ولادة قيصرية أو تعجيزية، أو سمِّها ما شئت، المهم أن الحكومة خرجت إلى النور في ليلة ظلماء، محاولة شق طريقها في مجموعة من حقول الألغام، تبدأ بالمعارضات السياسية المتعددة الأطراف، وتصل إلى المعارضة المتوقعة من جماعات الحراك.
عملياً، لا فائدة من الإسراع والتسرّع في معارضة الحكومة الوليدة، لأن الأوضاع المالية والمعيشية لا تحتمل ترف إضاعة الوقت في مماحكات سياسية، وفي لعبة القط والفأر في الشارع، خاصة وأن البلد بلا سلطة تنفيذية منذ ثلاثة أشهر، والحكومة المستقيلة كانت ممتنعة عن تصريف الأعمال بطريقة فاعلة ومفيدة.
ولا بد من الاعتراف، بأن ردود الفعل المحلية، السلبية منها والإيجابية، على أهميتها، لن تكون هي المقياس الذي سيقرر مصير الحكومة الجديدة، حيث سيكون نجاحها أو فشلها مرتبطاً بمواقف الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، التي كانت تنتظر تركيبة الحكومة لتبني على الشيء مقتضاه.
التحدي الأساسي الذي يواجه حكومة حسان دياب هو الإيحاء الفوري بالثقة للدول الشقيقة والصديقة المستعدة لمساعدة لبنان في الخروج من أزمته المالية الراهنة، وتوفير الإنعاش الفوري للوضع النقدي الذي يوقف مسار التدهور الحالي في أسعار الليرة تجاه الدولار.
واقعياً، هي حكومة، على شاكلة الأطراف السياسية التي رشّحت وزراءها، ولا تشبه كثيراً الحراك في الشارع، ولا تُلبي طموحات الشباب في التغيير، لا سيما وأن قيادات الانتفاضة لم ترشح أحداً لدخول الحكومة، ولم تطرح حتى الآن برنامجاً واضحاً يحوّل الشعارات إلى بنود عملية ومتماسكة.
هي حكومة «ليس بالإمكان أحسن مما كان»، وقد يعتبرها البعض «حكومة الحد الأدنى»، و«حكومة اللون الواحد»، إلى أبشع الأوصاف والتشكيكات السياسية وغير السياسية، ولكن تبقى مسألة «إعطاء فرصة» للحكومة قابلة للنقاش وموضوع التباس، بانتظار وضوح مستوى أداء الوزراء الجدد، وهل يصل إلى درجة «الحكومة الإنقاذية» التي يحتاجها البلد قبل أن يسقط السقف فوق رؤوس الجميع!
فهل تستطيع الحكومة الوليدة تحقيق الانفراج وتجنيب البلاد والعباد الانفجار؟