جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / الراعي:نشهد انحرافا نحو الولاء الى الدين والطائفة والمذهب على حساب الوطن…
الراعي

الراعي:نشهد انحرافا نحو الولاء الى الدين والطائفة والمذهب على حساب الوطن…

يواصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والى جانبه المطرانان عبدالله زيدان وجوزف نفاع، المنتخبان من السينودس الماروني، والمونسنيور توفيق بو هدير المعين خبيرا، مشاركتهم في أعمال الجمعية العامة العادية الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة، وموضوعها “الشباب، والإيمان وتمييز الدعوات”، والتي ستختتم الأحد 28 تشرين الأول الجاري بقداس احتفالي يترأسه البابا فرنسيس في ساحة بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان. ويقوم الآباء خلال الاسبوع الأخير بمناقشة كل من مشروع الوثيقة الختامية ومسودة الرسالة الموجهة من السينودس إلى شباب العالم بأسره.

وقد تميزت الايام الاخيرة من هذا الاسبوع بقيام البابا فرنسيس بإهداء الشباب المشاركين كمستمعين، ملخص العقيدة الاجتماعية للكنيسة “دوكات” وهو ثمرة مشروع أراده البابا فرنسيس دليلل للالتزام الاجتماعي، معدا خصيصا للشباب وموجها إليهم، ووثيقة اعتبر خلال تقديمه لهذا الإصدار أنها “تساعدنا بعون الإنجيل على تغيير أنفسنا أولا، ثم محيطنا، ومن ثم العالم بكامله”.

ويذكر ان الوثيقة الختامية المذكورة سلمت لآباء السينودس ليتمكنوا من قراءتها واقتراح إضافات أو تعديلات عليها، على ان الوثيقة الختامية توجه الى قداسة البابا، ليصدر على ضوئها ارشاده الرسولي للكنيسة بشكل عام وللشباب بشكل خاص.

الى ذلك يقوم الآباء بعد ظهر اليوم الجمعة بانتخاب اللجنة المركزية لصياغة النص النهائي والاعداد للسينودس المقبل.

وكان للراعي مداخلة في الجمعية العمومية حول الكنائس الشرقية خاطبت الكرسي الرسولي من جهة، والسلطات اللاتينية في بلدان الانتشار من جهة أخرى، بهدف التذكير بما أوصى به المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في القرار “حول الكنائس الشرقية”، وهو ان يحافظ أبناء هذه الكنائس، أينما وجدوا، على هويتهم وتراثهم الليتورجي والروحي واللاهوتي والتنظيمي وعلى تقاليدهم، بحيث يغنون المجتمعات التي هاجروا اليها.

وأوضح الراعي ان “هذا الأمر يقتضي وجود هيكليات كنسية وراعوية: رعايا، رسالات، زيارات رسولية، اكسرخسيات وابرشيات”، مشيرا الى “اننا نجد في الواقع صعوبات عندما نريد انشاء زيارات رسولية واكسرخسيات وابرشيات، ولذلك نصل دائما متأخرين كما هي الحال في العديد من بلدان اميركا الجنوبية وسواها”.

وأظهرت المداخلة أهمية وجود هذه الهيكليات، بالإضافة الى التعاون مع السلطات اللاتينية المحلية من اجل تسهيل وتشجيع عمليات تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية (الولادة والزواج) لدى البعثات الديبلوماسية من اجل الحصول والإبقاء على الجنسية اللبنانية، وبالتالي من اجل المحافظة على الحقوق المدنية في البلد الأم. كما ان هذه التسجيلات تحفظ انتماء المنتشرين الى كنائسهم الشرقية مع التشديد على وجوب الانتماء الى المجتمعات المستضيفة (integration) من دون الذوبان فيها (assimilation).

كما كانت للراعي مداخلة أخرى في الفريق المصغر اللغوي تناولت وجود المسيحيين الشرقيين، ومنهم الموارنة بالطبع في المجتمعات المتعددة الثقافات والديانات والاثنيات، ومنها لبنان مثلا، والبلدان الأوروبية والغربية عامة. فاعتبر ان “هناك خطرين يواجهان هذا الوجود: إما الانغلاق على الذات (كما في ghetto)، واما اعتبار جميع الديانات متساوية”.

وأضاف: “كان لا بد من التركيز على تربية الشباب من أبناء كنائسنا وبناتها على ايمانهم المسيحي وعقيدتهم المسيحية وعلى تراثهم الروحي والأخلاقي، وعلى معرفة الآخر المختلف في ايمانه وعقيدته، من اجل بناء مجتمع سلام وتكامل واغناء متبادل. فالمطلوب من المسيحي ان يشهد لمسيحيته ولقيمه الانجيلية في افعاله وتصرفاته ومبادراته واخلاقيته، بحيث يدرك الآخرون من خلالها انه مؤمن بالمسيح والله الذي يعبده، بل يعرفون وجه المسيح ووجه إلههم”.

وشدد الراعي على “وجوب تربية شبيبتنا على المفهوم الصحيح للمواطنة والالتزام الاجتماعي والسياسي. ان لبنان يتميز منذ نشأته، عن بلدان المنطقة، بأن الولاء اليه قائم على مبدأ المواطنة. لكننا نشهد اليوم انحرافا نحو الولاء الى الدين والطائفة والمذهب والحزب و”الزعيم” على حساب الوطن. هكذا ظهر في السنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، وحاليا من عدم تأليف الحكومة منذ خمسة أشهر، والبلاد على شفير الهاوية الاقتصادية والمعيشية والمالية والاجتماعية ونزيف الهجرة مميت، وتعاظم الدين العام مخيف.
فلا بد من تربية شبابنا على الولاء للوطن من خلال مبدأ المواطنة، وعلى دورهم في بناء البلاد، وعلى تأمين مستقبلهم فيه، ولا بد من مطالبتهم بالانخراط في مؤسساته الإدارية والعسكرية والأمنية والقضائية، والاستفادة مما تقدمه لهم من فرص عمل وامكانيات عيش بكرامة.
هذا ما كنا ننتظره من الأحزاب السياسية، وما زلنا ننتظره. فالأوطان تبنى بسواعد مواطنيها وليس بيد الغرباء ولو كانوا من أقرب الأصدقاء، “فما حك جسمك مثل ظفرك!” والأوطان تبنى بالتضحيات والاعمال لا بالراحة والكلام”.

من جهة أخرى، كانت مداخلة للمونسينيور توفيق بو هدير منسق مكتب راعوية الشباب في الدائرة البطريركية المارونية فتمحورت حول “الوجود في الضواحي، والذي يعني اتباع يسوع دائما وفي أي مكان”. وتحدث عن الشباب “باعتبارهم حملة البشرى السارة ورواد الحوار بين الأديان، وهم يرغبون في أن يكونوا أبطال عالم جديد”.

وأشار بو هدير إلى انعقاد لقاء مسكوني دولي للشباب في لبنان من 22 حتى 26 آذار 2019.