كتبت صحيفة “النهار ” تقول : لعلها مفارقة سلبية ان تجرى الانتخابات النيابية وسط سقفين، احدهما داخلي يختصر حال الازمات التي يعيشها لبنان مثل المواجهات العنيفة التي جرت أمس بين قوى الامن الداخلي والمياومين المعتصمين في مؤسسة كهرباء لبنان، والآخر خارجي كالتحذيرات المتعاقبة التي يطلقها منذ أيام الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس من خطر حرب بين اسرائيل و”حزب الله”. والواقع ان هذه المفارقة التي لا يهدف ابرازها الى اي “تهبيط لحيطان” الاستعدادات الناشطة للانتخابات لم تغب واقعياً عن مجريات افتتاح الاستحقاق سياسياً وانتخابياً على أيدي الثنائي الشيعي “أمل” و”حزب الله” من جهة، ولا عن استعجال الحكومة استلحاق التأخير الحاصل في اقرار موازنة 2018 التي يبدو اقرارها “مرشقة ” بالحد الادنى من الاصلاحات شرطاً أساسياً لانجاح مؤتمر سيدرز للدعم الدولي للبنان في باريس عشية الانتخابات فيما يتسم مشروعها بانتفاخ فائض يتهدد التوازن المالي بمزيد من التداعيات الكارثية.
وبدا لافتاً ان غوتيريس كرر في أيام قليلة اعرابه عن قلقه من احتمال حصول مواجهة مباشرة بين إسرائيل و”حزب الله”. ونقلت عنه “رويترز” أمس أن ما صدر عن إسرائيل و”حزب الله” من إشارات في الآونة الأخيرة أظهر أنهما لن يسمحا بحصول ذلك ولكن “أحيانا تكفي شرارة لإشعال هذا النوع من الصراع”.”
وصرح غوتيريس للصحافيين في لشبونة مسقط رأسه: “أشعر بقلق عميق من التصعيد الذي يصعب التنبؤ به في المنطقة بأكملها “. كما أشار إلى مخاوف إسرائيل من اقتراب فصائل مسلحة مختلفة في سوريا من حدودها. وأضاف: “أسوأ كابوس قد يتحقق هو إذا حدثت مواجهة مباشرة بين إسرائيل وحزب الله… سيكون حجم الدمار في لبنان شديداً بالتأكيد، لذا فإن هناك نقاط قلق كبيرة تحيط بالموقف “.
في غضون ذلك ادخل اعلان زعيمي “الثنائي الشيعي” رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله اسماء مرشحيهما الحزبيين والحركيين للانتخابات، البلاد جدياً في مناخ العد العكسي للاقتراع وسط انطباعات تؤكد تقريبا ان مرشحي الثنائي المعلنين ولا سيما منهم المرشحين الشيعة يصعب خرق انتخابهم في معظم دوائر نفوذ الثنائي لانتفاء المنافسة القوية القادرة على الخرق، فيما تقتصر احتمالات هذا الخرق لاحقاً على مقاعد مختلطة مع حلفاء آخرين أو في اطار التنافس مع خصوم انتخابيين. وبذلك يكون الثنائي قد ضمن معظم مقاعد “نوابه” المعلنين مرشحين، فيما تترك المعارك للافرقاء الآخرين في ما بينهم او بالتحالفات والتنافسات التي يكون فيها الثنائي حليفاً او خصماً او غير معني، علما ان مسألة ترجيح الغالبية في مجلس النواب الجديد تتوقف الآن على انتظار لوحة الترشيحات والتحالفات المقبلة.
ولوحظ في هذا السياق انه في حين حرص الرئيس بري على اقران اعلان اسماء مرشحي “كتلة التنمية والتحرير” ببرنامج انتخابي وسياسي، فان السيد نصرالله اكتفى بشرح بعض موجبات الترشيحات وتأكيده اعتماد فصل الوزارة عن النيابة. وأوضح في هذا السياق “ان الحزب يختار من يراه مناسباً وكفؤاً كي يمثله في هذا المجلس ولكي يكون صوتكم صوتنا ويتحمل المسؤولية في المجلس”.
وبعد اعلان كل من “حزب الله” وحركة “أمل” مرشحيهما، يبدأ العمل على تشكيل اللوائح التي سيخوض بها الثنائي الشيعي الانتخابات في الدوائر حيث هناك وجود شيعي. وتفيد المعلومات ان الثنائي يخوض المفاوضات مع الاحزاب والتيارات السياسية الاخرى بـ” المجوز” أي انه لن يكون هناك تفرد من أحد الجانبين في التفاوض. وهذا ما يجعل الكلام مع تيار “المستقبل” غير وارد وان كانت العلاقة بين بري والرئيس سعد الحريري مقبولة، الّا ان رفض الحريري التحالف مع نصر الله، وهو أمر غير مطروح أساساً لدى الحزب، لا يترك مجالاً لترك مقاعد سنية ل”المستقبل”. وفي هذا المجال علم ان الثنائي الشيعي سيتحالف مع “جمعية المشاريع الاسلامية ” في بيروت الثانية.
على ضفة التحالف مع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، علم ان ثمة تفاهما على دعم مرشح الحزب التقدمي في بيروت فيصل الصايغ، إلا أن هذا الامر يمثل مشكلة مع النائب طلال ارسلان الراغب في ترشيح مروان خير الدين.
وستكون هناك لوائح مقفلة في الدوائر ذات الاكثرية الشيعية، فيما ستكون لوائح غير مكتملة في بعض الدوائر تترك فيها أماكن للحلفاء وخصوصاً لـ”التيار الوطني الحر”.
وبعيداً من حركة الثنائي الشيعي، سجل تطور بارز مساء امس على صعيد المتن الشمالي، اذ عقد اجتماع في مقر الطاشناق للبحث في التحالفات الانتخابية المتصلة بالمنطقة ضم نائب رئيس الوزراء السابق النائب ميشال المر والوزير السابق مستشار رئيس الجمهورية الياس بو صعب والامين العام للطاشناق النائب اغوب بقرادونيان ووزير السياحة أفيديس كيدانيان ومرشح “التيار الوطني الحر” في المتن ادي معلوف. ورشحت أجواء عن ايجابيات في موضوع عقد تحالف انتخابي بين المجتمعين.
الموازنة
وسط هذه الاجواء، شرع مجلس الوزراء في دراسة اولية لمشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2018 واطلع من وزير المال علي حسن خليل على فذلكة هذه الموازنة أرقاماً وعناوين. واكد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ضرورة اقرار هذه الموازنة والتزام الاصلاحات الواجب ادخالها عليها،مع خفض موازنات الوزارات.
وبعد مناقشة سريعة شكل مجلس الوزراء لجنة برئاسة الرئيس الحريري وعضوية تسعة وزراء لدرس ملاحظات الوزراء على ارقام الموازنة على ان تعود اللجنة الى المجلس باقتراحات نهائية.
وعلم من أحد الوزراء ان اللجنة ستعقد أول اجتماعاتها اليوم في السرايا، على ان تكثف هذه الاجتماعات للاسراع في انجاز المناقشة والعودة الى مجلس الوزراء لقراءة نهائية واقرارها وإحالتها على مجلس النواب في أسرع وقت ممكن.
وابلغ رئيس الجمهورية مجلس الوزراء ” انه اذا لزم الامر يمكن فتح دورة استثنائية. وأعلن الرئيس الحريري بدوره انه سيدعو الى جلسات متتالية للمجلس لاقرار المشروع واحالته على مجلس النواب.
أما أبرز عناوين موازنة 2018 التي عرضها وزير المال في الفذلكة بعدما خضعت لتعديلات في موازنات الوزارات بخفض 20 في المئة فهي:
لا اجراءات ضريبية جديدة ولا قوانين برامج جديدة
خدمة الدين ارتفعت 1328 مليار ليرة.
تمّ تضمينها كلفة تعديل السلسلة 1910 مليارات ليرة.
اعتمادات الانتخابات النيابية 75 مليار ليرة.
اعتمادات صندوق الايجارات 156مليار ليرة.
تسليح الجيش 413 مليار ليرة.
حوض الليطاني 154 مليار ليرة.
مجموع النفقات 25503 مليار ليرة.
الواردات المقدّرة 17934 مليار ليرة.
العجز 7569 مليار ليرة.
وفي هذا السياق حذّر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل من “تمرير صفقة البواخر وبالتالي ادخال البلد بمزيد من الاستدانة والعجز المالي من دون أي مبرر”، داعياً “كل اصحاب الضمير في مجلس الوزراء الى الا يكونوا شهود زور وان يعارضوا هذا المشروع وان يقفوا الى جانب الكتائب لكي نمنع تدمير الخزينة ومستقبل اللبنانيين”.
مواجهة الكهرباء
وكان مطلع الاسبوع شهد انفجار الاحتقان الذي ساد منذ أيام عقب تعرض أحد العمال المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان لصفعة من عميد في قوى الامن الداخلي اذ حصلت مواجهات عنيفة وحادة أمس لدى تنفيذ المياومين اعتصاماً داخل المؤسسة ومحاولتهم الدخول اليها، اذ منعتهم قوى الامن الداخلي. وسجلت مواجهات وجولات بالعراك والصدامات العنيفة أدت الى سقوط بعض الجرحى في صفوف المياومين. وقطع المياومون أوتوستراد بيروت – الدورة بعض الوقت، ثم أقاموا خيماً للاعتصام عند مدخل المؤسسة، لكن المفاوضات التي تولاها رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر أدت الى انهاء الاعتصام على ان يعقد اجتماع غداً في مقر الاتحاد لاستكمال البحث في مطالب المياومين