توقفت الأوساط السياسية أمام خلو البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب من المبادرة الروسية لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم وقراهم في سوريا، مع أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان يراهن عليها لرفع الضغوط المالية والاقتصادية والاجتماعية المكلفة للبنان من جراء استضافته لهم، وسألت عن الأسباب الكامنة وراء إغفال الحديث عنها والتعامل معها وكأنها لم تكن، في حين اضطرت الحكومة إلى الترحيب بأي مبادرة تدفع باتجاه تحقيق عودتهم الآمنة والكريمة.
كما سألت الأوساط السياسية نفسها ما إذا كان تجاهل الحكومة للمبادرة الروسية يعني بطريقة غير مباشرة بأن لديها جملة من المعطيات تؤشر إلى أنها سُحبت من التداول حتى إشعار آخر لئلا يقال بأنها أصبحت مادة أرشيفية. ولفتت إلى أن تجاهل البيان الوزاري لهذه المبادرة يدفع للاعتقاد بأنها أصبحت من الماضي رغم الآمال التي كانت معقودة عليها من قبل الرئيس عون وفريقه الوزاري والاستشاري الملحق به، خصوصاً بعد القمة التي عقدها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو وراح يهلل لها باعتبار أنه حقق إنجازاً سيُترجم في عودة النازحين السوريين إلى ديارهم في سوريا.
ولم يكتف الرئيس عون بالتهليل لهذا الإنجاز وإنما ذهب فريقه الوزاري إلى توظيفه شعبوياً ضد «قوى 14 آذار سابقاً» واتهامها بأنها تنفذ أجندة أميركية – أوروبية تريد من خلالها ربط عودة النازحين السوريين بالوصول إلى حل سلمي من شأنه أن ينهي الحرب في سوريا. وفي هذا السياق، كان لافتاً أن هذا الفريق ذهب بعيداً في تصعيد حملاته السياسية والإعلامية ضد خصومه المشاركين في حكومة العهد الأول برئاسة سعد الحريري مع أن الرئيس عون يرفض الاعتراف بأنها حكومته الأولى. وتمادى هذا الفريق أيضاً ومن خلال وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل في سوقه الاتهامات ضد معارضيه متجاوزاً الدور الذي أُنيط باللجنة الوزارية التي شُكّلت برئاسة الحريري وكُلّفت بمتابعة ملف عودة النازحين السوريين.
لكن سرعان ما تبين أن الفريق الوزاري والاستشاري الملحق برئيس الجمهورية أجرى قراءة لما توصّلت إليه قمة عون – بوتين بخلاف المعلومات التي أخذت تظهر تباعاً وفيها أن موسكو تصرّ على توفير الشروط الاجتماعية والاقتصادية والضمانات الأمنية لعودة النازحين سواء لجهة وقف الملاحقات، وإصدار عفو عام وتأجيل استدعاء المتخلفين عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية.
كما أن موسكو لم تنجح في إقناع المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة بتوفير الدعم المالي لعودة النازحين بذريعة أن الأولوية يجب أن تكون للحل السياسي، إضافة إلى أنهما لا يوفران الغطاء السياسي لإقامة العائدين في مخيمات تقام خصيصاً لهم بعيداً عن بلداتهم، لأنه من غير الجائز أن يتحوّل هؤلاء إلى مهجرين في داخل سوريا.
وفي المقابل نجحت قوى المعارضة في إحباط المناورة التي قادها باسيل ضدهم بذريعة أنها لا تشجّع على عودة النازحين مع أن الحريري كان أول من طلب مساعدة موسكو لتنظيم عودتهم إلى سوريا. وتجلى موقف المعارضة في دعم الجهود الرامية إلى عودتهم من دون ربط هذه العودة بالحل السياسي، وسارعت إلى تأكيدها الوقوف وراء عون وقالت إنها ستكون أول الشاكرين له في حال لقي تجاوباً من النظام في سوريا.
وهكذا راحت تتبخر تدريجياً الرهانات على عودة النازحين، فيما أصر باسيل من خلال مستشاره للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد على الترويج باقتراب الفرج، إلا أن باسيل حاول من خلال وجوده في الحكومة السابقة التذرّع بأن ما يعيق عودتهم رفض الفريق الآخر رفع مستوى الاتصال بالنظام في سوريا الذي كان يتولاّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ويشرف على من يودّ العودة طوعياً. ولم يلقَ طلبه اعتراضا وله ملء الحرية في الذهاب باسمه الشخصي بعد أن كان سبقه إلى دمشق وزير الدولة لشؤون النازحين في الحكومة السابقة صالح الغريب من دون موافقة الحريري، محاولا أيضاً الالتفاف على اللجنة الوزارية المكلفة بملف النازحين. كما أن الفريق الوزاري للرئيس عون كان قد لوّح بالنيابة عنه أنه يرغب في التوجه إلى دمشق للقاء نظيره السوري بشار الأسد، لكن اللقاء لم يحصل مع أنه لا يوجد اعتراض على ذهابه.
لذلك أصيب «العهد القوي» كما تقول مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط» بانتكاسة على خلفية تعثّر المبادرة الروسية لعودة النازحين من جهة وإصرار النظام في سوريا على التدقيق في لوائح العائدين طوعاً وشروعه في شطب العدد الأكبر من الشبان الراغبين في العودة. فهل سيلقى عون استجابة من الأسد للتعويض عن شطب المبادرة الروسية من البيان الوزاري أم أن دمشق ستكتفي في حال حصول هذه القمة بأن تأخذ منها مبادرة الرئاسة مباشرة أو بالواسطة إلى رفع مستوى الاتصال بالنظام في سوريا من دون أن يكون مقروناً باستعداد الأخير بإعادة النازحين من ضمن جدول زمني يتم الاتفاق عليه.
وإلى أن يستجيب النظام في سوريا لطلب لبنان بإعادة النازحين فإن ترحيب لبنان كما ورد في البيان الوزاري بأي مبادرة لن يلقى استجابة دولية أو إقليمية، وبالتالي هل تبادر الحكومة إلى الاتصال بدمشق لهذا الغرض، خصوصا أنها من لون واحد ولا يوجد فيها من يعترض على التواصل بين الحكومتين إلا إذا ارتأى لبنان الرسمي التريُّث لئلا يشكل إلحاحه على برمجة عودتهم إحراجاً لدمشق لأنه ليس من الوارد إعادتهم في الوقت الحاضر.
كما سألت الأوساط السياسية نفسها ما إذا كان تجاهل الحكومة للمبادرة الروسية يعني بطريقة غير مباشرة بأن لديها جملة من المعطيات تؤشر إلى أنها سُحبت من التداول حتى إشعار آخر لئلا يقال بأنها أصبحت مادة أرشيفية. ولفتت إلى أن تجاهل البيان الوزاري لهذه المبادرة يدفع للاعتقاد بأنها أصبحت من الماضي رغم الآمال التي كانت معقودة عليها من قبل الرئيس عون وفريقه الوزاري والاستشاري الملحق به، خصوصاً بعد القمة التي عقدها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو وراح يهلل لها باعتبار أنه حقق إنجازاً سيُترجم في عودة النازحين السوريين إلى ديارهم في سوريا.
ولم يكتف الرئيس عون بالتهليل لهذا الإنجاز وإنما ذهب فريقه الوزاري إلى توظيفه شعبوياً ضد «قوى 14 آذار سابقاً» واتهامها بأنها تنفذ أجندة أميركية – أوروبية تريد من خلالها ربط عودة النازحين السوريين بالوصول إلى حل سلمي من شأنه أن ينهي الحرب في سوريا. وفي هذا السياق، كان لافتاً أن هذا الفريق ذهب بعيداً في تصعيد حملاته السياسية والإعلامية ضد خصومه المشاركين في حكومة العهد الأول برئاسة سعد الحريري مع أن الرئيس عون يرفض الاعتراف بأنها حكومته الأولى. وتمادى هذا الفريق أيضاً ومن خلال وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل في سوقه الاتهامات ضد معارضيه متجاوزاً الدور الذي أُنيط باللجنة الوزارية التي شُكّلت برئاسة الحريري وكُلّفت بمتابعة ملف عودة النازحين السوريين.
لكن سرعان ما تبين أن الفريق الوزاري والاستشاري الملحق برئيس الجمهورية أجرى قراءة لما توصّلت إليه قمة عون – بوتين بخلاف المعلومات التي أخذت تظهر تباعاً وفيها أن موسكو تصرّ على توفير الشروط الاجتماعية والاقتصادية والضمانات الأمنية لعودة النازحين سواء لجهة وقف الملاحقات، وإصدار عفو عام وتأجيل استدعاء المتخلفين عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية.
كما أن موسكو لم تنجح في إقناع المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة بتوفير الدعم المالي لعودة النازحين بذريعة أن الأولوية يجب أن تكون للحل السياسي، إضافة إلى أنهما لا يوفران الغطاء السياسي لإقامة العائدين في مخيمات تقام خصيصاً لهم بعيداً عن بلداتهم، لأنه من غير الجائز أن يتحوّل هؤلاء إلى مهجرين في داخل سوريا.
وفي المقابل نجحت قوى المعارضة في إحباط المناورة التي قادها باسيل ضدهم بذريعة أنها لا تشجّع على عودة النازحين مع أن الحريري كان أول من طلب مساعدة موسكو لتنظيم عودتهم إلى سوريا. وتجلى موقف المعارضة في دعم الجهود الرامية إلى عودتهم من دون ربط هذه العودة بالحل السياسي، وسارعت إلى تأكيدها الوقوف وراء عون وقالت إنها ستكون أول الشاكرين له في حال لقي تجاوباً من النظام في سوريا.
وهكذا راحت تتبخر تدريجياً الرهانات على عودة النازحين، فيما أصر باسيل من خلال مستشاره للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد على الترويج باقتراب الفرج، إلا أن باسيل حاول من خلال وجوده في الحكومة السابقة التذرّع بأن ما يعيق عودتهم رفض الفريق الآخر رفع مستوى الاتصال بالنظام في سوريا الذي كان يتولاّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ويشرف على من يودّ العودة طوعياً. ولم يلقَ طلبه اعتراضا وله ملء الحرية في الذهاب باسمه الشخصي بعد أن كان سبقه إلى دمشق وزير الدولة لشؤون النازحين في الحكومة السابقة صالح الغريب من دون موافقة الحريري، محاولا أيضاً الالتفاف على اللجنة الوزارية المكلفة بملف النازحين. كما أن الفريق الوزاري للرئيس عون كان قد لوّح بالنيابة عنه أنه يرغب في التوجه إلى دمشق للقاء نظيره السوري بشار الأسد، لكن اللقاء لم يحصل مع أنه لا يوجد اعتراض على ذهابه.
لذلك أصيب «العهد القوي» كما تقول مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط» بانتكاسة على خلفية تعثّر المبادرة الروسية لعودة النازحين من جهة وإصرار النظام في سوريا على التدقيق في لوائح العائدين طوعاً وشروعه في شطب العدد الأكبر من الشبان الراغبين في العودة. فهل سيلقى عون استجابة من الأسد للتعويض عن شطب المبادرة الروسية من البيان الوزاري أم أن دمشق ستكتفي في حال حصول هذه القمة بأن تأخذ منها مبادرة الرئاسة مباشرة أو بالواسطة إلى رفع مستوى الاتصال بالنظام في سوريا من دون أن يكون مقروناً باستعداد الأخير بإعادة النازحين من ضمن جدول زمني يتم الاتفاق عليه.
وإلى أن يستجيب النظام في سوريا لطلب لبنان بإعادة النازحين فإن ترحيب لبنان كما ورد في البيان الوزاري بأي مبادرة لن يلقى استجابة دولية أو إقليمية، وبالتالي هل تبادر الحكومة إلى الاتصال بدمشق لهذا الغرض، خصوصا أنها من لون واحد ولا يوجد فيها من يعترض على التواصل بين الحكومتين إلا إذا ارتأى لبنان الرسمي التريُّث لئلا يشكل إلحاحه على برمجة عودتهم إحراجاً لدمشق لأنه ليس من الوارد إعادتهم في الوقت الحاضر.
(الشرق الاوسط)