر دول الجوار من تداعيات الازمة التي ارهقته، ومن التدخل الايراني المباشر بواسطة حزب الله، الامر الذي ينسف السيادة والاستقرار.
سفير جديد: وليس بعيدا من محور الدعم السعودي للبنان، علمت “المركزية” ان الرياض قررت تعيين سفير لها في بيروت هو وليد اليعقوبي وارسلت اوراق اعتماده الى وزارة الخارجية، تمهيدا لحضوره الى بيروت بعد الموافقة. وافادت المعلومات ان السفير الجديد الذي عمل سابقا في بيروت يشغل راهنا منصب مساعد وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان.
النازحون وشهود الزور: في الموازاة، بقي لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلم في نيويورك يثير الغبار حوله. ففيما رأت مصادر مقرّبة من رئيس التيار الوطني الحر عبر “المركزية” ان وزير الخارجية يحق له الاجتماع بنظرائه في كل الدول التي تربط لبنان بها علاقات دبلوماسية، اعتبرت أوساط قيادية في قوى 14 آذار “أن لقاء نيويورك ليس الا حلقة من مسلسل محاولات فرض التطبيع بين الحكومتين اللبنانية والسورية لاعطاء النظام السوري شرعية ومدّه بدعم “معنوي” سياسي، بالتزامن مع وضع التسوية السورية على نار حامية. ولفتت الى ان فريق 14 آذار سيقف في المرصاد وسيمنع كسر سياسة “النأي بالنفس”، مشيرة الى ان ملف “النازحين السوريين” والضوضاء المثارة في شأنه والتي ارتفعت في شكل غير مسبوق في الاسابيع الماضية، تذكّرنا بقضية “شهود الزور” التي شكّلت المطالبةُ بفتحها والتحقيق فيها محورَ مواقف واهتمامات فريق 8 آذار على مدى أشهر عام 2010، قبل أن تنطفئ بسحر ساحر.
المركزية