بعد ان باتت المسودة الاولية لصورة الحكومة العتيدة، بين يدي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تسلّمها من الرئيس المكلف سعد الحريري منذ يومين في بعبدا، وبعد ان أصبحت أيضا في متناول القوى السياسية المحلية التي تُخضعها حاليا للتمحيص، وتدقق في مدى تطابقها مع طموحاتها وتطلّعاتها الوزارية كمّا ونوعا، تدخل عملية التأليف في مرحلة “استراحة”، سيغتنمها الجميع لتحديد الموقف من الصيغة “الحريرية”، على ان تنطلق المباحثات في شأنها مجددا وبقوّة بعيد عيد الفطر، مع عودة الرئيس المكلف من روسيا التي انتقل اليها ليلا، والمملكة التي سيمضي فيها مع عائلته عطلة الفطر.
بحسب مصادر مقربة من السراي، الرئيس الحريري مرتاح الى سير أمور “التشكيل” حتى الساعة، وهو لم يلمس بعد وجود عقد مستعصية أو شروط تعجيزية، بل مطالب مشروعة للقوى السياسية عند تشكيل اي حكومة، سيتولى مهمة مناقشتها مع اصحابها، لحلحلتها، في المرحلة المقبلة، بالتنسيق التام مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ففي رأي الحريري، مهمتا تأليف الحكومة وخفض سقوف القوى السياسية، يجب ان تكونا محصورتين بهما فقط. وتقول المصادر لـ”المركزية” إن الحريري متفائل ايضا، لأنه يلمس لدى القوى السياسية كلّها، من دون استثناء، وعيا لدقة المرحلة الاقليمية والدولية، والتي تتطلب اكمال عقد المؤسسات الدستورية في الداخل بما يعزز استقرار وأمان الساحة اللبنانية ويبعد عنها النيران المشتعلة في محيطها. وتشير في السياق، الى ان ما عزز ارتياح بيت الوسط هو ان الكلام الاخير لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، والذي اعتبر فيه ان “حزب الله انتصر في الانتخابات النيابية الاخيرة وبات يملك غالبية 74 نائبا في البرلمان”، لم يقترن بأي ترجمة على الارض على شكل تصعيد في السياسة والسقوف من قِبل الضاحية، بل على العكس.
في الاثناء، تكشف المصادر عن سلّة ركائز، باتت على الارجح “ثابتة” في التركيبة الحكومية العتيدة. فهي يبدو ستكون ثلاثينية. أما توزيع الحصص فيها، فسيكون شبيها بالحكومة الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة. وفي السياق، حُسمت الحصص الشيعية والسنية والدرزية، وتبقى العقدة المسيحية (المتمثلة بالخلاف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على حجم تمثيلهما) التي تشارف على الحل، بحسب المصادر، بعدما تم عرض اكثر من اقتراح، لمعالجتها، كلّها قابل للبحث، مشيرة الى ان موقف القوات على هذا النطاق، ليّن وليس متحجرا، وهي تبدي كل استعداد للنقاش، مع تمسكها بأن تُمثل في الحكومة بما يتلاءم وحجمها النيابي.
وبحسب المصادر، قد تفوق حصة الرئيس عون وكتلة لبنان القوي، ضعف حصة القوات، كاشفة ان النقاش يدور حاليا حول ما اذا كان من الافضل اقتطاع حصة “الكتائب” من حصة “القوات” أو من حصة رئيس الجمهورية، على ان يُبت في هذة النقطة بعد عودة الحريري من الخارج، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل من اوروبا. الى ذلك، تتابع المصادر، بات معلوما ان الوزارات السيادية ستبقى موزعة كما هي في حكومة تصريف الاعمال، تماما كما حقائب الطاقة والاتصالات والاشغال. ومن المتوقع أيضا، ان تسند حقيبة العدل الى القوات من دون نيابة رئاسة الحكومة التي يبدو ستكون من نصيب شخصية وسطية سبق أن شغلتها في حكومات سابقة. أما وزارة “الصحة” فيبدو سيتولاها حزب الله الذي سيسندها الى طبيب، فيما من غير المستبعد ان تبقى حقيبة “التربية” من حصة الحزب التقدمي الاشتراكي.
أما البيان الوزاري، فمن المرجح ايضا ان يكون نسخة عن البيان الحالي مع بعض التنقيحات، وذلك توفيرا للمشاكل وكسبا للوقت، تختم المصادر.
المركزية