عاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون الى بيروت صباح اليوم، بعد ان ترأس رئيس الجمهورية وفد لبنان الى الامم المتحدة في دورتها الـ73 والقى كلمة لبنان فيها، واجرى سلسلة لقاءات مع رؤساء وزعماء عدد من الدول.
وعلى متن الطائرة التي اقلته الى بيروت، كانت للرئيس عون دردشة مع الصحافيين تناولت مختلف المواضيع، فقال ان مشاركته في اعمال الدورة الـ73 للامم المتحدة، كانت بهدف القاء كلمة تنقل الواقع اللبناني والافكار اللبنانية، ورؤيتنا لمواقف اتخذتها دول كبرى الا انها تعود علينا بالاذى، على غرار القضية الفلسطينية وتداعياتها والقضية اللبنانية، “كما انني اعطيت تصوراً لانشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” بعد ان طرحت مبادرة جعل لبنان مركزاً دوليا لحوار الاديان والثقافات والاعراق السنة الماضية وقدمت هذه السنة تفصيلاً لها. ورغبت ان اقدّم شخصياً رؤيتنا في المحيط الذي نعيش فيه، فهناك قضية عربية لن نتنازل عنها حتى لو تنازل عنها غيرنا وهي قضية فلسطين، وهناك قضية النازحين السوريين، وواقع الامم المتحدة الذي تحدثت عنه الرئيسة الحالية للجمعية العامة وتتناول تحويل المنظمة الدولية الى مؤسسة تحظى بثقة العالم للمساعدة على حل المشاكل. وحاولت مخاطبة الضمير العالمي وحثه على التحرك لاننا بتنا نعيش في مجتمع عالمي مفترس، ولا يجوز للانسان ان يفرغ نفسه من القيم”.
ورداً على سؤال حول الحملة التي تستهدفه، اكد الرئيس عون انها حملة شخصية ولكنها “كاذبة”، ولذلك فهو لا يتأثر بها، و”هناك من لديه شغف بالشائعات التي يحبها الانسان ويفضلها على الحقيقة، رغم ان الحقيقة جميلة جداً ولكن الانسان يملّ منها لانها لا تحتمل الا وجه واحد، بينما للشائعة وجوه عدة تتغيّر فيفضلها حتى ولو كانت بشعة. مع الاسف ان هذه العادة وصلت الى اناس كان من المتوقع منهم استنهاض الهمم عند وقوع الازمات.”
وعن الابقاء على ربط الحل السياسي في سوريا بعودة النازحين، شدد الرئيس عون على وجود اصرار للابقاء على الموقف الدولي المؤيد لهذا الربط، خصوصاً وان هناك خلفية معيّنة متعلقة بالاوجه الكثيرة للسياسة. وقال: “اعطينا امثلة على تأخر الاتفاق على حلول السياسية لازمات كبيرة، ومنها القضية القبرصية التي قسمت الجزيرة بين الاتراك واليونانيين ولا يزال الحل السياسي متعذراً. وهناك ايضاً القضية الفلسطينية التي لا يزال اللاجئون ينتظرون 70 سنة من اجل التوصل الى حل سياسي، فيما الامور تزداد سوءاً وقد نشهد بين ليلة وضحاها غياب الوطن بالنسبة الى الفلسطينيين، بينما اوقفت الولايات المتحدة تمويل وكالة “الاونروا” لاغاثة اللاجئين رغم ان اسباب وجود هذه الوكالة لم تنتف بعد.”
وفي موضوع الحكومة، اعتبر رئيس الجمهورية “ان هناك نوعان من الحكومات، حكومة اتحاد وطني ائتلافية او حكومة اكثرية، واذا لم نتمكن من تأليف حكومة ائتلافية، فلتؤلف عندها حكومة اكثرية وفقا للقواعد المعمول بها، ومن لا يريد المشاركة فليخرج منها .”
وعما اذا كان هذا الخيار متاحا ويسهل تمريره في مجلس النواب، قال رئيس الجمهورية: “ان الامور لا تبدأ على هذا النحو، فمن يريد تأليف حكومة يستطيع تأليفها وفقا لقناعاته والمقاييس والمعايير المتماثلة لقانون النسبية. واذا استمر البعض في الرفض تارة والقبول طورا، فلتؤلف وفقا للقناعات واذا شاءت اطراف عدم المشاركة، فلتخرج منها”. اضاف: “انا رئيس للجمهورية ولا يمكنني الخروج من الحكومة، لكن قد تخرج الاحزاب التي تؤيدني منها “.
واوضح انه وقبل سفره الى نيويورك لم تكن هناك من حلحلة على خط التأليف، قائلا: “بعد عودتي الى بيروت، اذا كان قد اعدوا صيغة حكومية سنطلع عليها وما اذا كانت تعتمد الوفاق لنقرر عندها ما سنفعل”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان الامر متوقفاً عند الرئيس المكلف، اجاب الرئيس عون: “ان ما هو مؤسف لدى السياسيين، انه اذا ما اوحى رئيس الجمهورية بأمر ما، تصدر التحليلات والتصريحات عن رغبة الرئيس في تخطي صلاحياته وبانه يريد تهميش الجميع. واذا لم يتدخل رئيس الجمهورية، يتساءلون اين هو الرئيس وماذا عن دوره ولماذا يقف متفرجاً؟” وشدد على ان الحل يتمثل “بقيام احد بأخذ المبادرة، ولكن ليس انا من سيأخذها، ذلك اني لست في الجمهورية الاولى، فالكل يعيد التأكيد على جمهورية الطائف، حتى ان البعض نكر عليّ حقي في عدم قبولي تشكيلة حكومية، فيما الامر ينص عليه الدستور. فليشرحوا لي معنى الشراكة”.
وفي ما خص اعتبار البعض ان المبادرة هي نوع من التنازل، قال الرئيس عون ان لرئيس الحكومة الحق في المبادرة، رضي الافرقاء او لم يرضوا. وقال:” كنت اتمنى لو تم تأليف الحكومة بعد 15 عشر يوما من التكليف، وكل يوم اتمنى ان يحصل الامر في اليوم التالي.” وعما اذا كانت العقدة الخارجية لا تزال موجودة قال: “ان الامور مختلطة”، وتابع: ان العقدة تكون احيانا خارجية لكن يعبّر عنها محليا.
ورداً على سؤال حول الخطوات التي يمكن ان يتخذها اذا طالت عملية التأليف، قال: “اذا اقدمنا على اتخاذ خيارات، فعندها تكون الامور قد وصلت الى مكان لم يعد من الممكن سوى اتخاذ مثل هذه الخيارات.”
وعن احتمال فرض عقوبات اميركية على لبنان ومدى ارتباط ذلك بمنع عودة النازحين، قال الرئيس عون:” ليست هناك اليوم قواعد للتعاون”، مشيرا الى ان لا احد يعلم ماذا سيقرر الرئيس الاميركي.
وعن طمأنته ابناء الجالية اللبنانية في نيويورك بالامس الى الوضع الاقتصادي، وما اذا كانت تستند الى معطيات فعلية، اكد رئيس الجمهورية ان لبنان “وضع الخطة الاقتصادية التي سيعمل عليها وفقا لمقررات مؤتمر “سيدر”، ونحن في انتظار الحكومة، بحيث انه كان بامكاننا المباشرة بتنفيذ الخطة في شهر ايار الفائت”، لافتا الى انه قد يكون هناك استياء اوروبي من التأخير.
وتابع: “ان الازمة الاقتصادية صعبة ولكنها قابلة للحل ويمكننا القيام بالعديد من الامور في هذا المجال، وقد بدأنا بمحاربة الفساد بعد ان حاربنا الارهاب، ويحب “تنظيف الادارة” واعتماد الاقتصاد الانتاجي بدل الريعي الذي يؤدي الى خسارة مؤكدة، والامثلة على الخسائر كثيرة.”
وعن الاحداث الاخيرة في مطار بيروت، اجاب الرئيس عون: “لم لم تسألونني كيف أٌنزل الركاب من الطائرة؟. وقال:” انتم كنتم معي على متن الطائرة، الا تريدون ان تشهدوا؟ هل تغيّر شيء في الطريقة المعتادة؟” واعاد التأكيد على انه من العار ان تبقى ادارة من هذا النوع في المطار وفي كل مكان يشهد فضيحة.
وسئل عن اعادة المقاومة الى الادبيات اللبنانية من على منبر الامم المتحدة ، فأجاب: “لا يمكنني انكار تاريخنا، وقد ذكرت وقائع في خطابي”، وسأل عما فعله مجلس الامن بعد صدور القرار 425 الملزم؟ مؤكدا ان الاحتلال الاسرائيلي هو الذي ادى الى قيام المقاومة المسلحة، وسأل: هل من احد ينكر على المقاومة انها اخرجت الاسرائيلي؟ او ان ينكر الاعتداء الاسرائيلي في العام 1993 وعناقيد الغضب في العام 1996 او مقابر مئة طفل التي خلفتها؟ وكم من مرة انتقمت اسرائيل من لبنان، ان من خلال استهدافها معامل الكهرباء او عمليات الخطف العسكرية او غيرها من العمليات؟.
واعاد الرئيس عون التأكيد على ان حزب الله تصدى لاول هجوم لمجموعات ارهابية على لبنان من القصير، قائلا: كلنا نحارب الارهاب في لبنان. ولست انا من احيي المقاومة، بل اتحدث عن تاريخ لبنان ، ذلك ان المقاومة تعيش بقدراتها. والازمة السورية جعلت حزب الله ضمن القضية الاقليمية. واذا كان المجتمع الدولي غير قادر على مساعدتنا لحل ازمة النازحين السوريين، فكيف يمكن لنا ان نعالج مسألة حزب الله وحدنا، وقد اصبحت لها ابعاد اقليمية ودولية، وقبل حل مشكلة الشرق الاوسط؟ فليتم ايجاد حل لازمة الشرق الاوسط، وبعدها حل سائر المسائل المتفرعة عنها.