ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي قداسا احتفاليا على مذبح مزار قلب يسوع الابرشي في وقفية سيدة العناية – بتولية البطريرك الماروني – في بلدة ادونيس قضاء جبيل، عاونه فيه المطارنة ميشال عون حنا رحمة وسمعان عطالله، كاهن الرعية الخوري طانيوس ليان وخادم الوقفية الاب طوني خضرا وخدمته جوقة الوقفية بقيادة غريتا زخور.
حضر القداس النواب زياد الحواط مصطفى الحسيني وشوقي الدكاش، رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان، الوزيران السابقان أليس شبطيني وسليم الصايغ النائبان السابقان ميشال الخوري وشامل موزايا، المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران، قائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري، نائب رئيس اتحاد بلديات القضاء خالد صدقة، رئيس المؤسسة الخيرية لأبناء جبيل وكسروان الشيخ حسن شمص، امين سر محافظ جبل لبنان جوزف زخيا، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، قائد منطقة جبل لبنان في قوى الامن الداخلي العقيد جهاد الاسمر وآمر فصيلة جبيل الرائد كارلوس حاماتي، العقيد شارل نهرا ممثلا رئيس فرع امن جبل لبنان العميد الركن كليمون سعد، مسؤول حركة “امل” في جبيل وكسروان العقيد علي خير الدين العقيد ميشال ابي انطون، رئيس مكتب امن الدولة في جبيل الرائد ربيع الياس، وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير، المحامي فادي روحانا صقر، رئيس جمعية “آنج” المحامي اسكندر جبران ورئيس جمعية “هدفنا” الاجتماعية عبدو العتيق، رئيس لجنة ادارة الوقفية المحامي شربل كيوان والاعضاء وفاعليات سياسية وقضائية ونقابية وروحية واهالي البلدة وأبناء الوقفية وحشد من المؤمنين.
العظة
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها: “حدث الانجيل الذي سمعناه يرافق حياتنا كل يوم، السفينة هي الكنيسة والعائلة والوطن ومؤسساتنا، ووقفية سيدة العناية هذه وكل واحد وواحدة منا، المسيح فينا وبيننا واذا شعرنا بأنه نائم او غائب فلكي ننضج في ايماننا وفي الصبر ولكي نشعر بأننا بحاجة دائمة اليه وبدونه لا نستطيع التغلب على عواصف الحياة ومصاعبها ولذلك نحتاج دائما للعودة اليه بالصلاة والتوبة والتماس تدخله وهو بكلمة يهدء كل شيء تماما كما فعل، زجر الرياح والعواصف فكان هدوء عظيم”.
وتابع: “يسعدني ان اكون معكم وان نحتفل سوية بهذه الليتورجية الالهية وهي الزيارة الاولى لهذه الوقفية بعد بداية خدمتي البطريركية والاولى بعد ان انشأت الوقفية ووضعت تحت تولية البطريرك، فإني معكم اقدم هذه الذبيحة الالهية من اجل هذه الوقفية والقيمين عليها والمحسنين ولجنتها الادارية وكل الذين يؤمونها، ويجد فيها الطمأنينة والسكينة، هي التي الرب يسوع حاضر بإستمرار عبر سر القربان المعروض ليلا ونهارا لكي نأتي اليه في أي ساعة ووقت واي ظرف، وعندما كنت في خدمتي الرعوية لأبرشية جبيل العزيزة وآت الى هذا المكان في مناسبات مختلفة كنت ارى عائلات وشباب وفتيان امام الرب ساجدين مصلين، كنت اشعر انهم هنا يجدون الطمأنينة تماما كما سمعنا في انجيل اليوم”.
أضاف: “هذه الذبيحة نقدمها معا من اجلهم جميعا، نقدمها ونحن نعيش بعد وداع اشخاص اعزاء علينا طبعوا حياتنا، غبطة ابينا المثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس الذي خدم هذه الابرشية عندما كانت نيابة بطريركية مدة خمس وعشرين سنة، ومعه نذكر المطران المثلث الرحمة رولان ابو جودة الذي تولى هذه الخدمة معه في البطريركية دامت اربعا واربعين سنة، نذكرهم وهما يشفعان بنا من السماء”.
وأردف الراعي: “ادونيس تعيش ايضا في حزن حيث لا استطيع الا ان اذكر معكم المرحوم ادمون شقيق المطران سمعان عطالله، فله نلتمس الراحة لسيادة المطران سمعان ولأسرته العزيزة، كما لا استطيع ان انسى ابدا شخصا عزيزا علينا جميعا المرحومة جميلة باسيل زوجة المهندس ايلي باسيل، حيث كنت اراها هنا، هي وابنتها وابنها ثم يأتي زوجها عند المساء، هي هنا، وكان ملفتا كيف ان ابنتها وابنها راكعين امام القربان وهي تعمل في الخدمة، نذكرها لتشفع بنا عند الله، اصلي من اجل كل المرضى وكل الذين يأتون هذا المكان لكي ينالوا الطمأنينة والنعم التي هم بحاجة اليها”.
وتابع: “السفينة اليوم التي يتحدث عنها الانجيل هي مؤسساتنا ونحن، ولكن في تلك السفينة كانت هي تحمل بشرية يسوع أما قدرته الالهية فكانت تحمل السفينة وكل ما فيها، لأقول ان الرب متضامن مع كل انسان وجماعة ومؤسسة، متضامن في آلامنا وتطلعاتنا وهمومنا وكأله هو الذي يعضضنا ويبدد كل مخاوفنا، الرياح والامواج العاتية التي كانت تتقاذف تلك السفينة تخضع للمسيح، المسيح الاله مكون الخلق وسيده، ايقظوه اي ايقظوا الكلمة الذي كان يبحر معهم، وللحال بكلمة واحدة سجر الرياح والامواج فكان سكون عظيم. هؤلاء راحوا يبشرون بهذه الكلمة، منذ ألفي سنة والكنيسة تحمل بشرى هذه الكلمة لكل انسان من اي دين وثقافة وعرق ولون، فالغاية من نوم يسوع في تلك السفينة كانت لكي يجعل ايمان التلاميذ اكثر نضجا. واليوم السفينة هي كل واحد وواحدة منا. كلنا نختبر صعوبات في حياتنا اليومية من مرض وفشل ورفض وجوع وحرب واضطهاد وكل ما يؤلم، تجارب داخلية وخارجية، ابواق واميال منحرفة، بها نجعل المسيح نائما فينا، وعندما ننساه فلا بد من العودة اليه والتماس نجدته، وعندما تتقاذفنا هذه العواصف في حياتنا ونشعر بأن المسيح نائم اي غائب، انه في الحقيقة يراقب صبرنا وايماننا واحتمالنا، فعندما ايقظوه في تلك السفينة وصرخوا يا معلم نهلك اجابهم يا قليلي الايمان لماذا شككتم فأنا معكم”.
وقال: “وهذا ليس من الماضي بل من الحاضر، يقوله لكل واحد منا لماذا شككت أنا هنا معكم، فلنعد اليه باستمرار بالصبر والتوبة وبقراءة الانجيل. السفينة هي العائلة والوطن والكنيسة، كلها تمر بصعوبات تتقاذفها الرياح وهذه الاية الانجيلية مدعوة لتنطبق في حياتنا، وهذه السفينة بالنسبة الينا بنوع خاص هنا، هي وقفية سيدة العناية في هذه البلدة ادونيس، وهي مؤمنة بيسوع ولذلك تعضد القربان وتقول هو هنا ومن يصل الى هذا المكان يجب الا يخاف او يقلق، وان يضع خارج السور كل الهموم لأن الرب هنا وهذا هو معنى عرض القربان بشكل دائم في هذا المكان. ولا احد منا يعرف اية عواصف ورياح وامواج عاتية سكنها في قلوب الذين أموا هذا المكان. والوقفية نفسها اختبرت العواصف المتنوعة والمشاكل والصعوبات فصمدت في الايمان والصلاة وسماع كلام الله ايمانا بحضور الرب معها يسكن رياحها وهكذا اختبرت تهدئة العواصف والرياح، وهذا جرى ليس في الوقفية بحد ذاتها بل في كل من فيها ومن أمها ويؤمها من الشمال والجنوب ولكن من دون شك عادوا الى بيوتهم وعائلاتهم واماكن عملهم وفيهم المزيد من الايمان والرجاء والمحبة”.
وتابع: “أجل اود هنا ان اعرب عن شكري لمجموعة المؤمنين الذين ارادوا هذه الوقفية تعاونوا وسخوا من ذاتيتهم من دون حساب، أعطوا صحوا ساروا بإرشاد الاب انطوان خضرا، اسسوا الوقفية على اسم سيدة العناية مدركين ان الام السماوية تعتني بها وبكل من يأتيها وارادوها مؤسسة تقوية رعوية خيرية لتكون بمثابة سفينة في ضوء انجيل اليوم، تبحر بالمؤمنين نحو ميناء الخلاص بيسوع المسيح”.
وختم الراعي: “فلنرفع قلوبنا وعقولنا الى السماء ونجدد ايماننا بحضور الرب يسوع في حياتنا، أنه هو الذي يقود سفينة حياتنا وعند المصاعب هو وحده ملجؤنا، نصلي لكي نعود الى بيوتنا وفينا ايمان كبير ورجاء وطيد ومحبة عظمى ان الرب هنا وهنا في اي مكان له وللاب وللروح القدس كل مجد وتسبيح واكرام الان والى ابد الآبدين آمين”.
زخيا
وبعد القداس، انتقل الحاضرون الى مائدة المحبة حيث ألقى عضو الوقفية والناطق الرسمي باسمها المحامي انطوان زخيا كلمة رحب فيها بالبطريرك الراعي والمشاركين في الاحتفال وقال: “الله محبة”، والمحبة اساس البنيان، وهل من تجسيد للصورة الحية للمحبة النقية اكبر من حضور صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الراعي المتربع السابع والسبعين على السدة البطريركية، فيكون ترتيبه بين اسلافه محددا بسبعتين 77، سبعة واحدة هي علامة النصر، فكيف بسبعتين؟”
وأردف: “منتصر هو بشعاره البطريركي الذي جعلنا ثابتين معه في مدار واحد نقرأ سويا في كتاب: “الشركة والمحبة” ونطلب ولايته على هذه الوقفية، فكانت استجابته رجاء بأن يكون الغد الآتي: الافضل في كل ما يحمله”.
أضاف: “لقد ذكرنا غبطته بما ركز عليه البابا القديس يوحنا بولس الثاني، في ارشاده الرسولي “العلمانيون المؤمنون بالمسيح” على انتماء العلمانيين، بحكم المعمودية والميرون، الى الكنيسة. ففي الكنيسة – السر لهم كرامتهم، وفي الكنيسة – الشركة لهم مشاركتهم، وفي الكنيسة – الرسالة لهم دورهم، ومن هذا المنطلق، يجب تعزيز تعاونهم في حياة الابرشية والرعية وفي المؤسسات الرهبانية. كما ذكرنا غبطته ايضا بقول المكرم البابا بيوس الثاني عشر: “انتم لا تنتمون فقط الى كنيسة، بل انتم الكنيسة وخطها الامامي “.
وتابع: “وها نحن – معشر العلمانيين – في وقفية سيدة العناية نفاخر بانتمائنا الى الكنيسة بتولية البطريرك الماروني، ونؤكد على حضورنا في خطها الامامي. نحن فهمنا ان المحبة التي دعانا اليها صاحب الغبطة والنيافة هي عمل الله فينا، لا تتفاخر لأنها مشغولة برد الجميل الله واقتسام الخير مع الجميع، وهي لا تسقط ابدا لأنها مسنودة من الله ذاته، محبة ترجو، طالما للرجاء باب مفتوح، محبة متفائلة دائما لا تفقد الامل، متسلحة برجاء حي، لا يستنفذه الشر ابدا، محبة لا تميل، بل تبقى في طريقها الصاعد صابرة على كل شيء.
ها انكم رأيتم اقتداءنا بتوجيهكم وتشديدكم حول العمل على تطوير مهارات العلمانيين، وتعزيز روحانيتهم، واذكاء وعيهم بأنهم في ممارسة وظائفهم، على تنوعها، انما يشاركون في وظائف يسوع المسيح الكهنوتية والنبوية والملوكية، كما علم المجمع الفاتيكاني الثاني في دستوره العقائدي “في الكنيسة” (الاعداد 34-36)، والبابا القديس يوحنا بولس الثاني في الارشاد الرسولي “العلمانيون المؤمنون بالمسيح” (العدد 14)، وها نحن نعاهدكم على تحقيق المزيد لأن لا وجود للمستحيلات عندنا ما زال هناك الممكن الذي يمكن ان يتحول الى لون جميل وزاه، يعطينا مرة اخرى – نحن والاطفال الاحباء في الوقفية – من اجل اعادة كتابة امانينا في عيش افضل للشركة والمحبة”.
وختم: “وجودكم بيننا يجعلنا ننعم ببركتكم، ونغتني بمحبتكم، ونستزيد من تقواكم، ونضم صلاتنا الى صلواتكم”.
الراعي
ورد البطريرك الراعي بكلمة جدد فيها شكره “لكل من ساهم ويساهم في انشاء هذه الوقفية وتطويرها ومتابعة الشبيبة من ابنائها في عملهم الرسولي ليكونوا رجالات الغد مؤمنين بيسوع المسيح وبوطنهم”.
وتوجه الى النائب الحسيني والشيخ شمص شاكرا اياهما على مشاركتهما في القداس وبقائهما الى نهاية الاحتفال رغم تزامنه مع وقت الافطار والصلاة، معتبرا ان ذلك يؤكد على محافظتهما على “وديعة العيش معا”.
وتمنى “الخير والبركة للجميع وان “تعتني سيدة العناية بكل واحد وبعائلات الحاضرين وبالوطن”.
وختم: “لا خوف على لبنان ما دامت سيدة العناية موجودة وترعانا جميعا”.
بعد ذلك، قدم اطفال الوقفية لوحات فنية واغاني لبنانية.