دمعة جندي عفوية جسدت اللحظة التاريخية التي يعيشها الوطن على إيقاع الثورة الشعبية العارمة، في حين أن مقررات وخطابات مسؤولين، تبدو وكأنها خارج سياق التاريخ الملتهب بحماس الثوار في ساحات البلد.
هذا الإلتحام الذي تشتد أواصره، يوماً بعد يوم، بين الجيش وحشود الثائرين، يقابله إتساع الهوة، ساعة بعد أخرى، بين كبار المسؤولين وجماهيرهم الناقمة على أدائهم الفاسد في إدارة شؤون البلاد والعباد.
الإندفاعة المتسارعة والمتزايدة للحراك الشامل في مختلف المناطق، واجهه أهل السلطة بكثير من التردد والإرتباك، بعد موجة من السخرية والتهديدات الجوفاء، والتي سرعان ما تحولت إلى نوع من الهروب إلى الأمام، عوض المسارعة إلى إستيعاب غضب الناس، والتجاوب مع مطالبهم المحقة في أسرع وقت ممكن، تطويقاً للمضاعفات السلبية وما تجره من تعقيدات مختلفة، تزيد الحلول تباعداً بين السلطة والناس، وتؤدي إلى مزيد من التدهور.
كلمة رئيس الجمهورية أمس كانت آخر مظاهر الإرباك في أوساط السلطة، التي ما زالت تقرأ في كتاب ما قبل ١٧ تشرين الأول، وكأن البلد ما زال بألف خير، وكأن الشعب ما زال مستكيناً للإقطاعيات السياسية، ومستسلماً في منافي الطائفية، وهائماً في متاهات المذهبية، ولم يتوحد في مسيرة هذه الثورة التاريخية، التي عمت المناطق اللبنانية بأسرع من النار في الهشيم.
لم تعد التبريرات تنفع في قبول الأعذار عن حالة العجز التي تهيمن على الحكم، والتي أضاعت عشرات الفرص الإنقاذية لتجنيب لبنان الوصول إلى هذه الدوامة من الأزمات، والوقوع في الإفلاس.
وحتى الدعوة إلى الحوار في قصر بعبدا جاءت متأخرة في اليوم الثامن للإنتفاضة، والتي تنطوي على خطر دق إسفين بين القيادات المعنية، وتفجير الخلافات بينها قبل نضوج مساعي تشكيل قيادة موحدة، ووضع البرنامج المطلوب لأهداف الثورة.
إندفاعة الثورة بتقدم مستمر، ومعالجات الحكم بتراجع دائم!