لم يَحُلْ الانهماكُ اللبناني بانطلاقِ جلساتِ مجلس النواب أمس، لمناقشةِ البيان الوزاري للحكومة الجديدة، دون بروز تَرقُّبٍ كبير لما ستحمله محادثات المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا في بيروت ابتداءً من اليوم، وما قد يتخلّلها من مفاجآتٍ تكرّس استمرار مسار دعم الرياض للبنان ومؤسساته الشرعية.
وفيما كانت «جلسات الثقة» المضمونة بحكومةِ «إلى العمل» التي تلا رئيسُها سعد الحريري بيانها الوزاري على مسامع النواب تعكس رغبةَ غالبية القوى في تَفادي أيّ مَظاهر سِجاليةٍ نافرة، على خلفية عناوين سياسية أو اقتصادية، يمكن أن تترك ارتدادات سلبية على «إقلاع» العمل الوزاري الذي يركّز على ملاقاة متطلّبات مؤتمر «سيدر 1»، فإن المَشهد خارج جدران البرلمان الذي يتوقَّع ان يمدّد جلساته (كانت محدَّدة أمس واليوم) إلى الجمعة أو السبت نظراً الى كثرة طالبي الكلام من النواب، كان مشدوداً إلى دلالاتِ زيارة العلولا التي تحمل عنوان التهنئة بتشكيل الحكومة وتأكيد دعم قيادة المملكة للبنان واستقراره وسيادته واستعادة «توازنه» في سياق عملية النهوض المالي – الاقتصادي التي لم يعد هناك مفرّ منها.
وإذ تعكس محطة العلولا، الذي وصل مساء أمس وسيلتقي ابتداء من اليوم رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري وشخصيات سياسية وحزبية صديقة، حرْصَ الرياض على «تجديد الثقة» بالواقع اللبناني رغم اختلال التوازنات التي اتكأت عليها التسوية السياسية التي أنهت الفراغ الرئاسي العام 2016 بفعل «الانقلاب» الذي حملتْه نتائج الانتخابات النيابية وترجماتها في الحكومة الجديدة، فإن هذا الأمر يكتسب أبعاداً بالغة الأهمية، بحسب أوساط سياسية، ترى أن السعودية ستظهّر عبر محطة الموفد الملَكي احتضانَها للبنان من خلف كل محاولات تظهير وجود «تَفوُّق» إيراني في «بلاد الأرز».
وإذ تحاذر الأوساط اعتبار زيارة العلولا رداً على محطة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بيروت، إلا أنه لا يمكن فصْلها عن المناخ الذي أحاط اندفاعة الأخير ومعه «حزب الله» في محاولةٍ لتظهير حجم التأثير الإيراني في الواقع اللبناني عشية استحقاقات اقليمية ودولية بارزة بينها مؤتمر وارسو الذي لن تغيب عنه طهران (والحزب) من بوابة أدوارها خارج حدودها وبرامج صواريخها البالستية.
وفيما تتوقّف هذه الأوساط عند ان زيارة ظريف انتهتْ الى «صفر نتائج» بعدما تفادى لبنان الرسمي الانزلاق إلى أيّ تعاون ثنائي في ملفات اقتصادية أو عسكرية أرادتْه طهران في سياق الالتفاف على مسار العقوبات الأميركية وكان من شأنه تعريض بيروت لـ«متاعب» مع المجتمعين العربي والدولي ليست في وارد «الانكشاف» عليها، تدعو إلى رصْد ما إذا كانت محطة العلولا ستترافق مع مفاجأةٍ على صعيد تقديم دعم مالي للبنان وفق ما شاع في بعض الدوائر وذلك في سياق التشديد على ان «بلاد الأرز» ليست «متروكةً» وأن لا نهائيات على صعيد التوازنات المحلية وضرورة رفْد «خط الصمود» الداخلي الذي يلتفّ حول الشرعية ومؤسساتها.
ويفترض أن يشارك العلولا اليوم في «منتدى الطائف… إنجازات وأرقام» الذي تقيمه السفارة السعودية في بيروت بالتعاون مع مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة في الذكرى 14 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي سيحضرها الرئيس سعد الحريري عشية المحطة المركزية في هذه المناسبة غداً والتي تسبقها إطلالة لرئيس الحكومة ابتداءً من اليوم عبر صحيفة «النهار» ومنصاتها الالكترونية.
وفي موازاة «التزاحُم» الديبلوماسي في اتجاه لبنان والذي يضرب مواعيد مع محطات أوروبية أخرى هذا الشهر، كان لافتاً الحِرك المكثف للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في سياق مباشرة مهماته في بيروت حيث زار أمس، عون الذي جدد «احترام لبنان للقرار 1701 بكل مندرجاته في وقت تواصل اسرائيل خروقها واحتلالها لأجزاء من الاراضي اللبنانية».
من ناحيته، أكد كوبيتش «استمرار دعم الأمم المتحدة للبنان في كل المجالات وسنواصل تعاوننا ودعمنا لبرامج الحكومة»، موضحاً «ناقشنا ايضاً التطورات على النطاق الاقليمي الأوسع بدءاً من سورية، وعرضنا أوضاع النازحين السوريين، والحاجة لأن يقوم المجتمع الدولي بتسهيل المساعدات الانسانية من جهة، وايضاً المساعدة في الانماء الاجتماعي والاقتصادي ومشاكل الاستثمار التي تواجهها الحكومة».
الراي