افتتح رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري “منتدى الاقتصاد العربي”، بدورته ال 27 في فندق “فور سيزون” الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والاعمال، بالاشتراك مع مصرف لبنان وجمعية مصارف لبنان وبالتعاون مع وزارتي التجارة والاتصالات واتحاد الغرف العربية واللبنانية ومؤسسة التمويل ifc التابعة لمجموعة البنك الدولي، في حضور أكثر من 600 مشارك من 23 دولة.
حضر الافتتاح رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، الرئيس فؤاد السنيورة، وزراء: الاتصالات محمد شقير، البيئة فادي جريصاتي، الثقافة محمد داوود، التنمية الادارية مي شدياق، الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل افيوني، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة ممثلا وزير الاعلام جمال الجراح، سفيرا الكويت قطر محمد حسن جابر الجابر، الصين وانغ كيجيان، مصر نزيه النجاري، النواب: فؤاد مخزومي، فيصل الصايغ ورولا الطبش، رئيس جمعية المصارف جوزيف طربية، رئيس اتحاد الغرف العربية محمد عبدو سعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والاعمال روؤف ابو زكي، الامينة العامة لمنظة الاسكوا رولا دشتي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، وحشد من الشخصيات السياسية والمصرفية والاقتصادية.
وضم الوفد المصري وزراء: الاستثمار الدكتورة سحر نصر، البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا، الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة الدكتور محمد شاكر المرقبي، التجارة والصناعة عمرو نصار، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، القوى العاملة محمد سعفان، ورئيس اتحاد الغرف المصرية أحمد الوكيل.
الحريري
وألقى الحريري كلمة استهلها بالقول: “أرحب بكم جميعا في بيروت ويشرفني بهذه المناسبة الترحيب بالأخ والصديق الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس وزراء جمهورية مصر العربية وبأمين عام جامعة الدول العربية الاستاذ أحمد أبو الغيط وبكل الوزراء والقياديين ورجال الاعمال والمصرفيين العرب، الذين أعتدنا في كل عام على لقائهم في هذا المنتدى الكريم”.
أضاف: “ينعقد هذا المنتدى في وقت لا تزال منطقتنا العربية تمر في مرحلة دقيقة جدا تتطلب منا رفع مستوى التواصل وتعزيز التعاون المشترك بيننا. واجتماع اللجنة العليا اللبنانية المصرية المشتركة غدا في بيروت يصب في اتجاه إرساء الأسس لمزيد من التعاون والتنسيق بين لبنان ومصر لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة. ان التحدي الأبرز المشترك بين دولنا اليوم هو كيفية تحفيز النمو وتنويع مصادره لإيجاد فرص عمل لشبابنا. وأنا أعتقد بأنه أصبح لدينا جميعا قناعة تامة بأن هذا الامر لا يمكن تحقيقه دون تنفيذ الاصلاحات التي من شأنها تطوير اقتصاداتنا الوطنية وتحديثها. فمن منا اليوم لا يرى في الإصلاح مدخلا لاقتصاد وطني قوي ولغد أفضل لشبابنا؟”.
وتابع: “طموحنا في لبنان، كما هو طموح مصر، هذه العدوى يجب ان تنتقل الى كل الدول العربية بالفعل، بالانفتاح وتطوير الاقتصاد، وعلينا ان نتحدث مع الناس بصدق حول ما يجري في البلد والمشاكل التي يتعرض لها ، ونرى ونتعلم ماذا حصل في الدول التي كانت تعاني من الفساد والهدر وعدم توفر فرص العمل وأصبحت اليوم في مصاف الدول المتقدمة. اليوم بعد تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الرئاسة امسك بيده زمام الامور، وقرر مع فريق عمل ومع رئيس الوزراء والوزراء تغيير وجهة مصر وهذا ما حصل. أحيانا التغيير يواجه صعوبات، لان الناس تعودت على وجودهم في وضع امن محدد لا يريدون الخروج منه، ومرتاحون على أوضاعهم، ويرفضون التغيير. ولكن بعد الأحداث التي حصلت في مصر ووصول الرئيس السيسي، اكتشف الى اي مدى مصر متأخرة، كما نحن اليوم في لبنان من حيث قوانينا القديمة وانفتاحنا وطريقة العمل التي يجب ان نعمل بها، لذلك يجب علينا تحديث كل القوانين في لبنان مثل ما نعمل عليه اليوم وكما فعلت مصر في السنوات الاخيرة وهم مستمرون بذلك”.
وقال: “لذلك علينا الاستفادة من الخبرة والتجربة المصرية التي حصلت، ان كان في مجالات الكهرباء او الاتصالات او الغاز والبترول وغيرها من القطاعات، ما نحاول ان نقوم به اليوم في لبنان فعليا كما فعلت مصر، ولكن الفرق ان مصر عانت في مرحلة من المراحل اقتصاديا اكثر من لبنان. لدينا اليوم خيار في لبنان اليوم هل نريد الوصول الى مكان نسقط فيه اقتصاديا؟ او ننظر الى دولة كمصر ورئيس مثل الرئيس السيسي والرئيس مدبولي ونقول هذه هي التجربة التي يجب ان نطبقها؟ هذا هو التغيير الذي يجب ان نقوم به، وكما قال الرئيس مدبولي، نحن ننظر الى الصين ونرى الى اين وصلت، فهي تعمل منذ ثلاثين سنة على التغيير في برامجها وأخذت قرارا بانها تريد ان تكون اول دولة متقدمة في العالم بالنسبة الى الذكاء الاصطناعي. وكما أخذت مصر قرارا بانها تريد تطوير نفسها خلال العشر سنوات او الخمسة عشر عاما المقبلة وتعود بلدا متطورا كما كانت في الماضي”.
اضاف: “نحن في لبنان نريد القيام بذلك، هذه العدوى بدأت ربما في الخليج ، حيث هناك تغييرات وانفتاح، اليوم نراها في مصر، وان شاء الله تمتد هذه العدوى الى كامل العالم العربي، حتى نكون جميعا فريقا واحدا نعمل سويا. ان اللجنة العليا اللبنانية -المصرية تسير بشكل فعلي على هذا الطريق، واذا كان طريق الحرير سيمر على كل منطقتنا، علينا ان نبني نحن طريق الدول العربية، حتى يكون لدينا انتشار في كل هذه الدول العربية، كذلك لكي ينتشر اقتصادنا ويتطور فيها”.
وختم: “أخيرا، اود ان اشكر دولة الرئيس مدبولي واشكركم جميعا، في لبنان ومن المؤكد ان هناك تحديات كبيرة تواجهنا ولكن ما استطيع ان اقوله لكم هو ان رئيس الجمهورية وانا وايضا رئيس مجلس النواب، لدينا اصرار على القيام بالاصلاحات المطلوبة على الرغم من الصعوبات الموجودة وهي مهمة ليست سهلة، بخاصة اذا اردنا محاربة الفساد والهدر، وفعليا اقول ان الهدر يمكن انه هو مصيبة المصائب لدينا في الدول العربية، والفساد والهدر الحقيقي هو في الوقت الذي نضيعه سدى كل يوم من دون تطوير قوانيننا، وعندما تصل فاتورة الكهرباء لدينا الى 40 مليار دولار فهذا هو الهدر والفساد ايضا. لذلك نحن ننفذ خططا اصلاحية متفائلة. البعض يسأل كيف يمكننا تنفيذ هذه الاصلاحات؟ واقول ان هذه الاصلاحات هي لمصلحة المواطن اللبناني والشباب والشابات الذين لا يجدون وظائف في الوقت الحالي. اشكر الرئيس مدبولي وان شاء الله سنكمل العمل، ووعدي لكم كما كان يفعل الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما اتى الى لبنان ولم يكن هناك غير الدمار فأعاد إعمار البلد ونحن سنكمل بهذه الطريق”.
مدبولي
من جهته، أعرب رئيس الوزراء المصري عن سعادته بالمشاركة في أعمال “منتدى الاقتصاد العربي” في دورته السابعة والعشرين، “والذي تتشرف مصر بكونها ضيف الشرف له هذا العام”، متقدما بالتهنئة إلى “مجموعة الاقتصاد والأعمال”، ممثلة برئيسها التنفيذي رؤوف أبو زكي “الذي نجح في تحقيق الاستدامة لهذا الحدث على مدى 27 عاما”.
وأشار مدبولي إلى أن “لبنان يواجه حاليا تحديات شبيهة لما واجهناه، وبالعمل الدؤوب، سيتمكن لبنان من تجاوز كل هذه التحديات”.
وعرض مدبولي “أهم الجهود التي بذلتها مصر خلال السنوات الأخيرة لتحقيق الاصلاح الاقتصادي في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة”، وقال: “منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد في يونيو 2014، رسمت ملامح واضحة للانطلاقة كان أساسها تثبيت أركان الدولة وضمان استقرارها وأمنها داخليا وخارجيا، ثم تلا ذلك ملفات خاصة بأبعاد اجتماعية، لضمان الاستقرار الداخلي الذي تزامن مع برنامج طموح لإصلاح الاقتصاد وتبنيه لإجراءات اتصفت بالجرأة والوضوح”.
وتابع: “ان المخطط المصري يضع لأول مرة البعد المكاني كمكون أساسي في خطط التنمية، جنبا إلى جنب مع البعد الزمني للخطة والتغيرات القطاعية؛ فقد كان التركيز على خلخلة الكثافة السكانية وضخ استثمارات ضخمة من خلال إطلاق 20 مجتمعا جديدا؛ وهو ما أدى بالفعل إلى اتساع الطاقة الاستيعابية للاستثمار في مصر، والذي رصدته وأكدت عليه التقارير الدولية”.
وتحدث عن استراتيجية التنمية المستدامة والتي جاء في إطارها برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه اعتبارا من نوفمبر 2016.
وأكد مدبولي أنه “رغم صعوبة التحديات، إلا أن مصر بدأت بالفعل تجني بعض الثمار والنتائج الايجابية للإصلاحات والجهود المبذولة خلال الفترة الأخيرة، وجاء أهمها في تحقيق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5,3 في المئة خلال العام المالي 17/2018، ونمت الصادرات غير البترولية من 15 إلى 17 مليار دولار، بنسبة زيادة 12,7 في المئة في عام 17/2018، كما حقق ميزان المدفوعات فائضا بلغ نحو 12,8 مليار دولار، وارتفع كذلك حجم احتياطيات النقد الأجنبي من 14,9 مليار دولار في يونيو 2014 ليصل إلى 44 مليار دولار في فبراير 2019؛ لتغطي حوالى ثمانية أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط”.
وقال: “ان الحكومة تستهدف أيضا رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل تدريجي من 5,3 في المئة في العام 17/2018 إلى 8 في المئة بحلول عام 21/2022، وتعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خصوصا في ما يتعلق بماكينة إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفض تكلفتها، والتوسع في المناطق الحرة وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، وتأسيس منصة شاملة لتحفيز بيئة ريادة الأعمال، من خلال أربع ركائز أساسية هي: التمويل، وتأهيل رواد الأعمال، ومراكز خدمة ريادة الأعمال، والإصلاحات التشريعية والتنظيمية الجديدة، وكذلك الاستمرار في تحديث الخريطة الاستثمارية، وتحديث بيانات الفرص الاستثمارية، بما ينعكس على جذب استثمارات خاصة تقدر بحوالي 200 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وزيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بحوالي 47 مليار دولار”.
وأشار مدبولي إلى أن “الحكومة تولي كذلك أهمية بالغة لتعزيز تنافسية قطاع الصناعة، بما يحقق زيادة معدل النمو الصناعي من 6,3 في المئة 18/2019 ليصل إلى 10,7 في المئة 21/2022، وذلك بالتركيز على إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار تنافسية، وتبسيط إجراءات التراخيص الصناعية، والتوسع في المجمعات الصناعية المتكاملة بإنشاء 13 مجمعا صناعيا جديدا”.
وأوضح رئيس الوزراء المصري “أن كل هذه الجهود المستهدفة في مجال تحسين بيئة الأعمال، تستهدف بالدرجة الأولى توفير حوالي 900 ألف فرصة عمل سنويا، وقد نجحت الحكومة خلال السنوات الاربع الماضية في توفير 4 ملايين فرصة عمل، أسهمت في خفض معدلات البطالة”، لافتا إلى أن “الحكومة تولي أيضا أولوية لتحسين مستوى معيشة المواطنين، بإنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع على مساحة 450 ألف فدان، بما يؤدي إلى زيادة الانتشار العمراني وتخفيف الضغط على الخدمات المتوفرة في المدن القائمة، إلى جانب الانتهاء من تطوير جميع المناطق غير الآمنة، والتي ستنتهى هذا العام، بتوفير 200 ألف وحدة سكنية تقريبا، لأهالينا سكان هذه المناطق، إضافة إلى التوسع في تقديم وحدات الإسكان التي تلائم مختلف فئات المواطنين بإنشاء 750 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي، إضافة إلى حوالي 400 ألف وحدة أخرى بالإسكان المتوسط، وتنفيذ 5000 كم بشبكة الطرق القومية، وتحسين خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروعا، فضلا عن 594 مشروعا لتطوير خدمات الصرف الصحي، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي بتغطية 60 في المئة من السكان تحت خط الفقر في برنامج “تكافل وكرامة” بحوالي 18 مليون مواطن”.
كما أشار إلى أن “تعزيز الابتكار وتطور بيئة الأعمال هو أهم ممرات العبور بالاقتصاد المصري نحو الاندماج الفعال في الاقتصاد العالمي، ولذا تسعى الحكومة المصرية للانخراط في الثورة الصناعية الرابعة.
وأعلن أنه “إلى جانب الإجراءات والإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تم اتخاذها لتهيئة بيئة الأعمال الداعمة للشراكة مع القطاع الخاص، تعمل الحكومة كذلك على خلق الفرص وفتح مجالات متعددة للاستثمار المشترك، ومن بين هذه المجالات برنامج الطروحات الحكومية الذي تسعى الحكومة من خلاله لطرح 23 شركة حكومية في البورصة في مدة تتراوح بين 24 و30 شهرا، بإجمالي حصيلة متوقعة تصل إلى حوالي 4,5 مليار دولار، في إطار المرحلة الأولى من البرنامج وبقيمة سوقية تصل إلى ما بين 2-3 مليار دولار”.
وأشار مدبولي إلى أن “الدولة أنشأت صندوق مصر السيادي، حيث صدر في شهر أغسطس الماضي قرار السيد رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر السيادي (برأس مال مرخص به 200 مليار جنيه ورأس مال مدفوع 5 مليارات جنيه مصري)، وتستهدف الحكومة المصرية أن يكون هذا الصندوق إحدى الآليات الفاعلة لتعزيز الاستثمار المشترك مع الصناديق السيادية والمؤسسات المالية الكبرى الدولية؛ لضخ رؤوس الأموال وتوفير التمويل للمشروعات الداعمة لتحقيق التنمية المستدامة”.
وقال: “ان التمويلات الموجهة للشركات الناشئة في السوق المصرية واصلت نموها بشكل ملحوظ، وبلغ إجمالي التمويلات التي جرى ضخها في الشركات الناشئة في مصر خلال العام الماضي وفق تقرير نشره موقع “باتريك أفريقيا” نحو 67 مليون دولار، مقارنة بحوالي 36,9 مليون دولار في 2017.. وتقترب مصر من سد الفجوة التمويلية القائمة بينها وبين الدول الأخرى الرائدة إقليميا”.
ولفت إلى أن “مصر في الوقت نفسه تؤمن بأهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، وأن تأتي جهود الدول منسجمة وداعمة لهذه المبادرات، وفي هذا الاطار تقدم مصر للعالم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز لوجستي واقتصادي عالمي يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة والتجارة الدولية، ويفتح آفاقا استثمارية رحبة في مجالات متنوعة وواعدة، خصوصا في قطاعات: النقل والطاقة، والبنية التحية، والخدمات التجارية؛ ليكون محور قناة السويس رابطا تجاريا واقتصاديا يتكامل مع مبادرة الحزام والطريق ويربطها بإفريقيا”.
وقال: “من هنا، فإن مصر بالتالي تعد محور الانطلاق، ليس فقط للسوق المصري والاقليمي، وإنما لخدمة أسواق كبيرة في المنطقة تشمل إلى جانب المنطقة العربية إفريقيا وأوروبا وبعض الشركاء، وذلك بحكم الاتفاقات والمعاهدات التجارية مع هؤلاء الشركاء”.
وأعلن مدبولي “أن أمين عام جامعة الدول العربية أبو الغيط، أوضح فى كلمته في المنتدى، أن الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين تقدمت كثيرا في الأربعين عاما الماضية، ويبقى التساؤل بين شعوبنا العربية، متى نتقدم مثل هذه الدول؟ والإجابة واضحة جدا، فهذه الدول كانت تعمل طوال هذه السنوات بانضباط، شديد، وجدية، تصل إلى حد القسوة في بعض الأوقات، ولذا نحن ليس أمامنا إلا العمل بجدية وانضباط، وأن يكون هدفنا هو الوطن، ثم الوطن، ثم الوطن، وليس أي مصالح شخصية أخرى”.
أبو الغيط
من جهته، لفت الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن “ثمة محاولات تجري في عدد من دول المنطقة لتحويل الإمكانيات العربية، وهي كبيرة وواعدة، إلى “معادلة نجاح”. والأهم أننا نلمس جميعاً تصاعد الإدراك، لدى الحكومات والشعوب، بأن التنمية والنجاح الاقتصادي هما قضية بلادنا وأمتنا في هذا العصر، فمن دون تنمية تأخذ هذه المنطقة إلى أفق جديد من النمو والازدهار ستظل المجتمعات العربية بعيدة عن الاستقرار الحقيقي، وسيبقى أمننا مهددا، إذ أن التنمية هي خط الدفاع الحقيقي للحفاظ على تماسك المجتمعات واستقرارها”.
وتابع: “هناك اقتناع بأن الشباب هم قلب هذه التنمية العربية، هم الإمكانية الحقيقية لهذه المنطقة، إن بقيت معطلة تعطلت مسيرتها، وإن تم تحريكها وتحفيزها وإطلاقها انطلقت المنطقة إلى فضاء الإنجاز والتفوق. فالعالم العربي شاب في معظمه، هذه حقيقة ديموغرافية، لكنها لا تجد ترجمة لها في الواقع الاقتصادي والتنموي، إذ ما زال الشباب العربي طاقة كامنة تنتظر من يوظفها. ولا يكفي خلق الوظائف، مع أن المنطقة في حاجة إلى نحو 50 مليون وظيفة بحلول منتصف هذا القرن، وإنما ينبغي خلق الوظائف الملائمة لتعليم الشباب وخبراتهم، إذ أن نسب البطالة ترتفع بشدة في أوساط شباب المتعلمين، وهي ظاهرة لا يمكن أن نقف إزاءها مكتوفي الأيدي، ذلك أن أبعادها تتجاوز كفاءة الاقتصاد إلى ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلدان العربية”.
واشار الى ان “أن الاقتصاد الجديد في عصر ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة يرتكز في الأساس على الابداع والابتكار كمولد للقيمة المضافة، والمدن العربية مدن شابة وبإمكانها أن تكون مدنا مبتكرة، لكن ذلك يحتاج هذا إلى إصلاحات مؤسسية جوهرية في نظم الاقتصاد العربية من أجل إطلاق المنافسة، وتوفير التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وجذب الاستثمار في المجالات الإنتاجية التي تساعد على نقل التكنولوجيا والخبرات، وليس فقط تحقيق الأرباح السريعة. وإن غايتنا المنشودة هي منتج عربي يحمل قيمة مضافة معتبرة، وقابل للتصدير والمنافسة عالميا”.
وأكد أبو الغيط “أن هناك إدراكا متزايدا بأهمية تطوير آليات العمل التنموي المشترك على صعيد العالم العربي، وهو ما انعكس في مجموعة القرارات الصادرة عن كل من أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة والتي عقدت في بيروت، وإن المبادرات والاستراتيجيات التي أقرتها قمة بيروت تمثل رقما هاما في معادلة النجاح الاقتصادي العربي، كوضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي، واعتماد الميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وذلك إيمانا بالدور الحيوي الذي تلعبه هذه المؤسسات في تنمية الاقتصاد”.
سعيد
اما رئيس اتحاد الغرف العربية محمد عبده سعيد، فقد أشار إلى أنه “في الوقت الذي ما تزال فيه دول عربية تخوض غمار التغيير، حققت العديد من البلدان العربية قفزة هامة على صعيد التنمية المستدامة عبر اعتماد سياسة التنويع الاقتصادي، خصوصا لجهة التركيز على القطاعات عالية القيمة المضافة والقطاعات التصديرية وقطاعات الاقتصاد المعرفي، لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة”. وقال: “في الواقع، إن القرارات المهمة التي صدرت عن القمة الاقتصادية التنموية والاجتماعية الرابعة التي احتضنتها بيروت مطلع هذا العام، تشكل أرضية خصبة للانطلاق، كونها فتحت الطريق مجددا نحو رسم معالم الخارطة الاقتصادية العربية الجديدة”.
وأضاف: “يحتاج العالم العربي، إلى تعزيز الاستثمار في الطاقات البشرية، لا سيما في الصحة والطاقات الشبابية الواعدة، كما ولا بد من تعزيز الاعتماد على الاقتصاد الرقمي الذي من شأنه أن يسهم بأكثر من 3 تريليونات دولار في نمو الناتج المحلي العربي. لذا هناك ضرورة لوضع موضع التنفيذ رؤية الاقتصاد الرقمي العربي التي تم إقرارها في قمة بيروت وتم إنشاء صندوق لها بقيمة 200 مليون دولار”.
وختم: “لا بد للحكومات العربية من تعزيز دور القطاع الخاص ليكون المحرك والمشغل الأكبر للأيادي العربية، أيضا لا بد للعالم العربي أن يغير من نهجه الاقتصادي وأن يبني تحالفات اقتصادية عربية – عربية من أجل تأمين تنمية متوازية قد توفر لشعوبنا حياة أفضل ضمن الصراعات العالمية”.
طربيه
وقال رئيس جمعية مصارف لبنان: “في ضوء التطورات الحاصلة والمرتقبة، من المتوقع ان تستمر الضغوطات والتحديات للمصارف العربية المتمثلة في استمرار التباطؤ في نمو الودائع والتراجع في نوعية الاصول. كما يعاني عالمنا العربي بشكل عام من معدلات منخفضة من التنمية الاقتصادية. هذا عدا عن دفع رؤوس الاموال العربية الى المزيد من الهجرة، وترسيخ البيئة الطاردة للاستثمار في الوطن العربي. في وقت تشكل مستويات الديون السيادية خطرا حقيقيا في ظل اتجاه أسعار الفوائد الى الإرتفاع عالميا ومحليا. امام هذا الواقع، علينا ان نعيد صياغة خطط التنمية الاقتصادية والاصلاح في منطقتنا، وذلك من خلال تنويع مصادر النمو، والدخول في جيل جديد من الاصلاحات، وتشجيع تنمية ريادة الاعمال وتعزيز مصادر التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الناشئة، وتنمية اقتصاد المعرفة كمحرك اساسي للنمو”.
ونوه طربيه بما يقوم به لبنان حاليا من اصلاحات في اقتصاده وماليته العامة ومحاربة الفساد وتحسين مستويات الحوكمة، وقال: “ان لبنان يواجه في الواقع استحقاقات ملحة على صعيد المالية العامة للدولة، اذ الحقت الاضطرابات السياسية والنزاعات العسكرية في المنطقة وتدفق ما تجاوز المليون لاجئ سوري اليه هربا من اتون الحرب في بلادهم اضرارا فادحة في الاقتصاد اللبناني. ولا يزال لبنان يناضل ليسترد عافيته من ثقل هذه الاحداث حيث باتت الخزينة اللبنانية مثقلة بالديون التي تفاقمت وتيرتها في السنوات الاخيرة ما يتطلب معالجات قاسية بدأت الحكومة اللبنانية بمناقشتها من خلال مشروع الموازنة العامة المرجو أن تتمثل فيه حزمة التدابير التي تتخذها للتخفيف من نسبة العجز”.
وأكد “ان المطلوب اجراءات تؤدي الى تغيير مهم في جانبي النفقات والواردات من الموازنة من شأنها، من جهة، تحقيق خفض جوهري في الانفاق العام، وخصوصا لجهة اعتماد سياسة تقشف حقيقية وترشيد الانفاق ووقف الهدر، ومن جهة ثانية اتخاذ تدابير إجرائية من شأنها تحسين الايرادات الضريبية وضبط التهرب الضريبي وتحسين الجباية”.
وركز طربيه على النقاط التالية:
– أولا، إن القطاع المصرفي في لبنان يأمل ان تنجح الدولة الللبنانية بتعهداتها باقرار الموازنة العامة الإصلاحية الموعودة، مع التحسب لحجم الصعوبات التي تواجهها من مختلف المتضررين من التدابير الجديدة.
– ثانيا، ان التصحيح المالي يتطلب خفض عجز الموازنة الى مستويات مقبولة جرى التعهد بها في خطة سيدر واستطراداً تأمين التوازن المالي، مما يستوجب اعادة هيكلة القطاع العام وخفض حجمه وترشيد انفاقه وتحديثه لزيادة فعاليته ومكافحة الفساد وتحسين الجباية.
– ثالثا، لا يجب ان يشعر المجتمع المالي، ومن خلاله المودعون في المصارف، او حاملي سندات الدين السيادي اللبنانية، ان البلاد مطية للشعبوية، اشارة الى الاصوات التي ترتفع بين حين وآخر، مطالبة بصورة مباشرة او غير مباشرة بجدولة الدين العام او اعادة هيكلته او ما شابه ذلك من آليات عدم التسديد عند الاستحقاق، او مخالفة القواعد المتبعة في الاسواق المالية الدولية، إذ ان ايفاء لبنان بالتزاماته المالية هي ركن اساسي من سياسته المالية.
– رابعا، ان القطاع المصرفي في لبنان هو اللاعب الاساسي في حياة لبنان الاقتصادية، فالتمويل الذي قدمه للدولة اللبنانية امن استمرار قدراتها، والتمويل الذي قدمه للإقتصاد الوطني يتجاوز حجم الناتج القومي، وهو أخيرا وليس آخرا من عزز بايداعاته احتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية، ما ساعد على الحفاظ على الاستقرار النقدي طيلة ربع القرن الماضي ولجم التضخم وحفظ القوة الشرائية للرواتب والاجور واصحاب الدخل المحدود”.
وختم: ” لذلك يجب عدم استسهال التعرض للنظام المصرفي وودائعه بالضرائب الموسمية عند كل مناسبة كما حصل في العام الماضي، عند فرض الازدواج الضريبي على تكليف دخل المصارف من الفوائد، وكذلك رفع معدل الضريبة على فوائد الودائع الى 10 في المئة هذا العام، ما يؤثر على تدفقات راس المال الى لبنان، ويضعف من قدرة القطاع المصرفي في تأدية دوره التمويلي، وينعكس سلبا على أسعار الفوائد وعلى كلفة تمويل الاقتصاد اللبناني”.
أبو زكي
وتحدث رئيس مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي، مرحبا بالوفد المصري، معتبرا ان “مشاركة مصر بوفد رفيع المستوى في منتدانا الجامع يعطي دفعا قويا للعلاقة التاريخية بين بلدينا”. وقال: “تأتي هذه المشاركة في أعقاب التأييد البرلماني والشعبي الشامل الذي حظيت به الإصلاحات الدستورية، وفي ظل النهضة العمرانية والإنمائية غير المسبوقة التي تشهدها مصر. من هنا، جاء اختيار مصر لتكون ضيف شرف المنتدى لدورة العام 2019 لنتيح الفرصة للاطلاع على ثورة الإصلاح والتنمية والاستثمار والعمران، والتي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي صاحب الرؤية والإرادة وقائد نهضة مصر الحديثة، والذي يسعى من خلال توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي لنقل التجربة النهضوية المصرية إلى القارة السمراء، ولتطوير العلاقات العربية – الأفريقية، وهو ما تواكبه مجموعة “الاقتصاد والأعمال” من خلال مؤتمرات تعزيز الاستثمار والتجارة بين العالم العربي وأفريقيا، وكان آخرها في دبي وأديس أبابا والقاهرة”.
وتابع: “نتوقف أمام الوضع المتأزم للمالية العامة في لبنان والذي أصبح موضع قلق شامل، وقد توافقت القوى السياسية على ضرورة الإسراع في إيجاد الحلول التي تبدأ بإقرار موازنة اصلاحية عادلة في اعبائها على الجميع، وبالتالي وضع حد للأزمة قبل أن يقع السقف على الجميع. لكن ما يبعث على التفاؤل قرب بدء أعمال الحفر والتنقيب عن النفط والغاز، والسعي الحثيث لإطلاق مشاريع “سيدر” لتطوير البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية والتي ستشكل قاطرة لاقتصاد لبنان الحديث. علما أن هذه المشاريع بانتظار الإصلاحات التي يسعى الرئيس سعد الحريري، الذي يمثل قيم الوسطية والاعتدال ويواجه التحديات الجمة بإرادة صلبة، وبدعم من فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب لإنجازها. ولا بد هنا من توجيه التحية لسعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة للدور الكبير الذي لعبه ولسنوات طويلة في الحفاظ على الاستقرار النقدي ودعم النمو الاقتصادي”.
وختم أبو زكي: “إن العالم العربي يمر في مرحلة غير مسبوقة من عدم الاستقرار، وأصبحت خريطة المنطقة مختلفة عما نعهده وما كنا نحلم به، وسبب ذلك أن القوى الطامعة حولت المنطقة إلى ساحات نزاع واستنزاف للموارد وإحباط للأجيال المقبلة. لكن إذا أردنا أن ننظر إلى الوجه الآخر للعملة، نجد الكثير من التطورات الإيجابية. ويأتي في مقدمة هذه التطورات النهضة الكبيرة في السعودية وما حققته من إصلاحات جريئة، كما نتطلع إلى مصر ونهوضها الثابت بفضل القيادة الشجاعة للرئيس عبد الفتاح السيسي، ويكفي التنويه بأن مساحة العاصمة الإدارية الجديدة توازي سبعة أضعاف مساحة العاصمة الفرنسية ومؤهلة لتستوعب أكثر من ستة ملايين نسمة”.
وختم: “كذلك نتابع باهتمام التطورات الحاصلة في دول الخليج، وهناك الجهود العراقية الجادة لإصلاح الحكم ومكافحة الفساد وإعادة الإعمار وتوطيد المصالحة الوطنية، ونتمنى أن يؤدي كسر الجمود الطويل في كل من الجزائر والسودان إلى بداية مرحلة ازدهار ونمو مستدام. كما نتمنى جميعا عودة السلام والاستقرار إلى سوريا وليبيا واليمن”.
يذكر أن حفل افتتاح المنتدى شهد تكريم كل من: الحريري، مدبولي، أبو الغيط، دشتي، ورئيس اتحاد مصارف الكويت عادل الماجد.