خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
يشهد لبنان اليوم أزمة متعددة الأبعاد، حيث تتفاقم مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية غير مسبوقة، مع تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية خصوصًا في ظل الحرب القائمة، ويتجلى التقصير الحكومي في مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطن اللبناني، إذ لم تتمكن الدولة من تلبية الاحتياجات الأساسية لشعبها، ما دفع العديد من اللبنانيين للشعور بالتخلي عنهم من قبل قياداتهم السياسية.
أحد أبرز مظاهر هذا التقصير هو الأزمة الاقتصادية التي دفعت العملة الوطنية إلى انهيار تاريخي، إذ خسرت الليرة اللبنانية جزءًا كبيرًا من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، مما جعل القدرة الشرائية للمواطنين تتآكل بشكل حاد، نتج عن هذا الانهيار ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، ما جعل الطعام والكهرباء والوقود بعيد المنال للكثيرين. وعلى الرغم من الخطورة المتزايدة لهذه الأزمة، فإن الحكومة اللبنانية فشلت في وضع سياسات اقتصادية فعالة لمعالجتها أو حتى لتخفيف وطأتها على الشعب.
من جهة أخرى، يعاني النظام الصحي والتعليمي من حالة تدهور شديدة، حيث لم يعد بمقدور المستشفيات تقديم الرعاية الطبية الكافية نتيجة نقص الموارد الأساسية مثل الأدوية والمعدات الطبية. كما أضحت المؤسسات التعليمية تعاني من ضعف البنية التحتية ونقص التمويل، مما يؤثر بشكل مباشر على جيل كامل من الشباب اللبناني، وبالتالي، فإن انعدام قدرة الحكومة على توفير الاحتياجات الأساسية في الصحة والتعليم يعكس فشلها في حماية الشعب وتأمين مستقبل البلاد.
وفي الجانب السياسي، تعاني الحكومة اللبنانية من غياب الشفافية والتفكك، حيث يغلب على النظام السياسي اللبناني الطائفية والمحاصصة، ما يقود إلى شلل مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة تخدم مصلحة الشعب، ويبدو أن العديد من الساسة اللبنانيين أكثر اهتمامًا بالحفاظ على مكاسبهم ومواقعهم من السعي لتحسين أوضاع البلاد، وهذا يعكس تراجع الالتزام تجاه المسؤوليات الوطنية، ويؤدي إلى انعدام الثقة بين الشعب اللبناني وقياداته السياسية.
في النهاية، يعبّر الوضع الحالي في لبنان عن أزمة شاملة في إدارة شؤون البلاد، حيث يتزايد الضغط الشعبي للمطالبة بتغيير جذري في النظام السياسي القائم ومحاربة الفساد المستشري. وفي ضوء التقصير الواضح من قبل الدولة، يبدو أن الشعب اللبناني أمام تحدٍّ صعب يتطلب دعمًا دوليًا وإقليميًا للنجاة من هذه الأزمات وعلى رأسها وقف الحرب، مع السعي لإيجاد حلول طويلة الأمد تعيد للدولة ثقة الشعب وتحافظ على كرامته ومستقبله.