رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري غروب اليوم مأدبة إفطار أقامتها منسقية “تيار المستقبل” في مطعم قصر الأمراء في سير الضنية حضرها نائبا المنطقة الدكتور أحمد فتفت والدكتور قاسم عبد العزيز ورجال دين وشخصيات وحشد من المدعوين.
وخلال المأدبة، ألقى الرئيس الحريري الكلمة الآتية:
إخوتي وأخواتي،
أحبائي وأهلي في الضنية،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كل رمضان وأنتم بخير،
بالتأكيد، سمعتم جميعا بما حصل بالأمس في بريطانيا، وأنا أود أن أدين باسمكم جميعا الاعتداء الإرهابي المجرم الذي وقع في بريطانيا. أدينه لأن هناك دائما محاولات لوضع الإسلام على أنه دين إرهاب. ففي أعين الغرب اليوم، حين يروا مثل هذه الأعمال تقع، فإن هذه هي الصورة التي تحاول داعش وكل التنظيمات المتطرفة تظهيرها عن الإسلام، فيما الإسلام ليس على هذه الصورة. كلنا يعرف أن الإسلام بريء من أي عمل إجرامي، لأن الإسلام هو إسلام شهادتي “لا إله إلا الله محمد رسول الله” وليس القتل.
مرّة جديدة، رمضان يجمعنا على الخير والرحمة والمحبة الدائمة بإذن الله. ومرّة جديدة، أنا فخور أن أزور هذه المنطقة العزيزة على قلبي، وأن أكون بين أهلي الطيّبين، أهل الضنية. فشكراً لكم على هذا الإفطار.
منذ سنة، كان لنا لقاء رمضاني، وكان الحديث كلّه عن الحرمان المزمن الذي يعانيه الشمال إجمالاً، وتعانيه هذه المنطقة بشكل خاص. وكان رأيي، وما زال، أن هذه المنطقة شبعت وعودا، وتحتاج لرؤية أعمال تُنجز خاصّةً في البنى التحتية والخدمات الأساسية.
وكان من أوّل قراراتي في رئاسة الحكومة تشكيل لجنة فنية لتنسيق الخدمات بالمناطق تضم ممثلين عن كل الوزارات والإدارات العامة المعنية بالمناطق وبحاجاتها والمشاريع فيها. وكنت حريصا على أن أحضر شخصياً اجتماع اللجنة الذي كان مخصصا لمحافظة الشمال، والجزء المتعلّق منه بمنطقتكم.
الأولويات صارت معروفة، والعمل جار لإيجاد التمويل وإطلاق المشاريع الجديدة. لكن والحمد لله، هناك حالياً مجموعة مشاريع قيد التنفيذ أو أُنجزت تفيد الضنية وترسي الأسس للتنمية فيها وإيجاد فرص العمل خصوصاً للشباب.
طريق الضنية – الهرمل جار تنفيذه في المرحلة الثانية، والتي تشمل جسرا ليس له مثيل بالشرق الأوسط، بين سد بريصا وسير الضنية، وهو سيكون أعلى جسر في لبنان بارتفاع 240 مترا. وأهمية هذه الطريق أنها جزء من الطريق الذي يربط مرفأ طرابلس بالهرمل وصولاً للداخل السوري، إضافةً إلى أنه يربط قرى الضنية ببعضها.
وحالياً يجري تأهيل سير – طرابلس، وهو مشروع تقرّر في حكومتنا الأولى سنة 2010، لكن تأخّر تنفيذه حتى اليوم لأنه لم يتأمن التمويل اللازم له إلا هذه السنة!
المياه في هذه المنطقة أولوية، وجار حالياً تلزيم مشروع بقيمة 5 مليون يورو قُدّمت هبة من الدولة الإيطالية، لتحسين وصلات المياه للمنازل بقرى الجرد وقرى الساحل، من نبع السكّر ونبع الزّحلان. ونسعى لتأمين 10 مليون دولار لحماية أرض سد بريصا، الذي هو سد حيوي لتأمين المياه لكل المنطقة.
الضنّية منطقة زراعيّة، وأنا أعرف أن مزارعي التفّاح بشكل خاص عانوا من كساد الموسم بسبب صعوبات التصدير. وقد تمّ تقديم دفعة أولى من التعويضات لهم، وأعلم أيضا أن المبالغ التي وصلت ما زالت غير كافية، ونعمل لتأمين دفعة ثانية بأسرع وقت بإذن الله.
وفي مجال الصحة، الحمد لله أن المستشفى الحكومي يقوم بعمل ممتاز لخدمة أهلنا بالضنيّة، وأعلم أن له ديونا كثيرة في ذمة الدولة، وهذه قضية من بين أولويات المعالجة، ليتمكّن من تقديم الخدمات الصحية بعدما بقيت الضنية لوقت طويل محرومة من المستشفى.
وبجهود نواب المنطقة، الدكتور أحمد، والدكتور قاسم، اللذين أحيّيهما، اتُّخذ قرار بفتح مكتب للضمان الاجتماعي بالضنية، يسهل كثيرا حياة المواطنين ومعاملاتهم ويخفف عنهم مشقة الانتقال.
أخيرا أعلم أن هناك مناطق في الضنية تعاني من ضعف التغذية بالخلوي، وقد تحدثت إلى وزير الاتصالات جمال الجراح الذي طلب من الشركات تركيب الأعمدة اللازمة، وإن شاء الله خلال شهرين تكون الضنية كلها مغطاة بالخلوي.
ولأن التنمية ليست فقط مسؤولية القطاع العام، أود أن أوجه تحيّة خاصّة لمشروع يقوم به القطاع الخاص بالضنية، سيكون له برأيي أثر إيجابي كبير على النمو الاقتصادي وفرص العمل بالمنطقة، وهو مشروع التلفريك والقرية السياحية وإقامة محطة تزلّج ستكون الأعلى بلبنان في جبال الأربعين.
هذا المشروع حلم للضنية منذ سبعينات القرن الماضي، وهذا مشروع كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري من أكبر المشجعين له، ونحن بإذن الله مستمرون بتشجيعه إلى أن يصير حقيقة واقعة.
أحبّائي، وأهلي بالضنية،
منذ يومين قلت أننا دائماً أمام خيارين: إمّا أن نبقى ننظر إلى الخلف ونتأسّف على غياب الإنماء المتوازن في السنين الماضية، وإما أن نقرر أن ننظر إلى الأمام ونعمل للتنمية وفرص العمل والتحضير للمرحلة المقبلة. والمرحلة المقبلة هي مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، التي سيكون للشمال كله ومنطقتكم من ضمنه، دور أساسي فيها، وسيلعب دور الرافعة للنهوض الاقتصادي في كل لبنان.
وأنتم يا أهلي وأحبائي بالضنية، بقيتم دائماً متمسكين بمشروع الدولة، بالاستقرار، بالاعتدال وبالعيش المشترك، وواجبات الدولة تجاهكم صارت واضحة، وقد بدأنا بهذه الورشة، وإن شاء الله نبقى دائماً معا، نعمل يدا واحدة، لكرامة الضنية وأهلها، ولكرامة لبنان واستقراره ونجاحه ونجاح كل اللبنانيين.
أشكركم مجددا على وقوفكم الدائم مع هذه المسيرة التي استشهد قائدها رفيق الحريري. رفيق الحريري لم يستشهد لأنه لم يكن يريد العيش المشترك، لم يستشهد لأنه كان متطرفا أو لأنه كان يعمل من أجل طائفة واحدة في لبنان، استشهد لأنه كان معتدلا، كان مؤمنا بالعيش المشترك. وحتى اللحظة الأخيرة، حين كان العمل جار لإنجاز قانون انتخاب، يومها قال رفيق الحريري اختاروا القانون الذي تريدون وأنا سأترشح في الدائرة الأصعب. واليوم أنا قلت الأمر نفسه، وإن شاء الله قانون الانتخاب يُنجز ونترشح في الدائرة الأصعب، ولنرى.
لا يشككن أحد بتيار المستقبل، تيار المستقبل معروف باعتداله، بتطرفه لاعتداله، أنا إنسان متطرف للاعتدال، وإياكم أن تعتقدوا أن الاعتدال ضعف، بل هو قوة، وإلا لا لما قتلوا رفيق الحريري.
من يحاول أن يقول أننا تيار نقيم تسويات يمينا ويسارا، فإننا تيار يقوم بتسويات من أجل البلد، للوطن للبنانيين وليس لمصلحة سعد الحريري، وهذا ما كان يقوم به رفيق الحريري.
نحن لم نساوم على المحكمة الدولية ولا أي موقف فيما يخص ذهاب حزب الله إلى سوريا، نحن ضده وهم يعرفون أننا ضده. نحن لم نساوم على سلاح حزب الله، هم يعرفون أننا ضده، ولكن اتفقنا على ألا ندخلكم جميعا ومعكم البلد بمشكل اقتصادي وسياسي.
هذا هو الفرق، فمن يحب وطنه يعمل على هذا الأساس ولا يطلق خطابات للجمهور. ما يهمني هو الوطن والبلد، وما يهمني هم الشباب والشابات. ما يهمني هو أن يقوم البلد كما كان يريده رفيق الحريري، ومن أعجبه ذلك جيد ومن لم يعجبه “يبلط البحر”.
رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جولة
وكان الرئيس الحريري قد قام بجولة عصر اليوم زار خلالها كلا من النائب قاسم عبد العزيز، ثم الدكتور هيثم الصمد وبعدها عبد العزيز الصمد، وقوبل بالترحاب من قبل المواطنين الذين احتشدوا في استقباله هناك.