تواصلت المساعي في لبنان لتذليل آخر العقد واكبرها من طريق تأليف الحكومة، الذي لم يشهد اي انفراج حقيقي. وكانت التشكيلة الحكومية قاب قوسين من اعلانها غير انها تعثرت في الحاجز الأخير. ورجح مصدر نيابي ان يكون التعثر متعمدا من قبل حزب الله وحلفائه الذين يديرون مفاوضات التشكيل كـ «الاوركسترا» بقائد واحد وانما بتناغم تام. ويعتقد المصدر ان «حزب الله» ومن ورائه التيار «الوطني الحر» شعرا أن اللحظة الاقليمية مؤاتية لتحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب في الحكومة العتيدة والمقدر لها ان تستمر حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون. مشيرا إلى ان اتمام ذلك يقتضي تجريد الحريري من حليف وزاري مضمون هو القوات اللبنانية بعدما بدا ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط نال ما كان يطلبه حكوميا وفضل ربما ان يظل كما عرف خلال الحكومات السابقة «بيضة قبان».
والسياسة التي اعتمدها حزب الله والتيار الوطني الحر لعرقلة التأليف، هي انهما حجبا وزارة العدل عن «القوات»، واعادة احياء العقدة السنية بعد تجاوزها طيلة خمسة أشهر، ومحاولة التيار الوطني الحر الايقاع بين تيار «المردة» و«القوات» بعد انجاز المصالحة التاريخية بينهما من خلال الايعاز للقوات بمبادلة حقيبة العدل التي خسرتها بحقيبة الاشغال (التي يصر تيار المردة على الاحتفاظ بها). وفي السياق ايضا، تقول مصادر سياسية ان حزب الله ربما تلقى اشارات من خارج الحدود بوجوب عدم السير بالتشكيل قبل اتضاح معالم بعض الاستحقاقات الاقليمية.
فيما أكدت أوساط رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن الاخير مقتنع بأن عقدة التشكيل داخلية وليست خارجية وهو لم يقل يوماً انها خارجية.
وسط حقل الالغام هذا يسير الحريري مصمماً على المضي في مهمته حتى نهايتها، حيث يستمر «بيت الوسط» محور لقاءات واجتماعات متواصلة لاسيما من قبل موفدي رئيس حزب القوات اللبنانية، وهو يغادر إلى السعودية اليوم الأربعاء للمشاركة في مؤتمر الاستثمار المنعقد في الرياض. وبرز موقف للحريري قال فيه إن على جميع الأفرقاء أن يفكروا في لبنان ومصلحة البلد قبل أن يفكروا بالاحجام، واذا عملنا جميعا معا سنخرج من هذه الازمة. وفيما سجل تواصل بين معراب وعين التينة، حيث زار وزير الاعلام ملحم رياشي بري موفدا من سمير جعجع، مؤكدا ان النقاشات مفتوحة والقوات لا تلحق حقائب معينة.
مصادر «القوات اللبنانية» توضح في اتصال مع القبس ان المفاوضات قائمة لاخراج الحكومة من عنق الزجاجة، وهناك محاولة جدية للاستفادة من دينامية التأليف التي اطلقها الحريري. وتضيف المصادر ان «القوات» تقدم منفردة كل التسهيلات الممكنة وتحاول الالتفاف على كل العقد لقطع الطريق على من يتلطى خلفها.
وحول آخر الجولات التفاوضية تقول المصادر ان الامر استقر على حصول القوات على اربعة مقاعد وزارية غير انها تتكتم على تفاصيل أو ماهية هذه الرباعية، كما ان الورقة المكتوبة التي حملها ايلي براغيد مدير مكتب جعجع، تعني بحسب المصادر أن الامور بلغت مرحلة متقدمة بانتظار ان تترجم مزيدا من الايجابيات.
إلى ذلك، نفت مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف ما ورد في جريدة «الاخبار» التي اشارت الى توتر جديد في العلاقة مع جنبلاط. وقالت المصادر ان ما نشر في المقال بعنوان «جنبلاط يرفض استقبال الحريري» هو ثرثرة لا مضمون ولا قيمة لها وان الكلام مختلق ومسيء لاصحابه.
(القبس)