بعد اربعين يوما على بدء “التحركات الشعبية”، لا شيء يوحي بقرب الفرج بل على العكس، لربما ما زلنا في بداية الازمة، فلا استشارات نيابية ملزمة، ولا حكومة، في حين أن الزيارات الغربية باتجاه لبنان من مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو الى مدير الشؤون السياسية في الخارجية البريطانية ريتشارد مور، هي للاستشراف والاستطلاع، من دون وجود اي مبادرة فعلية.
“اما حين يحصل تحرك اميركي باتجاه لبنان، فالامر يعني ان هناك شيئا اصبح على النار”… هذا ما اعلنه مرجع سياسي واسع الاطلاع عبر وكالة “اخباراليوم”، الذي اكد الرابط الوثيق بين العراق ولبنان، بحيث ان الضغط الحقيقي يمارس على ايران، وطالما طهران ما زالت على زخمها في العراق، ولم تحقق واشنطن اي تقدّم في مسارها، والاتجاه فيه ما زال نحو الفوضى، فمن المتوقع الاتجاه نحو المزيد في الفوضى في بيروت.
سقف المطالب
من هنا بحسب المصدر، ابلغ الرئيس سعد الحريري المعنيين بوضوح انه لا يريد ترؤس حكومة في هذه الفترة كي لا يكون مكسر عصا ووكيل تفليسة، لذا رفع سقف المطالب بدءأ من تأليف حكومة تكنوقراط بالكامل، على الرغم من انه يعلم ان مثل هكذا حكومات دونها عقبات.
وفي هذا الوقت “حزب الله” الذي يهيمن على البلد من خلال تظلله بالشرعية عبر مشاركته في الحكومة وتمثيله النيابي، يستطيع بالحد الادنى ان يضع يده بكل المسائل المرتبطة بالتشريع، ناهيك عن المونة على اجهزة في الدولة، وبالتالي، فانه لن ينسحب من “هذه التوليفة” من خلال القبول بحكومة تكنوقراط.
ولفت المصدر الى ان قدرة الحزب في الوقت الراهن، “غزوات” وعمليات خاطفة، على غرار ما حصل بالامس في الرينغ، وهو بالتالي بات يفقد السيطرة على الداخل كما كان يفعل سابقا من خلال الامساك بالسلاح، حيث الظروف لم تعد تسمح باللجوء الى هكذا سلاح في الداخل، وبالتالي يمكن القول انه بات يشبه باقي الافرقاء في اللعبة السياسية، بمعنى ان لا قوة له خارج المناطق الشيعية، ونفوذه المباشر على ابناء طائفته فقط.
وفي هذا السياق، اشار المصدر الى ان هذه المحدودية التي يشعر بها الحزب دفعته الى الفوقية في التعاطي مع الانتفاضة، التي سحبت منه عدة الشغل، وتقضم ايضا من نفوذه.
حيث خسر الحزب في عدة مواقع، منها:
– كان يعوّل على ان يقوم الجيش بقمع الحراك، وهذا ما لم يحصل.
– وخسر ايضا في استقالة الحكومة التي كان يكتسب منها الغطاء الشرعي.
– بعض الافرقاء الذين كانوا يدورون في فلك الحزب كالنائب اسامة سعد وسواه خرجوا من “طوعه” والتحقوا بالثورة.
– كما خسر في تعطيل المجلس النيابي، حيث حال المتظاهرون دون انعقاد الجلسة التشريعية لمرتين متتاليتين.
كذلك، اشار المصدر الى انه منذ التسوية الرئاسية في العام 2016، نفّذ “حزب الله” خياراته السياسية، من خلال تحالفه مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، وانضم اليهما الحريري بعدما تمّ “اغواؤه واغراءه” فكانت تدار امور البلد بـ ترويكا (عون – بري – الحريري).
ولكن استقالة الاخير، وبالتالي انسحابه من هذه الترويكا تحت الضغط الشعبي، دون اي تنسيق مع رئيس الجمهورية اثّر على هيبة العهد، بمعنى ان الشرعية المسيحية التي كانت تؤمن الغطاء الوطني لـ “حزب الله”، قد تأثرت بدورها.
وقال المصدر: هذه التركيبة انهارت ولم يبقَ منها إلا بري الذي بدوره انحسرت هيمنته على الدولة وعاد الى المربع الشيعي، لذلك اصبح التركيز على اهمية الدور الشيعي، لاستنهاض هذا النبض وشدّ العصب، على الرغم من أن الحزب يعلم ان ما حصل ليل امس في الرينغ لن ينهي الانتفاضة بل يعطيه الزخم. بمعنى وقف تمدّد الانتفاضة او تغلغلها في قلب طائفته، من هنا ردّد الشباب الذين اتوا ليلا من الضاحية باتجاه الرينغ شعار “شيعة شيعة”.
وخلص المصدر الى القول: لا شك أن الانتفاضة وإن لم تكن شعاراتها سياسية ولا علاقة لها بالسلاح، لكن الحزب بدأ يخسر هيمنته تدريجيا على الدولة.
وازاء هذا المشهد، متى يمكن ان يحصل تحرّك اميركي جدي باتجاه لبنان، قال المصدر: “الاميركي يراقب “الافعى الايرانية” داخل الادغال العراقية، وطالما هي تتحرّك طالما الحلول ما زالت بعيدة عن لبنان”.