رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي “أننا نعيش في لبنان بمعجزة”، وسأل في حديث الى برنامج “حكاية الانتشار” عبر “صوت لبنان”: “بأي قوة يعيش لبنان؟ فإذا نظرنا امنيا وديمغرافيا وقد بات نصف سكانه من اللاجئين والنازحين، وتطلعنا الى عدم الاستقرار في المنطقة والتهديدات المحدقة به بحيث نصل كل مرة الى شفير الهاوية ونرجع الى الوراء، ندرك ان هناك يدا خفية تحمي هھذا البلد كسيدة لبنان والقديسين اللبنانيين”. وقال: “علينا ان نعنى ايضا بحماية وطننا روحيا، اخلاقيا واجتماعيا، فنعمل على بناء دولة حديثة”.
واذ كرر الراعي ان “خلاص لبنان يأتي من الانتشار عندما يحمل القضية اللبنانية الى المحافل الدولية ويدافع عنا”، وقال: “على المنتشرين إعلاء الصوت للتعبير عن عدم الرضا بالأمور السلبية ولكي تسمع الدولة اللبنانية الصرخة: قولوا نحن لا نقبل بأن يبقى وطننا الجميل غريقا في النفايات، لا نقبل التعدي على الحريات ولا نقبل ان يبقى لبنان مرتبطا بالمحاور والنزاعات الاقليمية. قولوا نحن غادرنا الى بلدان غريبة استقبلتنا وفتحت لنا المجالات لتحقيق ذاتنا ونجحنا ولو بقينا في لبنان لكان مصيرنا صفرا. واسألوهم لماذا يعطلون الطاقات اللبنانية؟”.
أضاف: “أنا التقيت المنتشرين وهم فخورون بما حققوه وقالوا لي والدمعة في عيونهم أنهم أنجزوا الجسور والطرقات والشركات في أوطانهم الجديدة في وقت لا يستطيعون انجاز كوخ في وطنهم الأم لبنان”.
وعن السبب الذي يمنعهم من الاستثمار في لبنان، قال: “اللااستقرار، الأنظمة والقوانين والمعاملات البطيئة، اضافة الى وجود عدد من الاقطاعيين في المناطق. فإذا أتى احد المنتشرين لينفذ مشروعا انمائيا يأتي سيد المنطقة ويفرض عليه خوة معينة من المال وعددا من الموظفين، وحتى يطلب المشاركة في المشروع ما يجعله يهج ويعود الى وطنه الجديد”.
أضاف: “إذا كان هناك من عطف دولي على لبنان، واذا كان العالم وبلدان الدعم وسواه تريد استقرارا في لبنان وتقدما له فهو بفضل المنتشرين لأنهم يتبؤون مراكز رفيعة في اعمالهم ويبرزون في كل المجالات ويساهمون في حياة اوطانهم الجديدة الاقتصادية والسياسية. ولذلك فهم مقدرون في بلدان الاغتراب ويحملون القضية اللبنانية اكثر من اللبنانيين المقيمين على ارضه، ويشكلون قوة ضغط ولكنهم بحاجة الى من يساندهم”.
وإذ نوه بعمل “المؤسسة المارونية للانتشار” وبجهود اعضائها ورئيسها نعمت افرام ولا سيما “بعدما فتحت مكاتب لها في معظم عواصم العالم بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية لحث الجالية اللبنانية على تسجيل الولادات والزيجات من اجل استعادة الجنسية”، أسف ل”عدم وجود توازن بين ما تبذله المؤسسة من جهود وتصرفه من اموال، وبين التجاوب من قبل المنتشرين للحصول على الجنسية لأنهم يعتقدون أنهم ليسوا بحاجة لها، في وقت نسعى نحن لاقناعهم لكي يحافظوا على ارثهم”.
وتحدث البطريرك الماروني عن “صعوبات تجعلهم يخسرون ابناء الكنيسة المارونية منها انتشار المغتربين في كل مكان وليس في مدينة واحدة ما يجعلهم يندمجون في مجتمعاتهم الجديدة ويصبحون لاتين فتتبدل اسماؤهم، اضافة الى عدم وجود عدد كبير من الكهنة من اجل انشاء رعايا”. وقال: “زياراتنا الى ابرشيات الانتشار من اجل حث ابنائنا على المحافظة على ارتباطهم بالكنيسة الأم في لبنان لأنهم بحاجة اليها وهي بحاجة اليهم”. وشبه الواقعة ب”الأرزة وهي متجذرة في الأرض ولكن أغصانها منتشرة، ومن الضروري الحفاظ على هذا الرباط لنقل الارث الماروني وحمل القضية اللبنانية الى كل العالم”.
وعن زيارته الأخيرة الى المملكة العربية السعودية، اكد الراعي انه قدم “مذكرة الى المسؤولين السعوديين عن قيمة لبنان ودوره وضرورة ان يكون مركزا عالميا لحوار الأديان والثقافات”، كاشفا انه سيلبي “الدعوة خلال الشهر الحالي للمشاركة في مؤتمرين حول العيش المشترك من اجل إحياء العلاقة مع العالم الاسلامي الأول في فيينا في المركز العالمي لحوار الأديان مركز الملك عبد الله، والثاني في مصر بدعوة من الأزهر الشريف”، معتبرا انه “من خلال هذه العلاقات الانسانية والاجتماعية يمكن التوصل الى الاعتراف بلبنان دوليا كمركز عالمي لحوار الأديان والثقافات وهو المؤهل لذلك بحكم تكوينه الجغرافي والسياسي”.
وعما اذا كان العام الجديد سيحمل زيارة لقداسة البابا فرنسيس الى لبنان، قال الراعي: “ان رئيس الجمهورية وجه الى قداسته الدعوة، وكذلك البطاركة باسم الكنائس كلها، ولكن تبين ان لا زيارة مدرجة على برنامجه بانتظار الوقت المناسب لها”.