يبدو أنّ الرئيس سعد الحريري قد تقدّم بالنقاط على الرئيس فؤاد السنيورة، عبر منعه من تشكيل لوائح في مناطق أساسيّة. أوّل العازفين كان النائب رولا الطبش التي كان اسمها سيعتبر “إشارة حريريّة” على رضى غير معلن فيما لو ترشّحت على لائحة السنيورة، لكنّها أعلنت عزوفها.
الثاني هو النائب عاصم عراجي الذي اتّصل به السنيورة مراراً فيما كان يكتب بيان عزوفه، لكنّه رفض بشكلٍ قاطع الترشّح والتزم بتعليمات الحريري. الثالث هو النائب محمد الحجّار الذي يعتبر الرافعة السنيّة الأساسيّة في الإقليم وقد أعلن عزوفه التزاماً بتوصية الحريري وندائه.
هكذا إذاً، للمرّة الثانية في غضون أيام يُعيد تيار المستقبل التأكيد على التعميم الصادر بشأن الانتخابات النيابية، مكرّراً الموجبات التنظيمية في حال ترشّح أحد أعضاء التيار، أو مشاركة أيٍّ من المنتسبين إلى التيار في الحملات الانتخابية لأيٍّ من المرشّحين. وقد قضت هذه الإجراءات بإلزام كلّ مَن يخالف التعاميم بالتقدّم باستقالته وعدم استخدام اسم التيار أو شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية.
بات تيّار المستقبل أقرب إلى مقاطعة الانتخابات حتى على مستوى التصويت، وما بياناته إلا تمهيد لمثل هذا الإجراء ولقطع الطريق على محاولات وراثة التيار ورئيسه ممّن كانوا حتى الأمس القريب في عداد أقرب المقرّبين.
في معلومات “أساس” الخاصة أنّ اجتماعاً لعدد من ممثّلي عائلات بيروتية أساسية قد عُقد قبل أيام، وتقاطع المجتمعون على رفض دعم أيّ مرشّح سنّيّ في بيروت التزاماً بمقاطعة الرئيس سعد الحريري. ومثل هذا المناح آخذ في الاتّساع داخل التيار الأزرق، وهو ما سيتسبّب بإرباك كبير لرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وحركته الهادفة إلى محاولة ملء الفراغ. استكمالاً لحصر الإرث السياسي.
من جهتهم، يستبعد الخبراء في الإحصاءات الانتخابية إمكانية إحراز السنيورة نجاحات انتخابية ولو من خلال دعمه مرشّحين، بالنظر إلى ضعف أرضيّته الانتخابية في بيروت وخارجها.
وتقول المعلومات في هذا الإطار إنّ الحريري الذي لا يمكنه الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات علناً خشية العقوبات العربية عليه، لا يتردّد في دعوة مُراجِعيه في شأن المشاركة في الانتخابات إلى ضرورة قطع الطريق على السنيورة، متجاوزاً النصائح بترك السنيورة يخوض المعركة نيابة عنه.
عزوف ميقاتي
بالتوازي استبعد مطّلعون تلاقي السنيورة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي صار أقرب إلى حسم خياره بالعزوف عن الترشّح لاقتناعه أنّ تبوُّؤ رئاسة الحكومة ما عاد شرطه أن يكون المرشّح لها رئيساً لأوسع تكتّل نيابي، بقدر أن يحصل اتفاق إقليمي ودولي ومحلّي. لذا يتّجه إلى الاكتفاء بأن يدعم من بعيد لائحة بعدد من المرشّحين في طرابلس.
وبالتالي لن يكون ميقاتي معنيّاً بأيّ اشتباك سنّيّ مع حزب الله. وعلى خلاف الكلام المتداول، سيكون من الصعوبة بمكان الالتقاء مع السنيورة على دعم لوائح انتخابية كفيلة بتعبئة الفراغ في غياب الحريري.
والحديث عن مقاطعة سنّيّة أقرب إلى الواقع، وإن وقعت فسيكون من السهولة بمكان على المرشّحين السُنّة من خارج دائرة المستقبل تحقيق فوز كفيل بقلب الموازين.
إذ تُظهر بعض استطلاعات الرأي الانتخابية حتى الساعة أنّ اللائحة الأولى في بيروت انتخابياً ستكون لحزب الله وحلفائه، ولحلفائه في طرابلس والضنية والمنية الشمال الأولى والثانية. ففي ظلّ مقاطعة متوقّعة قد تراوح بين أربعين إلى ستين في المئة، فإنّ انخفاض الحاصل قد يجعل بلوكات حزب الله وحلفائه قادرة بالأرقام نفسها على أن ترفع عدد مقاعده على الأقل عند التصويت.
وإذا استمرّ تيار المستقبل على موقفه واتّجه إلى مقاطعة انتخابية شاملة ترشيحاً واقتراعاً فسيكون فريق الثامن من آذار الأكثر حضوراً، وقد يحظى بأكثرية نيابية في كلّ لبنان، بالنظر إلى تراجع المشاركة وتدنّي الحاصل الانتخابي.
الخاسر الأكبر هنا سيكون القوات اللبنانية التي تحتاج إلى الأصوات السنية في الدوائر المختلفة خارج المتن وكسروان وجبيل وهو ما لن تحصل عليه، رغم الخط المفتوح بين السنيورة وجعجع.
المصدر: اساس ميديا