أكد الرئيس المكلف سعد الحريري أن الحكومة التي يسعى إلى تشكيلها يجب أن تكون حكومة وفاق وطني، تجمع القوى السياسية الرئيسية، “لكي تتمكن من تنفيذ برنامج الإصلاحات والاستثمارات الذي وضعناه وأمّنا التمويل لمرحلته الأولى بحوالي 12 مليار دولار في مؤتمر “سيدر”، لأني أعتبر أن هذا البرنامج هو خشبة الخلاص لبلدنا من الأزمة الواضحة للجميع”. وقال: “أنا أعمل ليل نهار بصمت وكتمان وهدوء لنصل إلى هذا الهدف، وسنصل إليه بإذن الله”.
وأضاف: “وبما أنني سأجمع هذه القوى السياسية حول طاولة مجلس الوزراء، وأطلب منها أن تعمل جميعا يدا واحدة لإنجاح هذا البرنامج ولخدمة البلد والمواطنين، فليست هناك أي فائدة من الكلام فوق السطوح والتصعيد والاتهامات والمواقف العنترية”.
وتابع: “أنا أعرف الدستور، والكل يعرف الدستور، وأعمل كرئيس مكلف على أساس الدستور، وليس هناك أي داع لسجالات وجدليات غير مطروحة، وليست لها أي علاقة بالهدف الحقيقي لعملنا جميعا، الذي هو التوصل إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت”.
وقال: “الآن يأتي من يقول أن التشكيلة الحكومية يجب أن تحترم نتائج الانتخابات النيابية، وهذا أمر طبيعي، وقمة الاحترام لنتائج الانتخابات النيابية، لا بل المقياس الوحيد، هو أن الحكومة، وكما يقول الدستور، تتقدم من المجلس النيابي، المنبثق عن الانتخابات النيابية، بطلب الثقة. فإذا كانت تشكيلة لا تحترم الانتخابات النيابية، فإن المجلس يحجب عنها ثقته. وأما إذا نالت الثقة فلا يمكن أن تكون مناقضة لنتائج هذه الانتخابات”.
كلام الرئيس الحريري جاء في حفل عشاء أقيم مساء اليوم في السراي الحكومي تحت رعايته، لمناسبة اختيار “Change Maker” هذا العام لبنان كمركز إقليمي للشرق الأوسط، وتخلله توزيع جوائز “Lebanon Impact 2018”. وفي ما يلي نص الكلمة:
في خضم المعمعة السياسية التي يعيشها البلد، اللقاء معكم الليلة، في هذه السراي الحكومي، هو جرعة أوكسيجين حقيقية، أود أن أشكركم جميعا عليها.
فعلا، جرعة أوكسيجين، لأنه عندما نرى كل هذه الطاقة الشبابية، كل هذه المهارات، هذا الإبداع وكل هؤلاء المبادرين الشباب، أقول أن الأمل ببلدنا وبمستقبل بلدنا، ما زال كبيرا جدا، وأتذكر أن إيماني بكم، بعد الله سبحانه وتعالى، لا حدود له.
إيماني بقدرتكم على تطوير اقتصادنا باتجاه اقتصاد التكنولوجيا والاتصالات، اقتصاد المعرفة الذي يفتح فرص كبيرة للمبادرين اللبنانيين الشباب
بفضل جهودنا معا، باتت البيئة الاقتصادية جاهزة لاحتضان المبادرات ودعمها. خلال الخمس سنوات الماضية، شهد لبنان استثمارات بقيمة 180 مليون دولار في شركات التكنولوجيا الناشئة، وارتفعت هذه الاستثمارات من أقل من 10 مليون دولار سنة 2013، إلى أكتر من 50 مليون دولار في الـ 2017، وارتفع لبنان من المرتبة الخامسة في المنطقة، إلى المرتبة الثانية السنة الماضية، بعد الإمارات.
هدفنا هو عودة لبنان إلى طريق النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل، والثقة ببلدنا وبكم، أنتم شبابه. والحكومة المستقيلة أرسلت عددا من مشاريع القوانين الجديدة للبرلمان لتحسين مناخ العمل أمامكم، منها قانون إفلاس جديد وقوانين جديدة لصناديق الأسهم الخاصة وللإقراض المضمون وللأسهم التفضيلية والتحكيم القضائي، وهذه القوانين الجديدة كلها أمام البرلمان حاليا.
وفي الحكومة المستقيلة أيضا، عملنا مع وزارة الاتصالات لتوفير أفضل خدمة إنترنت، وشهدنا تحسنا ملموسا بسرعتها، وما يزال العمل سائرا لتحسينها أكثر فأكثر.
وأيضا مع وزارة الاتصالات، أنشأنا صندوق MIC VENTURES بقيمة 50 مليون دولار للاستثمار بشركات التكنولوجيا الناشئة. وأنشأنا مع إيدال وحدة دعم لهذه الشركات، توفر لها مشورة قانونية ومالية مجانية.
واجبنا أيضا أن نستثمر برأسمالنا البشري لإنشاء قوة عاملة لديها المهارات التي تبحث عنها شركات التكنولوجيا الناشئة، والقادرة على تطوير هذه الشركات وعلى الابتكار للمستقبل.
بهذا الهدف، أطلقنا هنا في رئاسة مجلس الوزراء “صيف الابتكار” لتشجيع النشاطات بمجالات المبادرة والإبداع، والـ CODING والتكنولوجيا.
هدفنا النهائي أن نحوّل لبنان لمركز الابتكار في المنطقة، ومبادرات كالمهرجان الذي يجمعنا اليوم، هي خطوة بالاتجاه الصحيح.
بلدنا لديه كل ما يلزم ليكون مركز الابتكار: لدينا مهارات وقدرات إبداعية معترف بها ومستثمرون نشطون وبيئة حاضنة وثقافة المبادرة.
أنتم اليوم سفراء للمنطقة وللبنان ولجيلكم ولمستقبل اقتصادنا. وهذه مسؤولية كبيرة، لكنها في الوقت نفسه، أمل كبير، لي شخصيا ولبلدنا.
أود أن أوجه شكرا خاصا، لأحمد أشقر وكريم سمرا، اللذين أسسا جائزة HULTZ، ولفريق العمل الذي نظم هذا المهرجان، لأهنئهما على هذا العمل.
أود أيضا أن أوجه التهنئة لكل المرشحين للجائزة، وبشكل خاص لكل الفائزين، وأتمنى للجميع مهرجانا ناجحا بإذن الله.
الآن، وبما أن الكلام منقول مباشرة عبر التلفزيون، وكل الناس تنتظر كلمة بالسياسة، وخصوصا حول تشكيل الحكومة، اسمحوا لي أن أقول هاتين الكلمتين.
كل البلد، وكل القوى السياسية متفقة على ضرورة تشكيل حكومة اليوم قبل الغد. وأنا انطلقت من ثلاث قواعد، لن أحيد عنها.
القاعدة الأولى أن الحكومة يجب أن تكون حكومة وفاق وطني، تجمع القوى السياسية الرئيسية لكي تتمكن من تنفيذ برنامج الإصلاحات والاستثمارات الذي وضعناه، وأمنا التمويل لمرحلته الأولى بحوالي 12 مليار دولار في مؤتمر سيدر. لماذا؟ لأنني أعتبر أن هذا البرنامج هو خشبة الخلاص لبلدنا من الأزمة الواضحة للجميع.
القاعدة الثانية أنه بما إني سأجمع هذه القوى السياسية حول طاولة مجلس الوزراء، وأطلب منها أن تعمل جميعا يدا واحدة لإنجاح هذا البرنامج ولخدمة البلد والمواطنين والشباب، مثلكم، فليست هناك أي فائدة من الكلام فوق السطوح والتصعيد والاتهامات والمواقف العنترية. فأنا أعمل ليل نهار، بصمت وكتمان وهدوء، لنصل إلى هذا الهدف، وسنصل إليه بإذن الله.
القاعدة الثالثة، أنا أعرف الدستور، والكل يعرف الدستور، وأعمل كرئيس مكلف على أساس الدستور، وليس هناك أي داع لسجالات وجدليات غير مطروحة، وليست لها أي علاقة بالهدف الحقيقي لعملنا جميعا، الذي هو التوصل لتشكيل حكومة بأسرع وقت.
الآن يأتي من يقول أن التشكيلة الحكومية يجب أن تحترم نتائج الانتخابات النيابية. وهذا أمر طبيعي، وقمة الاحترام لنتائج الانتخابات النيابية، لا بل المقياس الوحيد هو أن الحكومة، وكما يقول الدستور، تتقدم من المجلس النيابي المنبثق عن الانتخابات النيابية، بطلب الثقة.
فإذا كانت تشكيلة لا تحترم الانتخابات النيابية، فإن المجلس يحجب عنها ثقته. أما إذا نالت الثقة، فلا يمكن أن تكون مناقضة لنتائج هذه الانتخابات.
وأنا أحب أن أطمئنكم جميعا، سنبقى مؤمنين برب العالمين أولا، وبلبنان وباللبنانيين وبالشباب اللبناني، وبكم أنتم جميعا، وسنبقى نعمل لنصل إلى الهدف، ولكي نضع البلد مجددا على سكة النمو وفرص العمل وتحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية، لتحققوا، أنتم المبادرين المبدعين، كامل طاقتكم، التي لا حدود لها.
عشتم وعاش لبنان.