توجه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، إلى أهالي بعلبك بشكل خاص وأهالي البقاع بشكل عام، بالقول: “الأمن مطلبكم، ومطلب الجميع. لأنه من دون أمن، لا استقرار، ولا تنمية، ولا اقتصاد ولا فرص عمل”، مؤكدا أن “الجيش وقوى الأمن وكل أجهزة الدولة تقوم بواجباتها وتقدم التضحيات، لكن هذا الأمر لا يكفي، ولا يكفي المنطقة وأهلها الطيبين الشرفاء، من شر حفنة… نعم حفنة من الزعران، والخارجين على القانون”، ومعتبرا أن “هذا الأمر يطرح مسألة بالعمق: الأمن لا يحتمل أي ازدواجية. لا ازدواجية السلاح، ولا ازدواجية السلطة”، واستطرد “سيبقى مشروعنا حصرية السلاح وحصرية السلطة بيد الدولة، والدولة فقط”.
كلام الحريري جاء خلال رعايته حفل إفطار أقامته منسقية البقاع الأوسط وبعلبك في تيار “المستقبل” في مطعم سما شتورة، غروب اليوم، في حضور وزراء: الاتصالات جمال الجراح، العدل سليم جريصاتي والثقافة غطاس الخوري، النواب: عاصم عراجي، زياد القادري، إيلي ماروني، شانت جنجنيان، عقاب صقر، أمين وهبي وأنطوان سعد، رئيس “الكتلة الشعبية” ميريام سكاف، مفتي البقاع الشيخ خليل الميس، مفتي بعلبك الشيخ خالد الصلح، مفتي راشيا والبقاع الغربي الشيخ احمد اللدن، مطران زحلة والفرزل للروم الملكيين الكاثوليك عصام درويش، مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري وعدد من الوزراء والنواب السابقين ورجال الدين وشخصيات سياسية واقتصادية وقيادات أمنية وأكثر من 1500 مدعو من ابناء وعائلات قرى البقاع الأوسط.
وألقى الحريري كلمة استهلها بالقول: “أهلي وأحبائي من البقاع الأوسط والبقاع الشمالي كل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم، أعاده الله عليكم وعلى البقاع، وعلى كل لبنان بالبركة والاستقرار، بإذن الله”.
أضاف: “إذا كانت هناك من منطقة تلخص المعجزة الصغيرة التي يعيش فيها لبنان، رغم الحريق الكبير في كل البلدان من حوله، فهي هذه المنطقة العزيزة بأهلها الطيبين، الشرفاء، المتمسكين بالوطن وبمشروع الدولة وبالسلم الأهلي والاستقرار. منطقتكم هي عنوان للعيش المشترك بين كل الطوائف والمذاهب، وعنوان لرفض الفتنة والتطرف، ولممارسة الاعتدال والحوار، على بعد كيلومترات قليلة من الحرب في سوريا، وعنوان للكرم والشهامة باستقبال أهلنا الهاربين من نارها ومن نظام الظلم والقتل”.
وتابع “واجباتنا اتجاه منطقتكم كثيرة، ونحن نعمل للتنمية، لإيجاد فرص العمل خصوصا للشباب والشابات، للبنى التحتية وللخدمات الأساسية. ولكني أرى أنه ما من قضية أهم اليوم من قضية تلوث نهر الليطاني. هذا الموضوع لم يعد إعلاميا أو سياسيا، فهناك أشخاص يموتون نتيجة هذا التلوث. تعلمون أنني أتابع هذه القضية منذ عدة سنوات، واليوم أتيت لأقول لكم أننا بتنا عند خواتيمها! تلوث الليطاني له سببان: المياه المبتذلة والتلوث الزراعي والصناعي. والحقيقة أنه بجهود كل نواب المستقبل، من كل البقاع، عاصم وجمال وزياد وأمين وعقاب، أقر مجلس النواب قانون برنامج بقيمة 1100 مليار ليرة، لننتهي من كل أنواع التلوث من النبع… حتى المصب. هذا الأمر يشمل شبكات الصرف الصحي، منها أنجز، منها قيد التنفيذ ومنها قيد التلزيم، ومحطات التكرير. ويشمل معالجة النفايات من المصانع، التي مع الأسف، يذهب كثير منها حاليا إلى مجرى النهر”.
واردف “عندما تشكلت حكومتنا، وضعت الليطاني أولوية في مجلس الوزراء، وشكلت لجنة وزارية خاصة لمعالجته. اكتشفنا أن محطة التكرير في زحلة، لا تصلها الكهرباء. وقد أبلغتنا كهرباء لبنان، أنها بحاجة إلى ثلاثة أشهر على الأقل لتوصل الكهرباء إلى محطة زحلة. فكان قراري أن الموضوع لا يحتمل الانتظار ثلاثة أشهر، وقد اشترينا أربعة مولدات كهربائية لتشغيل المحطة فورا، والمولدات وصلت اليوم، ويتم تركيبها لتتمكن محطة تكرير زحلة من معالجة جزء من مياه الصرف الصحي، الذي كان يرمى في مجرى الليطاني، والأمر يتطلب عشرين يوما ويكون قد أنجز. وهناك جزء ثان من المياه المبتذلة يجب أن يعالج في محطة تكرير بقب الياس، التي تم فض العروض لإنشائها، وهي بطريقها للتلزيم والتنفيذ بسرعة إن شاء لله. وتبقى مشكلة النفايات الصناعية. ومنذ أربعة أيام بالضبط، اجتمعت في السراي الحكومي بأصحاب 91 مصنعا من البقاع، بحضور وزيري الصناعة والبيئة والنواب والمحافظ والأهم الأهم: في حضور المدعي العام البيئي”.
وقال: “دعوني أقول لكم ماذا قلت لهم:
أولا: القانون ينص على أن كل مصنع مجبر أن تكون لديه وسائل لمعالجة نفاياته الصناعية. وأنا لا أريد أن أعمم، ولكن هناك مصانع غير ملتزمة، وهناك مصانع لديها التجهيزات لكنها لا تعالج، وطبعا، هناك مصانع والحمد لله ملتزمة بالقانون.
ثانيا: إن آخر ما نريده هو إقفال مصنع! وبالتالي، من ليست لديه تجهيزات معالجة، سنأخذه من يده وندله إلى صندوق خاص تابع للبنك الدولي وصندوق تابع للبنك المركزي، لكي يقوم بالمطلوب، أو أن يؤهل التجهيزات الموجودة لديه. ومن لديه التجهيزات ولا يعالج نفاياته ويرميها في النهر سيتوقف فورا أيضا. وقد أمهلنا الجميع شهرا، قبل أن نكشف مجددا، ونحن سنراقب وسنحاسب! وفي هذه الأثناء، سنجتمع مع كل البلديات المعنية، لنشرح لها ما الذي نقوم به في الموضوع، ولتتحمل مسؤولياتها معنا بالمراقبة”، مستطردا “الليطاني نهر لبنان الأكبر والأهم، وممنوع أن يكون مكبا، والليطاني شريان خير وصحة وحياة، وممنوع وألف ممنوع ممنوع أن يتحول لمجرى ضرر ومرض وموت”.
أضاف: “هذه المنطقة زراعية بامتياز، ومنذ إيام الرومان كان اسمها سلة الخبز بسبب القمح المزروع فيها. ولأنني أعرف الصعوبات والمشاكل التي تواجه مزارعي القمح، أخذنا قرارا باستلام المحصول فورا، وسأطلب من مجلس الوزراء 33 مليار ليرة لهذا الهدف، ووضعنا آلية استلام لثلاث سنوات، ولبناء إهراءات خلال السنة المقبلة، بشكل نوفر فيه على الدولة وعلى المزارعين. وفي الموضوع الزراعي إجمالا، حكومتنا تتابع الجهود لحل مشاكل التصدير ولوضع الخطط طويلة المدى، لتشجيع التصنيع الزراعي، النباتي والحيواني”.
وتابع “دعوني أعود إلى الموضوع الأساسي، الذي يتعلق بالتحديات الناجمة عن النزوح السوري إلى منطقتكم. نحن وضعنا خطة متكاملة، لتحويل هذه الأزمة إلى فرصة، ورفع مستوى البنى التحتية والخدمات العامة في منطقتكم، عبر التوجه للمجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته. وهذه الخطة عرضناها في اجتماع بروكسل، ونتابع العمل عليها وصولا للتطبيق، بإذن الله”.
وأردف “المشكل في البقاع أنه لا توجد فرص عمل، ولكي نوجد فرص عمل لا بد من تطوير البنى التحتية، علينا أن نبدأ العمل بالمشاريع الكبرى مثل الأوتوسترادات والأنفاق وكل ما له علاقة بالبنى التحتية، وبذلك سيكون جزء من العمالة للنازحين السوريين والجزء الأكبر سيكون من حصة اللبنانيين، ونكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، والهدف الأساسي من كل ذلك هو تحضير منطقتكم لتكون جاهزة لمرحلة إعادة إعمار سوريا، ففي نهاية المطاف الحرب ستتوقف، وسوريا ستتم إعادة إعمارها، ويجب أن نجهز البقاع لكي يكون مكان انطلاقة لإعادة إعمار سوريا، فهدفنا أن يكون البقاع مقرا لإعادة الإعمار، وليس فقط ممرا”.
وأكد “لهذا السبب، نحن مستمرون بالأوتوستراد العربي، ونحن بصدد حل قريب لمشكلة الاستملاكات التي اعترضت تنفيذه في مجدل عنجر، بإذن الله، ونقوم بدراسة لإقامة منطقة حرة على الحدود، توفر آلاف فرص العمل”.
وتوجه إلى “أهالي بعلبك بشكل خاص”، بالقول: “كلمة عن الأمن في المنطقة إجمالا، ولأهلنا في بعلبك بشكل خاص. الأمن مطلبكم، ومطلب الجميع. لأنه من دون أمن، لا استقرار، ولا تنمية، ولا اقتصاد ولا فرص عمل. الجيش وقوى الأمن وكل أجهزة الدولة تقوم بواجباتها وتقدم التضحيات، لكن هذا الأمر لا يكفي، ولا يكفي المنطقة وأهلها الطيبين الشرفاء، من شر حفنة…نعم حفنة من الزعران، والخارجين على القانون”، لافتا “بصراحة أريد أن أقول لكم: هذا الأمر يطرح مسألة بالعمق: الأمن لا يحتمل أي ازدواجية. لا ازدواجية السلاح، ولا ازدواجية السلطة. وسيبقى مشروعنا حصرية السلاح وحصرية السلطة بيد الدولة، والدولة فقط، وليس لدي شك في أنكم متمسكون معنا بمشروع الدولة، وأننا سنصل بإذن الله”، خاتما “على كل حال، نحن عند مسؤولياتنا والدولة ستقوم بعمليات نوعية بحق المخلين بالأمن وعلى كل واحد تحمل مسؤولياته. وكل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم”.