Lebanon On Time –
بقلم رصاصٍ كَتَبَ الأمينُ العام لحزب الله حسن نصرالله اسمَ تيار المردة سليمان فرنجية بوصْفه المرشّحَ الذي يدعمه للانتخابات الرئاسية، ليطوي بذلك صفحةً من التأييد كانت حتى الأمس القريب بـ”الحِبر السري” وتكتملَ فصولُ إسدالِ الستارة على مرحلة التخفّي خلف أوراق مستورة ونقْلِ استحقاق رئاسة الجمهورية إلى دائرةِ اللعب… على المكشوف.
وتَعاطتْ أوساطٌ سياسيةٌ في بيروت مع مُجاهَرَةِ نصرالله، بعد رئيس البرلمان نبيه بري، بأن الثنائي الشيعي بات يشكّل العربة التي تجرّ حصان فرنجية الرئاسي، على أنها خطوة في سياقٍ مزدوج: أولاً لـ”ردّ التهمة” عن حزب الله بأنه يختبئ خلف الورقة البيضاء في جلسات الانتخاب لتمويه عدم قدرة التحالف الذي يقوده على الاتفاق على اسمٍ واحد، كما للإمعان في رهْن الاستحقاق لأجندته الإقليمية عبر التعطيل المتمادي للدورات الثانية من الجلسات الـ11 وصولاً لرفْض بري الدعوة لأي جلسة جديدة ما لم تكن لانتخاب رئيس متَّفَّق عليه أو من بين اسميْن أو 3 مرشّحين من “المُنافِسين الجديين”.
وثانياً لاستدراج خصومه في المعارضة إلى الخروج مما يعتبره مناورةً بالإصرار على ترشيح النائب ميشال معوض على الرغم من عدم قدرةِ الأخير على اجتذاب أكثر من 45 صوتاً في أفضل الأحوال.
ولاحظت الأوساط أن نصرالله، الذي قَطع “لمرة واحدة ونهائية” الطريق أمام أي إمكانية لترشّح شريكه في تفاهم مار مخايل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وإن كان عزا “عزْله الناعم” عن دائرة الترشيح إلى عدم رغبة الأخير في ذلك واقتناعه عن صواب بأنه لا يملك فرصة في هذا الاستحقاق، جَعَلَ في الوقت نفسه فرنجية بمثابة المرشّح الأخير من 8 آذار الذي يمكن دعْمه بهذه الصفة، وجاعلاً من تأييده رسمياً للمرة الأولى منذ دخول البلاد مدار الانتخابات الرئاسية الخريف الماضي مدخلاً لحوار “فعلى هذا الأساس تفضّلوا أن نناقش ونجادل ونرى إلى أين سنصل”.
وإذ اعتبرتْ الأوساط لـ”الراي الكويتية”، أن من المبكر والاستسهال القفزُ إلى استنتاجٍ بأن إعلان دعم فرنجية هو في إطار إرساء الأرضية لـ”المقايضة” الرئاسية على رأس زعيم المردة ولا سيما في ظلّ جزم نصرالله بأن نصابَ جلسات الانتخاب في كل دوراتها هو 86 نائباً مسلّماً للمعارضة بحقها في تعطيل النصاب، وفق ما لمّح قادة فيها لمنْع انتخاب فرنجية بـ65 صوتاً بحال نجح في تأمينها، فهي توقّفت عند موقفٍ حمّال أوجه للأمين العام لحزب الله عزا فيه اللجوء طوال الفترة السابقة إلى “الورقة البيضاء” إلى “أننا عندما نكتب الاسم على الورقة فهذا يعني التزاماً قاطعاً وجدياً، ونحن لا نناور ولا نمزح ولا نحرق أوراقاً، وكل لبنان جرّبنا على مدى سنتين ونصف بالانتخابات الرئاسية الماضية”.
وعلى الرغم من أن هذا الكلام بدا في جانب منه موجَّهاً إلى باسيل ربْطاً بباب النقاش بين الطرفين الذي كان مفتوحاً حول ترشيح فرنجية واصطدم برفْض باسيل حواراً يرتكز على تبادُل لوائح أصرّ الحزب على ألّا يُسقَط منها اسم زعيم المردة من جانب الوطني الحر، إلا أن حزب الله بدا حريصاً على جعْل خروجه من الدائرة الرمادية في دعم فرنجية مفتاحاً لحوار حول الرئاسة مع الأطراف الأخرى وفق ما عبّر في شكل أكثر وضوحاً أمس نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بإعلانه “اطرحوا ما لديكم من أسماء ونضع كل الأسماء على الطاولة ونناقش مع بعضنا ونُفاضِل بين الأسماء، ونرى القواسم المشتركة، ونحاول أن نضع خطّاً يُقرّب وجهات النظر”.
واعتبرت الأوساط عيْنها أن حزب الله بترْكه الباب موارَباً أمام النقاش وتفاديه طرح معادلة “فرنجية أو لا أحد وإلى أبد الآبدين”، ترك مجالاً لسيناريوهيْن: الأول أنه ربما يكون يمهّد الطريق لتسويةٍ في التوقيت المناسب على قاعدة “جرّبْنا وما باليد حيلة”، وفق ما كان سرى عند بداية الاستحقاق من أن الحزب يدعم زعيم المردة ولكنه لن يخوض معركته كما فعل مع الرئيس ميشال عون.
والثاني أن يكون الأمر في إطار رمي الكرة في ملعب الآخَرين ونفْض اليد من المسؤولية المزدوجة التي يَجْري تحميل حزب الله إياها، أولاً عن انزلاق البلاد بوتيرة متسارعة نحو الارتطام المميت، وذلك عبر إحالة الأزمة الرئاسية على حوارٍ – متعذّر حتى الساعة – يتشارك فيه الجميع المسؤولية عن الأفق المسدود ويغطّي مرحلة من التطبيع مع شغورٍ رئاسي مديد.
المصدر:الراي الكويتية