بعد الأخذ والرد والرد والأخذ، وبعد سنوات من الصرخات المستمرة لتلبية حقوق القطاع العام، دُفعت رواتب سلسلة الرتب والرواتب لشهر أيلول! الكل استراح بعد موجات من المطالبات بفصل السلسلة عن قانون الضرائب، الذي أبطله المجلس الدستوري في خطوة غير مسبوقة وأثارت جدلاً حول “دستوريتها” وتعدي المجلس على صلاحياته أمام كلمة مجلس النواب، ليصار الى إرسال قانون معجل مكرر جديد يتضمن تعديلات ضريبية جديدة، فما هي تلك التعديلات التي ظلت “سرية” حتى الساعة؟
“لا تعديلات ضريبية جديدة”، بحسب ما أكد البروفسور والخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ”لبنان24″، مشيراً إلى أن “القانون يتضمن مراعاة للملاحظات الي أبطل من أجلها المجلس الدستوري قانون الضرائب، على أن يتم تعديل مادتين أساسيتين: الأولى تخص الإزدواج الضريبي على المصارف والمهن الحرة، اما المادة الثانية فهي الغرامات على الاملاك البحرية، علماً ان الضرائب على تلك المادتين قد تدخل إلى الخزينة حوالى 400 مليون دولار سنوياً”.
هكذا باتت اللعبة مكشوفة، فالتعديلات جميعها تم تعديلها وفقاً لمزاج الطبقات العليا و”يا فرحة ما كملت”، أما الفقراء فمزاجهم سيتبدل حتماً مع معرفة الآتي، وهو الأعظم، إذ كشف عاجقة نقلاً على لسان عدد من المسؤولين السياسيين، احتمالية رفع القمية المضافة الى 12% وليس 11% حسب المتفق عليه سابقاً، وذلك لملء فراغ المادتين المذكورتين مالياً، وبالتالي، إخفاء النقص الذي سيحصل نتيجة إبطالهما، محذراً من أن “كل ضريبة على النشاط الاقتصادي، في فترة الركود مع ما يتبعها من مشاكل في المالية العامة، هي غير محبذة”.
وفيما خطة وقف الهدر والفساد والبدء بمسار الاصلاحات بحاجة الى مواجهة شرسة، وكما هو معلوم فإن أحداً غير مستعد لخوض المعارك من أجل “العبد الفقير” في الوقت الحالي، يشير الخبير الاقتصادي الى أن الطريقة الوحيدة لتأمين موارد للسلسلة حالياً هو عبر “وضع الضرائب على “موارد غير مستخدمة” كالاملاك البحرية والشقق الشاغرة والحسابات المصرفية الضخمة”.
يبقى السؤال، من أين إذاً دُفعت رواتب الشهر الماضي؟ يشير عجاقة الى أن الحكومة لديها حساب في المصارف اللبنانية برقم 36 تمتلك فيه 4 آلاف مليار ليرة لبنانية”.
أما عن مطالبات الاتحاد العمالي العام بفصل السلسلة عن قانون الضرائب، فيشير عجاقة الى أن هذا الطلب غير واقعي. “لا يمكن تمويل سلسلة بلا ضرائب لكن نوعية الضرائب هي الجدل، ولا بد من وجود استمرارية في الموارد” بحسب الخبير، الذي لفت الى أنه “قانونياً السلسلة مفصولة، إذ يمنع الدستور ربط فرض ضرائب بالسلسلة، لكن مالياً لا يمكن فصلها لانه لا موارد لدينا والدين العام لا ينقصه”.
ما هي تداعيات رفع القمية المضافة 2%؟ يحذر عجاقة من ارتفاع نسبة الفقر، ويقول: “في حين أن رفع الـTVA الى 11% سيؤدي، بحسب الدراسات التي أجريناها الى ازدياد نسبة الفقر بنسبة 33,9%، فإن رفع النسبة الى 12% سيؤدي الى ازدياد نسبة الفقر في لبنان الى 38%. وفيما لا تشمل القمية المضافة بعض المواد الغذائية كالحليب والقح وغيرهما ، إلا أن النسبة الاكبر من السلسلة الغذائية يتداخلها الـTVA.
حالياً، ارتفعت الصرخة مجدداً مع ارسال مشروع تأخير تنفيذ السلسلة حتى اقرار الضرائب الى مجلس النواب، مهدداً رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بـ” الإضراب الفوري في المؤسسات والإدارات والنزول إلى الشارع والاعتصامات إذا لمس أي شائبة في المعالجة”، فهل تُشّل الحركة في لبنان مجدداً؟
لبنان 24