أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اليوم الخميس، بعد زيارته للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أنه “ينبغي أن تتعاون الحكومة مع هذا المجلس بإرسال الطلبات لإبداء الرأي والإستشارة والإستماع إليه في المواضيع ذات الطابع الإقتصادي والإجتماعي”.
واعتبر “الدولة القوية هي القوية بإقتصادها وبعملتها المستقرة، ونموها وتنميتها، وبفرص العمل والتقدم التكنولوجي وتنوع الإنتاج والقدرة على المنافسة”. وقال: “لغة السياسة في عالم اليوم هي لغة الإقتصاد والمنافسة والتبادل التجاري والمشاركة في الرساميل وفي الإنتاج وفي البيع، والإقتصاد القوي يساهم في بنيانه القطاعان الرسمي والخاص: فبينما يضع الرسمي القوانين والأنظمة الحاضنة والراعية والمحفزة للعمل والإنتاج والتصدير، ينكب الخاص على بناء المزارع والمصانع والفنادق والخدمات على أنواعها، فيزدهر الإقتصاد وينعم الناس بالرخاء وبراحة البال، ويثقون بغدهم ويتمسكون بأرضهم”.
وعن تأليف الحكومة، قال الراعي: “يماطلون ويماطلون في تأليف الحكومة الجديدة، ولا تعنيهم معاناة الشعب إقتصاديا وإجتماعيا ومعيشيا”، مشددا على أن “تأليف الحكومة من ممثلي الكتل النيابية فقط لا يعني تكوين سلطة إجرائية، بل تكوين مجلس نيابي مصغر، الأمر الذي يناقض فصل السلطات”.
وقال: “نسمع يوميا، ومن حولنا، ومن زائرينا عن حال إقتصادية ومالية صعبة يمر بها القطاعان الرسمي والخاص في لبنان. فالرسمي يعاني عجزا وتعثرا ماليين؛ والخاص يعاني أزمة سيولة وتصريفا لنتاجه بعد إقفال العديد من الشركات. نحن ندرك تماما مصاعب المنطقة وتأثيراتها، حروبها ونزاعاتها ونزوح شعبها وتداعياتها علينا، ولكن لبنان ذو الخمسة ملايين نسمة يمتلك موارد أساسية مهمة للغاية هي: المورد الطبيعي من أجمل وأغنى الموارد في محيطنا، والمورد البشري من أغنى الموارد في المنطقة، والمورد المالي من أعلى الموارد بالنسبة الى عدد السكان بين دول العالم. لكن كيف يمكن أن نرضى عن سوء إدارة مواردنا الوطنية هذه؟ فلا يمكن أن نرضى بعدم المحافظة على جمال طبيعتنا ونقاوة بيئتنا، وبالتالي بإهمال ما يعزز السياحة، ويحمي الصحة العامة! ولا نرضى بإهمال مواردنا الشابة المتعلمة والمتخصصة من أجل بناء دولتنا. وهل استفدنا بما فيه الكفاية من موردنا المالي الضخم والمتمثل بودائع المصارف في لبنان وهي ثمرة جهود اللبنانيين في الداخل والخارج عبر سنين طويلة. ونطالب بالسعي مع القطاع الرسمي إلى عدم التفريط بهذه الموارد وتوظيفها في سبيل تقدم لبنان وازدهاره”.
أضاف: “بإهمال تثمير كل هذه الموارد من السلطة السياسية، انتفت الطبقة المتوسطة عندنا، وأصبح ثلث الشعب اللبناني تحت مستوى الفقر، و 30% من قوانا الحية عاطلة عن العمل، ولا ننسى أن السبب الأكبر لهذا الجمود ولهذه الحالة هو تفشي الفساد في الوزارات والإدارات العامة، وهدر المال العام، وحشر الموظفين من دون حاجة وكفاية، بغية الافادة فقط من مال الدولة”.
وتابع: “نعرف أن الإصلاحات الإقتصادية التي تقودها دول العالم من أجل عدالة إجتماعية وفاعلية أفضل، هي ضريبية واجتماعية وصحية وتربوية وإنتاجية وبيئية. وتشدد تلك الدول على البحث العلمي وبخاصة التطبيقي، من أجل تطوير إنتاجها وإعطائه قدرة أعلى على المنافسة في الأسواق العالمية. ومن بين تلك الإصلاحات، إشراك القطاع الخاص في مسألة تحديث إدارة الخدمات العامة والبنى التحتية لحساب الدولة، مع احتفاظ هذه بالملكية وبحق المراقبة. فتكثر عندئذ الإستثمارات وفرص العمل وينشط الإقتصاد ويخف العجز المالي في الموازنات العامة وتتقوى الدولة. كما أن اللامركزية الإدارية والمالية قد اعتمدت في الكثير من الدول من أجل الإنماء المتوازن ومحاولة التهرب الضريبي. ولسنا ندري لماذا لا تطبق عندنا!”.