افتتح في المعهد العالي للأعمال ESA، اليوم، “منتدى إجراءات الامتثال لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب” الذي تنظمه نقابة خبراء المحاسبة المجازين بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلا بوزير الإعلام جمال الجراح وفي حضور ممثلين عن قادة أمنين وعسكريين وورجال مال وأعمال ومحامين وخبراء محاسبة ومعنيين.
بدران
بداية، تحدث الامين العام للمنتدى الدكتور علي بدران، فقال: “يكتسب لقاؤنا اليوم حول موضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أهمية بالغة، وفي هذه الظروف الإقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها لبنان، هذا الموضوع هو جزء مهم من منظومة مكافحة الفساد، إنها مسؤولية مهنية وقانونية”.
اضاف: “في الواقع لا يزال هذا الموضوع يشكل تحديا قائما ومستمرا، ويحظى بإهتمام بالغ من كافة الدول والهيئات الرقابية والجهات المعنية، نظرا للتداعيات السلبية لهذه الظاهرة على الإقتصاد والمجتمع، لأن إقتصاد الجريمة لا يمكن الإعتماد عليه لأي نمو إقتصادي سليم”.
وتابع: ” وفي ضوء إلتزام لبنان تطبيق المعايير الدولية الحديثة، والتوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي (FATF)، ومنظمة العمل الإقتصادي والتنمية (OECD)، ولمواكبة المعايير الدولية والتغيرات التي تحصل، ومنها الضغوط الدولية على قطاعات جديدة للأعمال والمهن غير المالية، التي يمكن أن تشكل عنصرا مساعدا أو متدخلا في عمليات تبييض أموال وتمويل إرهاب، فقد تم إقرار القانون 44/2015، الذي عدل وحل مكان القانون رقم 318 القائم منذ العام 2001، بعد أن إستعاد نصوصا عديدة منه وأدخل تعديلات مهمة، منها إضافة 14 جريمة لتصبح 21 بدلا من سبعة جرائم، أبرزها التهرب الضريبي حسب القوانين اللبنانية، الذي أصبح جريمة بموجب هذا القانون. ومن ضمن التعديلات البارزة أيضا، توسيع دائرة الملزمين بالتقيد بأحكامه، من خبراء المحاسبة المجازين، وكتاب العدل والمحامين عند تنفيذهم خدمات معينة لصالح زبائنهم، ما رفع من المخاطر المرتبطة في إمكانية إستغلال الأعمال والمهن غير المالية في عمليات تبييض أموال أو تمويل إرهاب، وما لذلك من تداعيات سلبية على الممارسات المهنية”.
وأعلن انه “إنطلاقا من أهمية هذا الموضوع، وفي إطار المساعي التي تقوم بها النقابة، يتم إقامة هذا المنتدى وبالتعاون مع “هيئة التحقيق الخاصة” والذي سيتناول ثلاث جلسات حوارية:
الجلسة الأولى، ستكون محورا أساسيا لعرض أبرز الأطر التنظيمية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بناء للقانون 44/2015، والمتطلبات الدولية في ما خص الرقابة والإشراف على الأعمال والمهن غير المالية. الجلسة الثانية ستكون حول مفهوم صاحب الحق الإقتصادي أو المستفيد الحقيقي، والهيكلية الملكية للشخص المعنوي. هذا الموضوع الذي يتقاطع بشكل كبير مع معايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، لأن معرفة المستفيد الحقيقي هو محور وجوهر عملية التحقق والعناية الواجبة. كما أن معرفة المالك الحقيقي للمؤسسات والشركات يؤدي إلى الحد من التهرب الضريبي، مما يعزز الشفافية ومكافحة الفساد، حيث إزداد مستوى الإهتمام العالمي بهذا الموضوع. الجلسة الثالثة والأخيرة، هي حول الدور الوقائي والرقابي للجهات المعنية، وآلية التبليغ تطبيقا للقانون 44/2015، وكيفية تقييم المخاطر وزيادة الوعي وأهمية التكامل بين جميع الأطراف. وفي ختام المنتدى ستكون جلسة التوصيات، للخروج بأفكار علمية ومهنية تساعد على تحقيق الأهداف المرجوة من تنظيمه، يليها إطلاق دليل الإجراءات والنصوص التنظيمية ذات العلاقة”.
واكد “ان الإمتثال لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ما هو إلا وسيلة إلى بذل العناية الواجبة الممكنة وليس بالضرورة بلوغ غاية، بل يتطلب الوعي العام والتيقظ، وإتخاذ التدابير الإحترازية لدى جميع المعنيين بالقانون 44/2015”. وقال: “بإختصار يتطلب الأمر، تحقيق التوازن الدقيق، بالحفاظ على سلامة ونمو الأعمال بما يتوافق مع القوانين والأنظمة المرعية من جهة، وبين متطلبات الإمتثال لقانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والمعايير الدولية من جهة أخرى”.
منصور
ثم تحدث الامين العام لـ”هيئة التحقيق الخاصة” عبد الحفيظ منصور، فقال: “يسعدني ويشرفني أن أكون موجودا معكم اليوم، في منتدى اجراءات الإمتثال لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، المنظم بالتعاون بين نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان وهيئة التحقيق الخاصة، والذي يترجم عمليا الإهتمام والدور المحوري الذي تقوم به النقابة، لتوعية خبراء المحاسبة المجازين حول إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الأرهاب، والموجبات الملقاة على عاتقهم في هذا الإطار”.
اضاف: “لا يخفى على أحد، أن التطورات والمستجدات المرتبطة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تتسارع بشكل غير مسبوق، حيث ان المجتمع الدولي يولي في وقتنا الحاضر موضوع الإمتثال ومكافحة الجرائم المالية أهمية قصوى، ولعل أرقام العقوبات والغرامات المالية المتزايدة سنويا على المؤسسات المخالفة، والتي وصلت إلى بلايين الدولارات الأميركية أكبر دليل على ذلك”.
وأعلن انه “في ظل العولمة وترابط الإقتصادات، وتطور أنظمة الدفع الإلكترونية وترابطها، فإن عدم الإمتثال للمعايير الدولية ليس خيارا، بل موجب لا جدال فيه، علينا التعامل معه بجدية عالية لضمان سلامة قطاعنا المالي، واستمرار انخراطه في المنظومة المصرفية العالمية. في هذا الشأن تشكل توصيات مجموعة العمل المالي FATF المنبثقة من منظمة الـ OECD، خطة عمل ومنظومة شاملة، لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، وترسم الخطوط العريضة للتشريعات و الممارسات الواجب اعتمادها وتطبيقها في هذا المجال”.
وقال: “في اطار منظومة الـ FATF، تخضع الدول ومنها لبنان دوريا لعمليات تقييم متعاقبة (Assessments) للتأكد من مدى امتثالها لمعايير FATF، ولأجل ذلك، وبعد حوالي السنة، ستباشر مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF) المنبثقة عن مجموعة الفاتف إجراءات تقييم نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في لبنان في شقيه – التقني والتطبيقي، أي على صعيد التشريعات والتعاميم وأيضا على صعيد الفعالية، وتجدر الاشارة الى ان لبنان يخضع حاليا إلى عملية تقييم يجريها الـGlobal Forum المنبثق ايضا عن منظمة الـOECD في إطار تبادل المعلومات لغايات ضريبية، ونلاحظ أن المعايير المعتمدة من قبل كل من الـ FATF والـ Global Forum تتقاطع في الكثير من المواضيع، فعلى سبيل المثال اعتمد الـ Global Forum نفس التعريف لصاحب الحق الإقتصادي أو الـ Beneficial Owner الذي تعتمده مجموعة الـ FATF، وهو الموضوع الذي سأتعرض له بعد قليل في كلمتي”.
اضاف: “ولأجل كل ذلك، سارعت السلطات التشريعة والتنفيذية اللبنانية في لبنان بإصدار مجموعة تشريعات ومراسيم تطبيقية خلال السنوات الثلاث الماضية ضمن ما سمي بتشريع الضرورة، ومن بينها القانون رقم 55 حول تبادل المعلومات لغايات ضريبية، وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ليصبح رقمه 44، والذي جاء بالعديد من التعديلات، اذكر منها: توسيع الجرائم الأصلية لتبييض الأموال من 7 لتصل إلى 21 حيث أصبحت تتضمن أيضا جريمتي الفساد والتهرب الضريبي (Tax Evasion) كجريمتين أصليتين لتبييض الأموال، إضافة جهات جديدة في عداد المبلغين عن العمليات المشبوهة هي: المحامين والكتاب العدل والمحاسبين المجازين. وقد نصت الفقرة 2 من المادة 17 من القانون أنه: “… تناط بوزارة العدل وبكل من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس ونقابة المحاسبين المجازين مهمة التحقق، كل فيما خصه، بالإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وفي النصوص التنظيمية الصادرة بالإستناد إليه”.
وقال: “عليه، أصبح الإبلاغ عن العمليات التي يشتبه ارتباطها بتبييض أموال أو تمويل إرهاب موجبا لازما على المحاسبين المجازين، والكتاب العدل، والمحامين، وذلك عند قيامهم بخدمات إستشارية معينة أو خدمات غير مرتبطة بالمهام الأساسية لكل منهم، وقد حدد القانون موجب الإبلاغ في الحالات التالية:
1. بيع وشراء العقارات
2. إدارة أموال العملاء المنقولة وغير المنقولة.
3. إدارة الحسابات المصرفية وحسابات الأوراق المالية.
4. تأسيس أو دمج أو شراء شركات وتنظيم المساهمات الخاصة بإنشاء الشركات أو إدارتها
5. إنشاء أو إدارة أشخاص معنويين أو أية صناديق إستئمان”.
وتابع: “يمكن أن تتكون شبهات في حدوث عملية تبييض أموال او تمويل إرهاب في عدة حالات، أذكر منها على سبيل الحالات التالية:
1. وجود هيكلية معقدة للشركة من دون تبرير.
2. وجود شكوك حول مدى صحة أو كفاية البيانات التي تم الحصول عليها مسبقا بخصوص تحديد هوية العميل/ العملاء.
3. عدم التمكن من تحديد صاحب الحق الإقتصادي وغيرها من المؤشرات التي تستدعي الشك أو التوقف عندها، والتي أتى على ذكرها دليل الإجراءات الإرشادي المعد من قبل نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، والذي سيتم إطلاقه خلال هذا المنتدى”.
اضاف: “في حال تكونت الشكوك والشبهات لدى المحاسب المجاز، يتوجب بموجب المادة 7 من القانون رقم 44 الإبلاغ عن العمليات المشبوهة مباشرة إلى هيئة التحقيق الخاصة، واثر ذلك، تباشر هيئة التحقيق الخاصة تحقيقاتها بسرية مطلقة، من خلال مراجعة العمليات العائدة للأشخاص المشتبه بهم، وتتخذ القرارات المناسبة في هذا الشأن”.
وأشار إلى “ان العملية المشبوهة تمر عادة في عدة مراحل، وبالتالي هناك احتمال أن يتم كشفها في مراحل لاحقة في حالة عدم اكتشافها من قبل المهنيين، وبالتالي يمكن مثلا الرجوع إلي المحاسب المجاز مثلا للاستفسار منه عن إجراءات العناية الواجبة التي اتخذها وفقا لأحكام القانون رقم 44/2015، وفي حال ثبات التقصير بالإبلاغ تتخذ الإجراءات الإدارية والقانونية المناسبة في هذا الشأن”.
وقال: “أعتقد أن المنتدى اليوم سوف يتطرق إلى آليات الإبلاغ والدليل الإرشادي الصادر للمحاسبين المجازين، وهو أمر ضروري لإرساء حسن التطبيق اللازم والفعالية المطلوبة في هذا الشأن.
اضاف: “بالعودة إلى أهمية موضوع المستفيد الحقيقي (أو الـ Beneficial Owner) و العمل على تحديده، أشير إلى ان معظم الحكومات في العالم، وعلى رأسها مجموعة دول الـ 20 (G20) تعمل بشكل متعاظم على مكافحة الفساد والتهرب الضريبي، ولبنان بدأ ينحو مؤخرا في هذا الاتجاه، وأظن انكم تشاركوني الرأي انه لا يمكن تحقيق اي نجاح في كلا الموضوعين دون وجود تشريعات وآليات وعمل جدي لكشف هوية المستفيد الحقيقي للشركات والمؤسسات أو العمليات المالية، الذي يندرج تحت مفهوم الشفافية، وقد قام لبنان في هذا الإطار بإصدار عدة قوانين وتعاميم منها:
– القانون رقم 106 تاريخ 30/11/2018 الذي يعدل ويضيف عدة بنود على قانون الإجراءات الضريبية رقم 44 من ومنها تعريف صاحب الحق الإقتصادي (Beneficial Owner) وفقا لتعريف مجموعة الفاتف، ووضع موجب على كل شخص طبيعي ومعنوي مقيم ومسجل لدى الإدارة الضريبية، إعلام هذه الإدارة عن هوية المستفيد الحقيقي وكذلك عن كل تغيير يطرأ في هذا الشأن. كما وضع القانون غرامات خاصة بحالات التمنع عن إعطاء معلومات صحيحة أو الإغفال عن التصريح عن صاحب الحق الإقتصادي.
– تعميم مصرف لبنان الوسيط رقم 498 وإعلام الهيئة رقم 24 الموجه إلى عدة جهات من بينهم المحاسبين المجازين والكتاب العدل والمحامين حول تعريف وآلية تحديد صاحب الحق الإقتصادي.
– عدة قرارات صادرة عن معالي وزير المالية تتعلق بآلية تحديد صاحب الحق الإقتصادي.
– القانون رقم 75 حول إلغاء الاسهم لحامله والأسهم لأمر.
– تعميم مصرف لبنان الوسيط رقم 411 الذي يحظر على المصارف والمؤسسات المالية القيام بأي عمليات من أي نوع كان مع شركات تكون أسهمها أو حصصها، كليا أو جزئيا، لحامله.
وختم: “إن تطور عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب باتت تفرض علينا جميعا بذل الجهد المتواصل لمواجهة هذا التحدي ومكافحته. وعليه، لديكم دور هام في إطار مكافحة جرائم تبييض الأموال. وإن مهنة المحاسب المجاز ومدونة السلوك الوظيفي تتطلب منكم تنفيذ مهامكم بنزاهة وتجرد ومهنية وسرية، آملين من هذا المنتدى المساهمة في تعزيز التطبيق الفعال لإجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مما يعزز أداء منظومتنا العامة بهذا الشأن ويبقي لبنان في مصاف الدول الملتزمة ويحميها من أية تداعيات لعدم الإلتزام”.
صقر
ثم تحدث نقيب خبراء المحاسبة المجازين في لبنان سركيس صقر، فأشار بداية الى القانون رقم 126 عن التجارة البرية الذي اقر تعديله في مجلس النواب وصدق بتاريخ 29/3/2019. وقال: “ان اهمية تحديث قانون التجارة البرية تكمن في حسن تنظيم القطاعات التي يستهدفها، بما يحقق استدامة الانماء، ومواكبة التطور، وجذب الاستثمارات واعتماد معايير القياس الدولية إضافة الى تأمين رقابة مالية فاعلة وشفافة”.
اضاف: “نحن خبراء المحاسبة المجازين معنيون بتقديم الاقتراحات التي تخدم الاقتصاد الوطني، لأننا مسؤولون عن تطبيق قانون تنظيم مهنة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، كما وعن الافصاح عن عدالة البيانات المالية للشركات والمؤسسات العاملة. من موقعنا هذا، وبعد دراسة التعديلات التي تم إقرارها بموجب القانون الجديد، تبين بأنه لم يحقق الأهداف المرجوة نلخص الملاحظات الجوهرية والأساسية على القانون الجديد، بما يلي:
1- من الواجب أن يقتصر القانون الجديد الى رؤية واضحة تحاكي العصر، وتكون أساسا صلبا للاستثمارات العاملة والمستقبلية لكافة القطاعات الاقتصادية.
2- لا يعبر القانون الجديد عن الاصلاحات الجوهرية المنتظرة في البنية القانونية للشركات والمؤسسات، حيث كان من أهم المنتظر منه: وضع المواصفات الحديثة والمعايير العلمية لتصنيف المؤسسات الكبيرة، المتوسطة والصغيرة، المعتمدة عالميا مع ضرورة مواءمتها مع أحجام المؤسسات في لبنان.
3- رغم بعض الاضافات، يتبين من قراءة مواد القانون الجديد بأنه نسخة منقحة ومزيدة للقانون القديم، مع ضياع في توزيع المسؤوليات داخل الشركات، وتناقضها أحيانا، وتحميلها لمن ليس مسؤولا عنها، إضافة الى تعقيد الاجراءات بدلا من تسهيلها، رغم تضمنه إصلاحات لا بد من التنويه بها.
4- يتعارض هذا القانون في العديد من المواد مع الانتظام العام، والمبادئ والاصول الدستورية والقانونية، والقانون 364/94 ” تنظيم مهنة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان”.
5- تكمن خطورة القانون الجديد في عدم مراعاته، المبادئ والمعايير المعتمدة دوليا في تدقيق البيانات المالية، وهو الأمر الذي يؤدي الى عدم تماثل المعايير المحلية مع المعتمدة دوليا، والى فقدان الثقة بعدالة البيانات المالية للشركات المسجلة في لبنان بسبب إختلاف المعايير. فهذا الأمر، نعتبره كنقابة مهنية، من أخطر ما سوف ينتج عن هذا القانون، خصوصا وان الجهد ينصب على تحقيق إصلاحات جوهرية، سواء يتم إدراجها في خانة رؤية اقتصادية شاملة، والتي انعكست في مؤتمر سيدر والمستثمرين على إختلاف جنسياتهم.
6- باختصار كلي لا يشكل القانون الجديد عامل جذب للمستثمرين، الذي يساعد على نمو الاقتصاد اللبناني.
7- كما أصبح من المؤكد بأن التعديلات التي طرأت على قانون التجارة أوجدت لغطا كبيرا وفاضحا في نوع المهام المسندة لخبراء المحاسبة المجازين، فهم ليسوا بأجراء ولا بمواكبين للأعمال اليومية في الشركات والمؤسسات.
ان مهمة خبراء المحاسبة المجازين ومهنتهم تقتصر على تدقيق البيانات المالية والمستندات الثبوتية التابعة لها التي يتم إعدادها من قبل مجلس إدارة الشركة، وتبقى المسؤولية على إدارة الشركة حصرا دون سواها.
8- من غير الجائز والمقبول قانونا إلقاء مسؤولية على عاتق خبراء المحاسبة المجازين بنتيجة أعمال وتصرفات ومخالفات قد يرتكبها أعضاء ورئيس مجلس الإدارة في الشركات، ووضعهم موضع إتهامات لا يراعي أدنى المعايير القانونية الدولية التي ترعى وتنظم مهنة التدقيق.
9- إن جميع هذه التعديلات التي تمس بأبسط حقوق خبراء المحاسبة المجازين، وتمس بكرامة المهنة وتخرجها من إطارها القانوني والعلمي والعملي الدولي الصحيح، لا يمكن أن تفسر إلا في إطار سعي البعض، لأسباب غير موضوعية، إلى تحجيم مهنة تدقيق الحسابات في لبنان وإبعادها عن مصاف الدول المتقدمة والمعايير الدولية المعتمدة في هذا المضمار!!
10- إن النقابة بصدد تقديم دراسة كاملة على القانون وشرح كافة التعديلات التي تراها ضرورية ومعللة بالأسباب الموجبة وذلك من حرصها على مصلحة الوطن واقتصاده وعلى مصلحة كافة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان ولن نقف مكتوفي الأيدي لحين إقرار هذه التعديلات”.
مكافحة تبييض الأموال
وبالنسبة لموضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، قال: “ان العالم تغير خلال الأعوام العشرين الماضية تغيرا عميقا، كما تغيرت القواعد التي ترعى الكثير من العلاقات الدولية القانونية منها والاقتصادية والمالية، حيث برزت الحاجة سريعا الى ضرورة خلق آليات للتعاون الدولي لمواجهتها والتعاون الوثيق للهيئات الرقابية المحلية المعنية من جهة، وبين الدول والمؤسسات العالمية الخاصة المعنية من جهة أخرى”.
واشار الى “ان موضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يأخذ أبعادا عالمية نتيجة العولمة وإنفتاح الأسواق، وتداخل الاقتصاديات العالمية، وتعمل الهيئات التشريعية والتنفيذية والهيئات الناظمة دوليا وإقليميا ومحليا على وضع نصوص قانونية وأطر تنظيمية من أجل مكافحة أنشطة الجريمة المالية، لما لذلك من تأثير وتداعيات سلبية على القطاعات الإقتصادية والإجتماعية، ونزاهة النظام المالي وإستقرار الإستثمارات”.
واعلن ان “الجرائم المالية المنظمة، أصبحت عابرة للحدود وتوسعت مصادر إستعمالات الأموال غير المشروعة، لتشمل كافة أنواع الجرائم المعاقب عليها قانونا، من فساد ورشوة ومتاجرة بالمخدرات والسرقة والإختلاس والتهرب الضريبي، وغيرها من النشاطات الممنوعَة التي تجري عادة في الظل، وهي كسب غير مشروع ويسعى المستفيدون من هذه الأموال إلى إخفاء مصدرها، وإدخالها ضمن الدورة المالية والنظام المالي لإضفاء الشرعية عليها”. وقال: “لذا، فان مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، عمل مستمر لا يتوقف، ويتبين ذلك بوضوح من خلال التطورات المستمرة في الإطارين الرقابي والتنظيمي، ومن خلال التحديث المستمر للسياسات والإجراءات والتدابير المتخذة من الجهات الرقابية والتي تتسم بالفعالية للإلتزام بالمعايير والمتطلبات المستجدة”.
اضاف: “تماشيا مع القوانين والأعراف والمعايير الدولية ذات الصلة، ومع سياسة نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان المنشأة بموجب قانون تنظيم المهنة رقم 364/1994، القاضية بإعتماد الممارسات الفضلى والإلتزام بالمتطلبات القانونية والمعايير الدولية، الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لحماية مصالح خبراء المحاسبة المجازين ومهنة التدقيق، وحفاظا على حسن السمعة، وبما أنه من الضروري صياغة إطار تنظيمي لبعض المهام والعمليات التي يقوم بها خبراء المحاسبة المجازين، وفي ضوء أحكام القانون 44/2015 لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فقد عملت النقابة على وضع دليل الإجراءات لخبراء المحاسبة المجازين، وبعد مراجعته مشكورة من قبل “هيئة التحقيق الخاصة” في لبنان. وكان هذا الدليل موضع تقدير، بعد الزيارة التي قام بها فريق التقييم لبرنامج تبادل المعلومات للأغراض الضريبية إلى لبنان، OECD وتكليفهم من قبل المنتدى الدولي Global Forum لإجراء المراجعة خلال شهر تشرين الثاني 2018 والإجتماع الذي تم مع فريق عمل النقابة. هذا الدليل سيتم توزيعه على المشاركين في نهاية أعمال فعاليات هذا المنتدى”.
الجراح
أخيرا، تحدث الوزير الجراح فقال: “الأرقام هي الحقيقة، ونحن بحاجة إلى الحقيقة في هذه الأيام لنعيش في مجتمع تحكمه الحقيقة والموضوعية دون غيرهما”، لافتا إلى أنه “في الأرقام لا سرعة في التشريع ولا استثناء لأحد من أصحاب المصلحة المباشرة في التشريع”.
وقال: “مشكلتنا الحقيقية، أننا عندما نريد أن نشرع أو نصدر قانونا لا نراعي الشركاء ولا نسألهم ونأخذ رأيهم، ثم نعود لاقتراح تعديل من هنا وتعديل من هناك لنصل إلى قانون مسخ، كما نرى في هذه الأيام، وفي أدق الظروف الاقتصادية والمالية، من يعتلي المنابر ويتحفنا بنظريات اقتصادية ومالية لا تمت إلى الواقع ولا الى المعالجة بصلة”.
اضاف: “مررنا في لبنان في أزمات كبيرة مست نظامنا المصرفي واقتصادنا الحر، لكن كان هناك ضرورة ملحة لسلوك هذا الطريق وتكليف هيئة التحقيق الخاصة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ نظامنا واقتصادنا وماليتنا وإبعاد الإرهاب، عبر عدم تمويله ومحاربته، عن بلادنا وجميعنا يعلم كم عانينا من هذا الإرهاب والثمن الكبير الذي دفعه الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمحاربته، وهذا أمر ليس مفروضا وعلينا بل حاجة ملحة لنا، لكن كيف نقارب هذه الأمور بموضوعية ومسؤولية ونسن القوانين اللازمة لتحقيق هذا الهدف هو أمر آخر ونحن معكم لاعادة درس ما قد ترونه ونراه غير مناسب لعملكم”.
وأكد الجراح ان “هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات الاقتصادية والمالية بحاجة إلى أن يقارب الأمور بموضوعية، ونحن على أبواب إصدار موازنة عامة ربما تضعنا نتيجتها على مسار من مسارين. إما على المسار الانقاذي وإنقاذ الدولة والاقتصاد والمالية العامة، أو إلى مزيد من التدهور ومزيد من العجز ومن الدين”.
وقال: “أنجزت الحكومة مشروع الكهرباء الذي سيخلضنا من عجز ملياري دولار سنويا وحملنا أكثر من 40 مليار دولار دينا عاما، وهذه الخطوة بحاجة إلى مواكبة وإلى احتضان وحصانة لنقول أننا بعد سنتين أو ثلاث سنوات سنتخلص من هذا العبء وتتحول مؤسسة كهرباء لبنان إلى مؤسسة منتجة، لكن الامر لا يقف عند هذه الحدود فنحن بحاجة إلى إقفال أبواب الإنفاق غير المجدي وإلى اتخاذ إجراءات ربما تكون قاسية لكن يجب أن تكون مدروسة كي لا نضطر إلى القول أخطأنا هنا فلنعد الاصلاح”.
وتابع: “إذا أعطينا هذا الأمر الوقت الكافي وشاركنا من يجب إشراكه في القرار وتشاركنا وبحثنا ودققنا بعيدا من المنابر ومن البطولات الوهمية ربما نصل إلى خطة انقاذية تكون ربما قاسية لكن محتملة ويشارك فيها الجميع”.
وقال: “عندما نتكلم عن خفض معين، يكون الجواب الفوري، اقفل الهدر في الكهرباء ثم تكلم واقفل الإنفاق غير المجدي. اذا نحن بحاجة إلى سلة من الإصلاحات ربما تكون متدرجة وتأخذ وقتها، فلنعطها الوقت الكافي لدرسها ولتبيان تداعياتها الاقتصادية والمالية، فيكون ذلك افضل ويكون الطريق الصحيحة للاصلاح”.
وأشار الى ان “البعض لا يرى في هذا البلد إلا النظام المصرفي والمصارف”، وقال: “بات هذا القطاع محل استهداف وكأنه هو المسؤول عن كل هذا العجز وكل هذا الدين وكل التردي في الوضع الاقتصادي، في وقت حمل هذا القطاع الدولة ومسؤولية تمويلها على مدى سنوات، ولا يزال قادرا على حمل هذه المسؤولية لسنوات طويلة”، محذرا من “اللعب ومن عدم المسؤولية في مقاربة هذا الملف لأنه من أخطر ما قد يكون على اقتصادنا وعلى ماليتنا العامة وعلى استمرار اقتصادنا الحر الذي يحمل بذور التطور والإصلاح والنجاح”.