حصل ملف «مكافحة الفساد» على استراحة قصيرة افساحا في المجال لطارئ سياسي يتمثل في تغييب وزير شؤون النازحين السوريين عن مؤتمر النازحين الدولي المرتقب انعقاده الخميس المقبل في بروكسل، ويحمل هذا الغياب في طياته احتمال هز التضامن الحكومي القائم.
والى وزير النازحين صالح الغريب، استثني من الدعوة وزير الصحة المحسوب على حزب الله د.جميل جبق الذي تفهم الاسباب، كما يبدو، في حين اثار الوزير الغريب ضجة عارمة بمعاونة رئيس كتلته النائب طلال ارسلان، آلت في النهاية الى الكشف عن تعدد الرؤى والمشارب داخل الحكومة الحريرية حيال موضوع النازحين السوريين.
ويتبنى الوزير الغريب، الذي فرضه حزب الله على الحكومة ورئيسها، وجهة النظر القائلة بالتنسيق مع دمشق في موضوع عودة النازحين، في حين يعتمد رئيس الحكومة وجهة النظر الدولية بالعودة الآمنة والمضمونة.
النائب مروان حمادة لفت الى ان سياسة الحكومة في موضوع النازحين قررتها واعلنتها في بيانها الوزاري، لذلك لا الرئيس سعد الحريري ولا الوزراء الذاهبون الى بروكسل يستطيعون الخروج عن هذا الاطار، اما موضوع الوزير الغريب فهو مسألة شكلية يحاولون معها ان يجعلوا من «الحبة قبّة»، فالدعوات تأتي من الاتحاد الاوروبي والكلمة الاساسية هي لرئيس الوزراء، والاهتمام الاساسي يتمحور حول مهمة وزارتي التربية والشؤون الاجتماعية، أي التعليم والمساعدات، اما وزارة شؤون النازحين فدورها شكلي تماما ولا دور حقيقيا لها، متمنيا في حال دعوته لاحقا ألا يكون هناك صوتان للبنان في هذا المؤتمر، صوت الحكومة، وصوت مشاكس، هو صوت النظام السوري في المؤتمر.
ورد النائب طلال ارسلان على التغييب بالقول: لا مؤتمرات تشرفنا الا على القواعد الواضحة والصريحة بتبني توجهات رئيس الجمهورية لجهة مقاربة موضوع النازحين السوريين، وقال: كفى متاجرة بمصالح البلد العليا من أي كان.
وانضم وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الى المعترضين على تجاهل وزير شؤون النازحين، ما عكس عدم رضا الرئيس ميشال عون ايضا. وضمن بواعث هذا الاستغراب ان الرئيس الحريري ضم لوفده الى مؤتمري بروكسل الاول والثاني وزير شؤون النازحين في الحكومة السابقة معين المرعبي، الامر الذي لم يحصل مع الوزير الغريب.
هنا توضح المصادر المتابعة ان رئيس الحكومة لا يصحب وفدا وزاريا الى المؤتمر، بل فريق العمل الخاص به والذي ينتمي عادة اليه، وقد يضم وزراء ومستشارين وخبراء في الشأن المطروح في القمة، وبالتالي فان ضم المرعبي الى وفده في المؤتمرين السابقين يعود الى كونه جزءا من كتلته الوزارية وفريقه السياسي، الذي يلتزم بالموقف الذي يعلنه باسم الحكومة، في حين انه ليس لديه ما يضمن ان يطرح الوزير الغريب ـ المنتمي الى الخط السياسي الآخر في الحكومة ـ ما يظهّر الانقسام الحكومي حول عودة النازحين امام العالم، خصوصا ان الغريب سبق الآخرين الى زيارة دمشق دون اذن الحكومة او رئيسها!
وسألت «الأنباء» وزير شؤون النازحين السابق معين المرعبي رأيه، فقال: اولا، ان الدعوات شأن منظمي المؤتمر الدولي، وليست من شأن رئيس الحكومة اللبنانية، وثانيا ان من حق الرئيس الحريري ان يخشى خروج الوزير الغريب عن الموقف اللبناني الرسمي الذي لا يعبر عنه رئيس الحكومة وحده، وثالثا لماذا لا يذهب الغريب الى دمشق؟ فمكانه هناك، وهو على أي حال سيكون مندوب النظام السوري في الوفد اللبناني ليس إلا.
وامل المرعبي اخيرا ألا يكون صحيحا ما تردد عن عزم الرئيس الحريري توجيه الدعوة للوزير الغريب ولو متأخرة تحت ضغط الآخرين، وان يكتفي بانضمامه الى الوفد الرئاسي في قمة تونس.
مصادر رسمية اكدت ان موقف لبنان في مؤتمر بروكسل لن يتجاوز البيان الوزاري للحكومة، وان الجميع متفق على عودة النازحين، لكن الاختلاف حول الكيفية، وما يهم لبنان في المؤتمر ليس تثبيت الموقف السياسي المعروف بل اقناع المجتمع الدولي بإعطاء ازمة النزوح الاولوية الدائمة، وبالتالي توفير الدعم المادي لهم، واشارت المصادر الى انه لا ورقة لبنانية الى المؤتمر بل البيان الوزاري هو المرجع ورئيس الحكومة يمثل الدولة.
وتقول المصادر ان الرئيس ميشال عون سيطرح موضوع النازحين في القمة العربية الدورية المقررة في تونس آخر هذا الشهر، وهو سيصطحب الوزير صالح الغريب معه ضمن الوفد الرسمي.
(الانباء)