هنأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جمعية “درب الجبل اللبناني” على انجازها مؤكدا على اهمية الحلم الذي يتحول الى حقيقة يتشارك فيها الجميع، معربا عن ثقته بان اللبنانيين عندما سيسيرون على درب الجبل سوف يحبّون وطنهم اكثر، ويقدرّون جماله فيزيدوا من تعّلّقهم به، كما ان القرى ستحافظ على تجذّر ابنائها فيها.
كلام الرئيس عون جاء في خلال اطلاقه قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا حملة “جمعية درب الجبل اللبناني” “مشي لتحمي” لحماية درب الجبل اللبناني” الذي يمتد على 470 كيلومترا ويشكل ممرا يوصل لبنان من شماله الى جنوبه ويمر في 75 قرية وبلدة، ويجذب حوالي 30 الف زائر سنويا من لبنانيين ومغتربين، فيما اكد عدد من المتحدثين على اهمية هذا الدرب، شاكرين لرئيس الجمهورية مبادرته في احتضانه ورعايته في القصر الجمهوري.
وحضر الحفل اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون ووزيرا الدفاع الوطني الياس بو صعب والبيئة فادي جريصاتي ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ونواب، ووزراء ونواب سابقون، وعدد من اعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، ومستشارة رئيس الجمهورية الرئيسية السيدة ميراي عون الهاشم ومساعدة الرئيس عون الخاصة السيدة كلودين عون روكز ومدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير وكبار موظفي القصر الجمهوري، واعضاء “جمعية درب الجبل” وعدد من رؤساء واعضاء جمعيات بيئية وناشطون بيئيون وعدد من المدعوين.
كلمة السيد كرم
وكان الحفل بدأ عند العاشرة قبل الظهر مع دخول الرئيس عون واللبنانية الاولى البهو الداخلي للقصر. وبعد النشيد الوطني القى صاحب مبادرة “درب الجبل” ورئيس شركة “ايكوديت” السيد جوزف كرم كلمة اشار فيها الى تنشئته على حب الطبيعة واحترامها ما دفعه كلما حضر الى لبنان الى تنظيم رحلات مشي مع الاقارب والاصحاب بدأها في بسكنتا وباكيش وصنين ومن ثم انتقل الى مناطق اخرى كارز جاج ووادي قاديشا وحرج اهدن وارز الشوف، لينطلق بعد ذلك الى تحقيق حلمه.
وقال: في العام 2005 كانت هناك فرصة فريدة لتحقيق حلم بدرب على غرار AT3500 من جورجيا الـ maine الذي يستلزم 7 اشهر للسير عليه، وذلك ليوصل الدروب اللبنانية القديمة ويربط القرى بعضها ببعض، فلفت الى تلقي عرض شركة ايكوديت بالاضافة الى منحة من الـ usaid ، “وبعد سنتين و3 اشهر وبالرغم من التحديات اصبح لدينا درب وطني للمشي يربط القبيات بمرجعيون مرورا بـ 75 قرية”.
اضاف: “ان المشروع يتطلب الاستمرارية وصيانة الدرب والترويج له والجمعية لا تستطيع القيام بذلك بمفردها”. وختم متوجها الى الرئيس عون بالقول: “ان مبادرتكم فخامة الرئيس هي التي تؤسس لحماية الدرب وتجدد الامل فينا بمستقبل زاهر وهني للاجيال في لبنان وجباله”.
ثم عرض فيلم وثائقي مصور حول الدرب اشار فيه عدد من المتحدثين الى اهميته وما اعطاهم المشي عليه من امكانية للتعرف على القرى اللبنانية، قبل ان تلقي رئيسة جمعية “درب الجبل اللبناني” السيدة مايا كركور، كلمة اشارت فيها الى ان الدافع الاساسي لدرب الجبل اللبناني هو الاحتفال والتمتع بجبال لبنان، وثقافتها وتنوعها، والاضاءة على الارث والموارد الطبيعية والزراعية والتاريخية والثقافية فيها والتشديد على المحافظة عليها، والترويج لها من خلال السياحة المسؤولة والمستدامة التي تعود بالمنفعة على أهالي البلدات.
ولفتت الى ان الجمعية تعمل منذ العام 2007 على صيانة وتطوير الدرب والدروب الجانبية المتصلة به، وعلى برامج تنموية وتربوية وتثقيفية للمحافظة عليه وعلى الارث الذي يحمله. كما عملت الجمعية على تأمين البنية التحتية اللازمة للزوار، بالتعاون مع المجتمعات المحلية والبلديات والعاملين بهذا القطاع والمجتمع المدني والمحميات.
وعدَّدت كركور اهم الانجازات التي حققتها الجمعية خلال 11 سنة من عملها، ومنها رسم درب الجبل بطول 470 كيلومتراً، وصيانته، ووضع الشارات واللوحات التوجيهية عليه، وتشجيع أهالي القرى على اقامة بيوت للضيافة بلغ عددها اليوم 60 بيتاً، وتدريب 60 مرشداً محلياً، وتوفير مئات فرص العمل لأهالي البلدات، وتأمين مداخيل مباشرة للقرى التي يمر فيها الدرب.
وقالت” “أن درب الجبل يجذب حوالى 30 ألف زائر سنوياً من لبنانيين ومغتربين، وقد وضع لبنان على خريطة السياحة المسؤولة والمغامرة العالمية، وتم اختياره على لائحة أجمل سبعة دروب في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط”.
واعتبرت كركور أن أهم تحد اليوم هو حماية هذا الدرب لأن تخريبه يتم بوتيرة أسرع من حمايته، مؤكدة على أن الحاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى للحرص على تطبيق القوانين الموجودة، واقرار قوانين جديدة تلبي حاجة القطاع لسياسة تنمية شاملة وتخطيط مستدام.
والقى بعدها صاحب بيت الضيافة “وادي الزهور” في بلدة القمامين السيد محمد طالب، كلمة اشار فيها الى ان البيت هو عبارة عن مركز تجمع لمجموعات محبي المشي والطبيعة، حيث يشترك افراد عائلته في ادارته وخدمة المقيمين فيه، لافتاً الى انه امام ضعف وتدهور المردود الزراعي الذي كان المصدر الوحيد للعيش في القرية، كان لهذا المشروع الفضل في استمرار بقاء عائلته فيها وعدم نزوحها الى المدينة.
وقال :” زيارتنا لفخامتكم اليوم هي من اجل اطلاعكم شخصياً وبالصوت الحي، على نتائج هذه المشاريع وثمارها الاقتصادية والبيئية والتنموية، كما العمل بتوجيهاتكم على تطبيق سياسة التنميةوالسياحة المسؤولة، وصون القطاع من العابثين بجبال لبنان، الطامعين والجشعين، اصحاب الايادي السوداء، اصحاب المقالع والكسارات، وصونه ايضا من كل من لا قلب له ولامبالاة بارث لبنان الغني”.
ثم تحدثت المرشدة المحلية مع جمعية “درب الجبل اللبناني” السيدة جاكي خير الله، فاشارت الى تجربتها التي قادتها الى ان تصبح مرشدة عليه. وقالت: “انا لم احب الدرب ولم اصبح مرشدة عليه بل عشقته وصرت منه”.. مشيرة الى ان كونها اما لـــ 4 اولاد، لم يمنعها من المشاركة في التمرينات التي كانت تقيمها الجمعية، بحيث استطاعت ان ترافق اكثر من 300 سائح لبناني واجنبي على الدرب. وقالت ان جمعية ” درب الجبل اللبناني” حقققت انجازا عظيما للوطن بوصلها الدرب من شمال لبنان الى جنوبه مرورا بــ 75 ضيعة بهدف حماية الجبال وانعاش كل القرى التي تمر فيها اقتصاديا وسياحيا وبيئيا وتنمويا. الا ان الانجاز الاعظم والاصعب هو في المحافظة على الدرب وحمايته رغم كل الانتهاكات التي يتعرض لها.
وختمت متوجهة الى الرئيس عون بالقول: “ان الحدث التاريخي هو باستقبالنا في قصركم الكريم، برعاية فخامتكم، لتبَني الدرب عشية انطلاق رحلة الربيع السنوية، ما اعطانا الامل وعزز لدينا الايمان بان دربنا سيستمر كي يمشي عليه اناس كثر، فيحبوه ويتعلقوا به، ويساعدونا كي نحافظ عليه”.
ثم شارك المغترب اللبناني السيد ربيع عبد القادر خبرته مع درب الجبل اللبناني، مشيراً الى ان تعرفه على المشي في طبيعة لبنان من خلال درب الجبل قبل خمس سنوات، غيَّر مفهومه عن بلده وطبيعته، وهو المغترب منذ 18 سنة.
ولفت الى انه من خلال هذا الدرب نتعرف على حضارات كثيرة وكبيرة، وتنوع المأكولات، والمزروعات، والمشاهد الطبيعية. ودعا جميع المغتربين الى عيش هذه التجربة، مشيراً الى سعيه شخصياً لدعم جمعية الدرب اللبناني بأي وسيلة ممكنة.
وتحدث رئيس بلدية عيتنيت السيد اسعد نجم عن مرافقته لمشروع اطلاق “درب الجبل اللبناني”، وسعيه ليمر الدرب في بلدة عيتنيت، وصولاً الى انشاء بيوت للضيافة فيها.
وقال: “اصبح الدرب جزءاً من وجدان ابناء قرانا وذكرياتهم”، مشيراً الى ان البلديات باتت تعمل على حماية الدرب، وبالتالي حماية الطبيعة في لبنان.
وأضاف :” ان يعترف رئيس البلاد بدرب الجبل اللبناني، لهو علامة صارخة في الحياة الوطنية، علامة امل لشريحة كبيرة من المجتمع تتوق الى رؤية وجه بلدها الحقيقي، الغني بطبيعته وتراثه”.
وفي الختام القى الرئيس عون كلمة قال فيها:
“اهلا وسهلا بكم في القصر الجمهوري، بيت الشعب، هذا هو بيت جميع اللبنانيين وانتم تعرفون ذلك. كل امر يبدأ بحلم، والحلم يصبح كلمة يسمعها اناس لديهم إقدام ومحبة كي يتغلّبوا على الصعوبات. هذا هو مشروعكم وقد حوّلتموه من حلم الى حقيقة، والآن نحن جميعا نتشارك فيها بعدما نفّذتموها على الارض. لقد تكلّمتم كثيرا عن هذا المشروع وفوائده. وفي اعتقادي انّ ما قلتموه صحيح مئة في المئة. واليوم في مخيلّتي أرى قسما من هذه الطبيعة، لأنّ كل حياتي المهنية امضيتها بمهمّات إمّا في الجبل وإمّا على الساحل. وانّي من الذين يقدّرون جمال الطبيعة ويحبّون الحفاظ على الاشجار ويعملون على زيادة عددها على الاراضي اللبنانية.”
اضاف: “اني متأكّد انّ اللبنانيين عندما سيسيرون في هذا المسار سوف يحبّون وطنهم اكثر، ويقدرّون جماله فيتعّلّقون به اكثر. والقرى ستحافظ على تجذّر ابنائها فيها فيكسروا الوحدة التي قد يعيشون بها لأنّ الجبل اجمالا يعاني من عزلة الطقس ومن قلّة الاهتمام به.”
وختم بالقول: “اهنئكم على تحقيق حلمكم وعلى الإقدام الذي تتميّزون به، وتغلّبكم على الصعاب، كما على صبركم. وهذا الحلم اصبح حقيقة نحن سنتمتّع بها مثل جميع زوارنا في المستقبل والذين نأمل ان يكونوا كثرا. وليوفقكم الله.”
حفل كوكتيل
وبعد انتهاء الحفل، قدم اعضاء الجمعية علم الجمعية لرئيس الجمهورية، قبل ان ينتقل الرئيس عون واللبنانية الاولى والحضور الى قاعة 25 ايار في القصر حيث اقيم حفل كوكتيل بالمناسبة قام عدد من النساء من القرى اللبنانية المختلفة باعداد اطباقه للتعريف على ما يميز القرى اللبنانية من مأكولات ومنتجات زراعية محلية.
جمعية درب الجبل اللبناني
وجمعية “درب الجبل اللبناني” تأسست العام 2007 وتعنى برسم الدرب وصيانته والحفاظ عليه والعمل مع المجتمعات المحلية والمؤسسات الرسمية لدعم السياسات الحاضنة لقطاع السياحة المسؤولة والتنمية الريفية وهي عضو مؤسس في شبكة الدروب العالمية WTN.