خالد أبو شقرا – نداء الوطن
رمى وزير المالية يوسف الخليل عشية الجلسة النيابية لانتخاب الرئيس “قنبلة صوتية” صمت آذان اللبنانيين. فقد صرح لوكالة “رويترز” أمس أن “البنك المركزي سيتبنّى سعر صرف رسمياً قدره 15 ألف ليرة، بدلاً من 1507 إبتداءً من نهاية تشرين الأول المقبل. وقبل الدخول بتداعيات مثل هذا القرار، الذي استلحق ببيان توضيحي تخفيفي من “المالية”، فان التسليم جدلاً بامكانية السير به قبل نهاية العام “لن يكون بمفعول رجعي”، بحسب المستشار المالي د. غسان شماس. و”عليه ستبقى القروض بالدولار للمقيمين من محدودي الدخل تسدد على 1500 ليرة، ولن تعدل في المقابل قيمة السحوبات من المصارف المحددة بالتعميمين 151 و158″؛ إلا اذا ارتأى “المركزي” عكس ذلك.
وإذا ما استثنينا المعاملات المصرفية، وعقود الايجارات السكنية التي “تتحدد بحسب الحد الادنى للاجور وبالاتفاق بين المالك والمستأجر”، كما يقول الخبير الاقتصادي أنيس بو دياب، فان “تعديل سعر الصرف يطبق على المعاملات المقومة بالدولار مع الدولة تحديداً. وهو ما يضيف هما جديداً على عاتق المكلفين”.
على مَن يؤثر تخفيض سعر الصرف الرسمي من 1500 ليرة، إلى 15 ألفاً؟ سؤال ملأ الفضاء اللبناني وشغل المواطنين والخبراء منذ تلفظ يوسف الخليل بكلمته.
سيؤثر أولاً على المكلفين بتسديد الضرائب والرسوم. خصوصاً على العقود المقومة بالدولار كرسم القيمة التأجيرية على سبيل المثال إذا كان التخمين بالدولار.
من جهة ثانية سيلحق سعر الصرف الجديد السلع المستوردة الخاضعة للضريبة. ولنأخذ مثلا السيارات المستوردة التي تزيد قيمتها عن 20 مليون ليرة. فبالاضافة إلى الرسم الجمركي بنسبة 5 في المئة المحتسب على أساس 15 الف ليرة، سيحتسب رسم الاستهلاك الداخلي بنسبة 45 في المئة أيضاً على 15 ألف ليرة باعتباره سعر الصرف الرسمي. أما الضريبة على القيمة المضافة التي توضع على قيمة السيارة + رسم الجمرك + رسم الاستهلاك المحلي، فهي محددة بنسبة 11 في المئة ويتم تقاضيها بحسب القرار 893 على أساس سعر صرف منصة صيرفة. وعليه سيصبح شراء سيارة ضرباً من المستحيل. هذه المعادلة تنسحب أيضاً على المواد الغذائية المعفية من الجمارك التي تخضع لـ”ضريبة بنسبة 3 في المئة إلى حين”. حيث ستحتسب هذه النسبة على سعر صرف بقيمة 15 ألف ليرة وليس 1500 ليرة. الامر الذي سيتسبب بتضخم هائل.
سيطال القرار قيمة التراخيص لانشاء المشاريع والاعمال. كما سيؤثر هذا السعر حكماً على حسابات الشركات الخاصة سواء كانت تجارية صناعية مطعمية فندقية… أو خلافه، التي تضع ميزانياتها بالليرة والدولار، نظراً لكونها تتعامل بالعملتين. وبالتالي ستستحق الضرائب والرسوم عليها على أساس سعر الصرف الجديد.
خفض سعر صرف العملة الوطنية 10 أضعاف سيترك أثراً كبيراً على الثقة بالبلد والاقتصاد. فمعرفة الجميع بانهيار قيمة الليرة شيء، واعتراف الدولة رسمياً به أمر آخر.
من الناحية النظرية فان تراجع الاستهلاك وزيادة الحاجة إلى الليرات لدفع المتطلبات على سعر الصرف الجديد سيؤديان إلى “انخفاض الطلب على الدولار بشكل مباشر وغير مباشر”، بحسب بو دياب، “إلا أن الامور في لبنان لا يمكن قياسها على العلم النظري فقط، فالأمور على أرض الواقع قد تخالف النظريات وتذهب بالدولار صعوداً نظراً لانعدام الثقة واليقين”.
وبحسب غسان شماس فان “سعر الصرف الرسمي يحدث الفرق الاساسي عندما يبدأ التقريش بين المصارف والمواطنين، وليس بينهم وبين الدولة. ذلك أنه سبق للدولة أن حددت ايراداتها من الجمارك على أساس سعر صرف 15000 ليرة”. إلا أنه في المقابل ستضطر الدولة إلى الدفع للمتعهدين والمقاولين وبقية المتعاملين معها، على سعر صرف 15 الف ليرة وليس 1500 ليرة، وبالتالي ستزيد انفاقاتها. وبرأي شماس لن يكون لسعر الصرف الجديد انعكاس على القروض ولا سيما السكنية لانها تؤدي إلى إفلاس المواطنين. نظراً لان قيمة دفعاتهم الشهرية ستتخطى رواتبهم بأضعاف مضاعفة.
في الوقت الذي تشدد فيه مختلف الجهات الدولية على توحيد سعر الصرف بمعدلات قريبة من سعر صرف السوق الموازية، أضافت المالية سعراً جديداً، سيزيد التعقيدات ولن يصل إلى بر أمان السعر الموحّد.