أقلع الحكم في أشهره الأولى بوقود التفاؤل، وانتهى بإرساء معادلة أنّ القرار الفعلي هو لـ«حزب الله»، وتصريف الأعمال للحكومة التي تمّ اقتسامها بحصص ترجمت معظم الطيف السياسي، لكن بعد إفراغها من أيّ مضمون قادر على إعطاء صورة أنّ القرار الرسمي اللبناني يصدر على طاولتها، وذلك باستثناء مواقف معترضة لـ«القوات اللبنانية» ممثلة بوزيرها بيار أبو عاصي الذي اعترض بلا نتيجة على كلام الأمين العام لـ«حزب الله» في شأن استيراد عشرات آلاف المقاتلين الى لبنان، وكانت «القوات» تعرف قبل الجلسة أنّ اعتراضها هو تسجيل موقف للتاريخ لا أكثر.
معادلة الحكم التي استُهلّت بانتخاب عون رئيساً وتعطي للحزب ما له من استراتيجيات، ولمعظم الاطراف المشاركين فيها، ما يريدون من نفوذ في الإدارة، وما عملوا لإتمامه في المناقصات المنفوخة بالأسعار غير الواقعية، مرشّحة حتى إشعار آخر للاستمرار حتى السنة السادسة التي باتت عملياً تشبه السنة الأولى.
وإذا كانت الازمة الاقتصادية مرشّحة للتصاعد أكثر، فالأزمة السياسية، الى ارتفاع، بعد إنتاج قانون انتخاب هو في الحقيقة أفضل من قانون الستين، لكنه وبعد التمديد سنة للمجلس النيابي، مرشّح لأن يتحوّل هو الآخر علامة استفهام، حيث من الممكن أن تلجأ السلطة الى تمديد آخر، إذا ما شعرت بأنّ التمديد يمكن إمرارُه بذريعة وضع أمني طارئ أو تطورات إقليمية غير ملائمة.
لا يوحي الخلاف داخل الحكومة حول ملف اللاجئين، بأنّ ميزان القوى يمكن أن يستعيد جزءاً من التوازن، في ظل أكثرية مؤيّدة لخيار التفاوض مع النظام السوري لعودة اللاجئين متوَّجة بموقف مؤيّد من رئيس الجمهورية.
هذه الصورة تدلّ على أنّ التسوية الرئاسية التي أعقبها تشكيل حكومة غير متوازنة، لم تكن على قياس رهانات في أنّ الحكم سيكون منسجماً حول الخيارات الكبرى، ومنها خيار اللاجئين، والعلاقات العربية، وفيما بعد التحالفات الانتخابية، ولا تكفي الكيمياء المستجدّة بين رئيسَي الجمهورية والحكومة، لتفادي الألغام الناتجة عن تناقض الخيارات، فلا بد من أن يدفع طرف منهما ثمناً سياسياً، وعلى الأرجح لن يدفع الطرف الأقوى هذا الثمن، وفي كل الحالات يمكن تصوّر المسار المقبل قبل الانتخابات النيابية وبعدها على شكل استنزاف مستمرّ لما تبقى من انطلاقة أُريدَت للحكم والحكومة.