واصل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري جولته على فعاليات طرابلس، بعد ظهر اليوم، فزار مفتي طربلس والشمال الشيخ مالك الشعار في دارته، بحضور المطارنة جورج أبو جودة، أدوار ضاهر وجوزيف نافع وشخصيات وفاعليات المدينة.
وخلال اللقاء، تحدث أبو جودة فقال: “نحن موجودون هنا عن قناعة، وإن كنا لسنا من أهل طرابلس الأصليين، لكننا أصبحنا من أهلها، أكثر من أهل طرابلس أنفسهم، لما عشناه مع إخواننا المسلمين والمسيحيين. كل علاقاتنا هنا هي مع إخواننا المسلمين، بروح من الصداقة والمحبة والتفاهم، والتي يختصرها سماحة المفتي، الذي تخطت علاقتنا معه العلاقات البروتوكولية والمظاهر، إلى صداقة وروح من الأخوة، تعبيرا عن الوثيقة التي صدرت عن صاحب القداسة البابا فرنسيس وإمام الأزهر في أبي ظبي، نحن نعيش هذه الأخوة الإنسانية هنا، بكل أبعادها ومعانيها، وبكل بساطة، دون أن يكون هناك اصطناعا في حديثنا. وبما أن عكار من أبرشيتي، أطلب منك يا دولة الرئيس أن يكون هناك اهتمام بعكار، فهذه المحافظة التي تعطي الأعداد الكبيرة من الذين يضحون بحياتهم في سبيل لبنان، أبناء الجيش اللبناني والقوى الأمنية، بحاجة إلى اهتمام مميز، لكي يبقى أبناء عكار دوما يشعرون بأن الدولة لا تهملهم، بل تهتم بهم بمختلف المشاريع التي يحتاجون إليها. فشكرا لزيارتك، ونتمنى أن تكون لك زيارات متكررة، لكي نؤكد على أهمية العيش المشترك الموجود في طرابلس والشمال وعكار، ونعيد إلى طرابلس صورتها الأساسية، كمثال وقدوة لجميع القوى والمدن اللبنانية”.
الشعار
من جهته، قال الشعار: “لقد قام الرئيس الحريري بخطوات جريئة من أجل البلد. كثر لم يكونوا معه، لكنها كانت خطوات موفقة، لأن لبنان لا يقوم إلا بجميع أبنائه. هذه المعاني والأفكار تحتاج إلى رجل قيادي يعقلها ويملك الجرأة لتطبيقها. كثيرون من الساسة في لبنان يعلمون هذه المقدمات، وأن لبنان لا يقوم إلا بجميع أبنائه، لكن قلة نادرة الذين يتجرأون على الخطوة الأولى وعلى الموقف وإعلان هذا المشروع”.
اضاف: “تهنئتي دائمة وكبيرة للرئيس الشيخ سعد. صحيح أنه شاب ولكنه أمير وحكيم، وقد ورث من أبيه بعد النظر ورصانة الموقف، لم يأت ليأخذ، بل جاء ليعطي لبنان. والده أعطى لبنان حياته، وهو يريد أن يعطي الحياة إلى لبنان، فتحية كبيرة إليك يا دولة الرئيس، من الأعماق وباسم الجميع، وآمل أن يكون لقاؤنا المقبل بإذن الله، وقد أخذت المشاريع طريقها نحو التنفيذ والظهور وإعادة الطمأنينة إلى اللبنانيين. رحم الله الشهيد رفيق الحريري وجعلك خير خلف لخير سلف، وحماك الله وحمى لبنان”.
وختم: “وفي النهاية، أود أن أخص السادة المطارنة بتحية كبيرة لأنهم يعتبرون هذا البيت بيتهم، وهم يستقبلون معي، ولم يترددوا يوما في استقبال مرجعية سياسية، خاصة إذا كانت بمستوى دولة الرئيس الشيخ سعد الحريري. فهؤلاء يحملون لك في قلوبهم من الحب، كالذي أضعه بين يديك وأمام ناظريك “.
الحريري
وفي الختام، تحدث الحريري فقال: “”حين آتي إلى طرابلس، أحب أن أزور هذا البيت، لأني أعتبره بيتي. ولا شك أن طرابلس مرت في مرحلة صعبة، والاعتدال نفسه مر بمراحل صعبة، فكان الناس يتجهون إلى اهتمامات غربية، ولو دخل لبنان في هذا النفق لكان مصيرنا كمصير الدول المجاورة. وصحيح أني وقفت مواقف صعبة، وخسرت في أماكن ما، لكني ما أقوله أن سماحة المفتي الشعار كان أيضا من الرجال الذين خسروا في مكان ما لأنهم وقفوا في وجه التطرف والتعنت. سماحتك، أنت تعرف موقعك لدي شخصيا، والمواقف التي اتخذتها لم تكن لمصلحة سعد الحريري بل لمصلحة إسلام الاعتدال، الذي نريده، لأن التطرف، إن كان إسلاميا أو مسيحيا، فإنه لا يبني بلدا ولا وطنا، بل يخلف حقدا وكرها وعنصرية. الاعتدال يؤسس للحوار والمحبة والمودة والتقارب، ونحن في بلد، إذا عدنا إلى خمسين سنة إلى الوراء، والآن عادت هذه العادات تتجدد، في رمضان، المسلم يفطر عند المسيحي، وفي عيد الميلاد يعايد المسلم المسيحي. هذا هو لبنان الذي نريد. وحين أتى البابا يوحنا بولس الثاني قال أن لبنان رسالة، وهو فعلا رسالة. ورفيق الحريري قال يوما أن المسيحي المعتدل أقرب إليه من المسلم المتطرف، وهو بذلك عنى ما واجهناه قبل أعوام قليلة بقساوة وضراوة”.
اضاف: “كل الموجودين في هذه القاعة عانينا من هذه المرحلة. الوقت الآن للبناء والعمل، أبعدنا فيها الخلافات السياسية في طرابلس وكل لبنان، ومن هنا فإن بلدنا مقبل بإذن الله على مرحلة جديدة، مليئة بالانفتاح والنمو الاقتصادي، وبتنا نعرف ما الذي يجب أن نقوم به، ومتأكدين من أن الوحدة الوطنية، مع بعض مشاكلها والخلافات الإقليمية، هي الأساس في استقرار وأمن البلد. من هنا علينا أن نكمل هذا المشوار والمسيرة التي بدأها الشهيد رفيق الحريري، والتي كانت قائمة على العمل وتدوير الزوايا. ففي النهاية، نحن هنا جميعا لبنانيون، وحين نذهب إلى المطار، لا أحد فينا يحمل قرآنا أو إنجيلا لكي يمر على الأمن العام، لا يمر إلا بجواز سفره اللبناني”.
وتابع:”أنا واثق بإذن الله أننا نسير على الطريق الصحيح، والعقبات صعبة، لكن كلما كنا يدا واحدة وصفا واحدا، كلما تمكنا من تخطي هذه العقبات بسهولة أكبر. من هنا علينا جميعا رص الصفوف لمواجهة كل المصاعب السياسية والاقتصادية وأمنية أو غيرها”.