أكد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في افتتاح المؤتمر الكتائبي العام الحادي والثلاثين ان “لبنان يمر في مرحلة مفصلية في ظل الضياع وانهيار القيم والاخلاق والفوضى والصراع على السلطة والتعطيل، والمطلوب منا اليوم وقفة وجدانية لنجيب عن سؤال الرئيس المؤسس بيار الجميل: اي لبنان نريد؟”.
واستهل كلمته مؤكدا أن “حزب الكتائب اعرق مؤسسة حزبية في لبنان”.
واستشهد “بكلام الصديق رمزي نجار الذي يقول له فيه إن الكتائب اكبر من الاستقلال ولكن اصغر من لبنان” فأجابه قائلا: “إن الكتائب أكبر من الاستقلال ولكن ماتت في سبيله، وأصغر من لبنان ولكن عاشت وتعيش لأجله”.
وشكر الكتائبيين “لانهم الصخرة التي تحافظ على الديمقراطية في لبنان وصمدوا بوجه التحديات والاغراءات والتهويل والتشكيك”. واضاف: “رفاقي، أنتم الصخرة التي ستحافظ على البلد ونحن مؤتمنون على لبنان وسنستمر بالدفاع عنه”.
واعتبر “اننا نمر بمرحلة مفصلية في تاريخ لبنان في ظل الضياع وانهيار القيم والاخلاق، والفوضى والصراع على السلطة والتعطيل. نريد لبنان بلدا حرا سيدا مستقلا، بلدا حضاريا متطورا”، مذكرا بأن “الكتائب حزب شارك في معركة الاستقلال وهو في صلب هذا النضال منذ 80 سنة حتى اليوم”.
وإذ أشار الى أن “الاستقلال منتقص والسيادة منتقصة”، شدد على ان “مقاومتنا ليست موجهة ضد احد انما هدفها بناء لبنان”.
وأضاف: “سنة 1943 في اول اجتماع للحكومة بعد الاستقلال منحت ميدالية الاستحقاق للكتائب لدورها في الاستقلال، لذلك فإن موقفنا ونضالنا لطالما كان من اجل سيادة لبنان وهو ليس امرا مستجدا وموجه فقط لبناء دولة. ان سيادة لبنان منتقصة اذ ان هناك سلاحا غير شرعي يجر لبنان الى صراعات غصبا عنه. السلاح يضرب استقلال لبنان ويمنع قيام الاقتصاد لان لا استقرار بوجود السلاح، السلاح يجر عداوات للبنان مع دول اخرى ولبنان محاصر دوليا من اصدقائه التقليديين بسبب السلاح، السلاح يمنع العدالة في لبنان وأصبح يؤثر على انبثاق السلطة كي لا نقول انه هو من يقرر انبثاق السلطة في لبنان”.
واعتبر الجميل ان “الكلام الذي صدر في جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة عن ان بندقية السلاح هي ما كان لها التأثير الاكبر في انبثاق السلطة في الرئاسة والحكومة ومجلس النواب هو بيت القصيد الذي لطالما حذرنا منه واسقط الحجج والشعارات ومحاولات الهروب من المسؤولية”.
وقال: “كل الشعارات عن الشراكة سقطت أمس في مجلس النواب، وهنا أتوجه الى المسيحيين لاقول لهم: يقال ان التضامن مع السلاح والرهان عليه هما الطريقة الافضل لتحقيق الشراكة، ولكن لا شراكة عندما تكون مشروطة بالتخلي عن السيادة والاستقلال.
لا شراكة عندما نجبر على التخلي عن السيادة، وعندما لا يعود السلاح راضيا نفقد الشراكة والمشاركة”.
واستطرد الجميل: “لدينا رمز شهيد هو الرئيس بشير الجميل الذي علمنا قول الحقيقة والا نساوم عليها، ولم يعلمنا المواربة وان نغش الناس”، مشددا على ان “مشروع بشير كان حل الميليشيات انطلاقا من الميليشيا التابعة له التي كان اسمها القوات اللبنانية”.
وتوجه الى “من يقول انه اوصل عون الى رئاسة الجمهورية”، وقال: “ما دام لديكم رئيس تثقون به وحكومة تهندسونها وتقررون انبثاقها ومجلس نواب لكم اكثرية فيه، فلماذا لا تسلمون الرئيس عون سلاحكم؟ واذا لم تسلموا عون سلاحكم فالى من ستسلمونه؟”.
وشدد على “أننا مستمرون بالدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله حتى لو كنا وحدنا، وان احدا لن يقدر على اسكاتنا، ولا التهويل سيؤثر علينا، ولن نخاف”.
واستند الى مقولة “شهيدنا الكبير بيار امين الجميل”، ليقول “إن مجلس النواب ليس ملكا لاحد وليس ساحة مستباحة”. واستشهد بالشهيد بيار الجميل ليقول: “من قال اننا لا نعشق التهديد ولا نعشق ان نقاوم؟”.
وأكد أن “النضال من أجل سيادة لبنان لن يمنعنا من أن نفكر بمستقبلنا لان انتهاك السيادة والاستقلال هو نتيجة لا المشكلة الاساسية. 80 سنة ونحن نعاني التعطيل في المؤسسات، ونرى حياة اللبنانيين معطلة وهم يعيشون مع أزمات متجددة وتدخل خارجي وحالة من الصدام، كما ان لدينا صعوبة في تشكيل حكومات متتالية، وانتخاب رئيس يأخذ وقتا كبيرا والتوتر الطائفي بأوجه والاقتصاد ينهار واللبنانيون يهاجرون. يجب ان نفكر اذا كيف للبنان ان ينهض مجددا، وآن الوقت لايقاف التكاذب والنفاق، وللتفكير في النموذج اللبناني الذي يجب ان نؤسسه من جديد”.
وذكر بأن “18 طائفة أتت الى لبنان لتجد ملجأ لها واحتمت وتعايشت فيه وكونت على مدى مئات السنين الشعب اللبناني، والمشترك كان الايمان بالحرية والمحافظة على تراثهم وقيمة الانسان ثم بناء دولتهم”.
وقال: “ونحن على بعد سنة من مئوية جبل لبنان نتذكر ان لبنان ولد من مفهوم التعددية، فهو البلد النموذجي في منطقة الديكتاتوريات، وكل من أتوا وجدوا هنا مساحة حضارة وديمقراطية وقرروا ان يعتمدوا صيغة نموذجية وحافظوا على نموذج الدولة المركزية، وهنا بيت القصيد”.
وأضاف: “قرارهم كان صيغة العيش المشترك 1943 عندما توافق اللبنانيون على ان يعيشوا مع بعضهم وبناء بلد نموذجي، أما الصيغ الدستورية التي هدفت الى تنظيم العيش المشترك، فتبين مع الوقت أنها فشلت في تأمين الاستقرار وفي بناء مواطنية لبنانية ومواطن صالح وهوية لبنانية تكون بالدرجة الاولى”، الا انه أسف “لأن الهوية الطائفية هي بالدرجة الاولى اليوم”.
واعتبر الجميل انه “في كل مرة تصل فئة طائفية الى السلطة يتحد الآخرون للانقضاض عليها من خلال الدعم الخارجي، فالمارونية والشيعية والسنية السياسية صورة للانقضاض على السلطة، ولم تكن الا بطلب من الأفرقاء الداخليين. فنحن من جلبنا وسهلنا ونستمر في جلب التدخل الخارجي للوصول الى السلطة”.
وقال: “للاسف، إن هذه العجلة التي تدور، هناك من يستفيد منها، لانه تحت عنوان الطائفية كل طرف يشد العصب ويلغي المحاسبة لنفسه ويضع يده على خدمات الدولة ويستعبد المواطن. هم سيبقون في السلطة، فيما الناس رهينة، وحتى من صوت لخصمنا وللسلطة هو مقهور ويعاني، ويرى أن البلد لا يبنى والوضع يتدهور والبلد لا يشبهه، ومن جهة أخرى يخاف على طائفته وهويته ويعتبر ان الزعيم الطائفي هو من يحمي طائفته، وهو لا يفكر بمن يحميه كإنسان بل بمن يحافظ على وجوده كمواطن طائفي”.
ورأى أن “الجميع يفكر في أولاده ومستقبل عائلته، واستوعبنا خطورة الوضع الذي نمر به فوجدنا أن لبنان بدأ كجنة واصبح منهارا على كل الصعد”.
وسأل: “هل نفكر على المدى البعيد ماذا نصنع بشعبنا وبمستقبلنا في البلد والنموذج اللبناني؟”
وشدد على انه “حان الوقت للانتقال من الطائفية التصادمية الى التعددية التفاعلية، وهذا هو الاساس”.
وعدد رئيس الكتائب خطوطا عريضة للحلول، داعيا الى بناء الانسان، ومشيرا الى ان “المواطن قيمة بذاته وليس مضطرا ان يكون منتميا الى طائفة لتتحقق حقوقه وان يذل على باب الزعيم، ولديه حق بأن يكون له مستقبل في هذا البلد، والانسان اللبناني مواطن وقيمة بذاته، إن كان سنيا او شيعيا أو مسيحيا او درزيا، فالانسان اللبناني مواطن قبل اي امر آخر ولبنان مساحة حرية وتعددية، وهذه أهمية وجوده”.
وأكد الجميل أن “التنوع الطائفي يشكل غنى للبنان ويجب تحويله من نقمة الى نعمة، من خلال نظام يحمي الانسان ويحافظ على الخصوصيات التاريخية”.
ورأى أن “اعتماد اللامركزية وخلق مجالس محلية منتخبة يسمح بأخذ الدولة الى المواطن، وعندها لن يعود مضطرا للذهاب الى الزعيم ليحصل له حقوقه. بهذه الطريقة نسمح للمواطن ان يحصل حقوقه دون “شحادة”، ومن جهة ثانية نخفف الصراع على السلطة لأن فيها كل القرارات والمال والصلاحيات. وبهذه الطريقة نسمح لأهل كل منطقة بالتطور والبناء والنمو، ليس من خلال الدولة المركزية، وحياة الناس لن تقف عندها في حال تأخر تشكيل الحكومة كما يحصل الآن”.
واعتبر أن “مجلس الشيوخ هو المولج بحماية المؤسسات، والحياد هو ما يحمي لبنان ويمنع الاستقواء بالخارج”. ودعا الى “إعادة النظر في الآليات الدستورية لأن لا مهل لدينا لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة”.
وشدد على أن “الوقت حان لنفكر في كل تلك الامور ولا نؤجل رغم وجود السلاح، سائلا: “الى متى سنؤجل وماذا ننتظر؟ متى سنفكر ببناء البلد ومتى يحين الوقت لذلك؟ حان الوقت لنوقف التأجيل، لأن اللبناني يستحق ذلك”.
وأكد أن “السيادة وبناء الوطن محور نضال حزب الكتائب في المرحة المقبلة، ومطلوب الاستمرار ايضا بالملفات اليومية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية التي في صلب أولويات الكتائب”.
وقال: “كثر لا يتذكرون من الكتائب إلا فترة الحرب، ولكن حزبنا نص اول نسخة لحقوق العمل سنة 1937 بعد تأسيسه بسنة، أما حق المرأة بالترشح والاقتراع فخرج من الكتائب بيد لور مغيزل عام 1954، ونظام الضمان الاجتماعي صيغ بأيادي كتائبية، والجامعة الثقافية في العالم والزواج المدني الاختياري مشروع كتائبي منذ 1971، كذلك إنشاء الفروع الثانية في الجامعة اللبنانية. واجبنا العودة الى المشاريع الاجتماعية، ومن أولويتنا مواجهة الفساد واللااخلاق في التعاطي بالعمل الوطني، وسنكمل بالدفاع عن الناس لو أزعجنا اصدقاءنا لاننا لا نساوم على حق الناس”.
وشدد على أن “الكتائب لا تملك وجهين ولغتين، ولا تعرف ان تساوم وتساير وان تغش الناس، وان حزب الكتائب سيمد يد التعاون للجميع على كل الاهداف وسيتعاون مع الجميع ولكن ليس على حساب قناعاتنا ومبادئنا. نحن اولاد حوار وانفتاح انما لا نسلم البلد، ومعارضتنا ستكون شريفة وشجاعة وسنلتقي مع اهلنا في كل المناطق وسنفتح الاقسام الكتائبية وسنزوركم فردا فردا كي نبشر بالكتائب، بكل المراحل المفصلية في تاريخ لبنان الكتائب كانت وحدها ودفعت الثمن وحدها”.
وسأل الجميل: “هل الثمن أن نكون معارضة ونحاصر ونحارب؟ بالأمس قدمنا شهداء فما هو الثمن الذي ندفعه اليوم مقابل ما قدمنا؟ نحن اولاد بيار الجميل، لا نتعب ونفسنا ليس قصيرا، فداخل كل كتائبي حب عظيم للبنان، ولم يعيشوا ما عشناه، الكتائب حوصرت عبر التاريخ وعانت ولكنها لم تهزم وسلاحها كان الحقيقة التي هي اقوى سلاح”.
ولفت الجميل إلى أنه “خلال جلسات مجلس النواب المخصصة لمناقشة البيان الوزاري لم يحفظ الناس الا ما قلناه بالامس لان الحقيقة هي اقوى سلاح”.
وفي الختام، توجه رئيس الكتائب الى “المناضلين الكتائبيين والمقاتلين السابقين والرفاق القدامى: أنا تربيت على اياديكم وانا فخور ان اكون قد ترعرعت في بيت كتائبي، وهدفي في السنوات الاربع المقبلة ان احافظ على كل ما قدمتوه من تعب وحزن ودموع وهدفي ان امنع الدموع واعمل على وقف الدماء لبناء البلد وان ادافع عن لبنان مهما كلف الامر واقول الحقيقة مهما كلف الامر وهذه مهمة الكتائب”.
وسبق كلمة الجميل، كلمة الأمين العام للحزب نزار نجاريان، اعلن فيها إنطلاق المؤتمر الذي عقد في حضور الرئيس امين الجميل وعقيلته السيدة جويس، الأمين العام ل”تيار المستقبل” أحمد الحريري ممثلا رئيس الحكومة سعد الحريري، الارشمندريت جورج صابونجيان ممثلا الكاثوليكوس آرام الاول، محمد مكاوي ممثلا وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، سفير الامارات حمد سعيد الشامسي، سفير الاردن نبيل المصاروة، النائب فيصل الصايغ ممثلا كلا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط، النواب جان طالوزيان، ادغار طرابلسي، انيس نصار، نقولا صحناوي، فادي سعد، نديم الجميل، الياس حنكش، نقولا نحاس، بولا يعقوبيان، العميد نيكولا سالم ممثلا النائب فؤاد مخزومي، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، نقيب الصحافة عوني الكعكي، نقيب المحررين جوزف القصيفي، الوزراء السابقون: بطرس حرب، رمزي جريج، مروان شربل، أنطوان كرم، روجيه ديب، الان حكيم، جو سركيس، النواب السابقون: سامر سعاده، فادي الهبر، ايلي ماروني، فارس سعيد،، العقيد ايلي ديب ممثلا المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، العقيد جاك موسى ممثلا المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، العقيد بلال حوحو ممثلا مدير المخابرات في الجيش العميد طوني منصور، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان، المطران جورج صليبا، ممثل مؤسسة كونراد اديناور في لبنان مالتي غاير، ليلي سعادة، الاب شربل غانم، رئيس “حركة التغيير” ايلي محفوض، وشخصيات.