جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / البطاقة الممغنطة… تمتحن نيّات أصحابها وتُعرّي التمديد

البطاقة الممغنطة… تمتحن نيّات أصحابها وتُعرّي التمديد

شكّلت البطاقة الإلكترونية الممغنطة نجمة القانون الانتخابي، وقد أصاب مبتدعوها في تقديم مادة تُلهي اللبنانيين وتخلق تنافساً بين وسائل الإعلام للتقصّي حولها، فيما الذين طرحوها في الاساس وقبل أن يُعبّدوا لها الطريق، ويتحققوا من إمكانية ترجمتها على أرض الواقع اللبناني، انقسموا، فمنهم سارَع الى أجندته لتحديد «جهة تلزيم هذا المشروع»، وآخرون اعتبروها «مجرّد فقّاعات»، مفضّلين صبَّ اهتمامِهم على حسابات مجدية. في هذا السياق، يقول مصدر مواكب للعملية الانتخابية لـ«الجمهورية»: «تبيّن أنّ الأساس ليس إصدار قانون بمقدار التأكّد من إمكانية تنفيذه بشَرياً وتقنياً».
البطاقة الإلكترونية الممغنطة أو «بطاقة الـ84»، وفق رقم المادة اليتيمة التي جاءت على ذكرها في قانون الانتخاب النيابي الجديد المكوّن من 126 مادة، هي لوحة بلاستيكية بحجم كفّ اليد، يمكن تضمينها كمية محددة من المعلومات الرقمية الخاصة بحاملها، لا يمكن قراءتها إلّا عبر برنامج خاص بها على الكومبيوتر، وتكون البطاقة مزوّدة بـ «باركود» منعاً لتزويرها، أو بـ«رقاقة معدنية» تسمح بالتصويت لمرّة واحدة، بعد أن تقرأ البطاقة من خلال الرقاقة.

تعود صناعة هذه البطاقة إلى العام 1968 على يد العالمين الألمانيين هيلموت جروتروب وجورجين ديتلوف، وتدريجاً بدأت تغزو العالم، وخصوصاً في بدايات التسعينات (1920)، حين أصدرت الشركات الاميركية هذه البطاقات لتسهيل عملية الدفع.

كيف يمكن الحصول عليها؟

بين التوجّه إلى المختار أو مراجعة مكان القيد، أو تعبئة استمارة محددة، يَحار المواطن أيّ مسلك يأخذ. في هذا الإطار يقول مصدر مواكب للعملية الانتخابية « ما مِن آلية محدّدة بعد لجهة الإعداد لتلك البطاقات وكيفية التزوّد بها، وتحديداً لم توضَع «المواصفات السياسية» لهذه البطاقة ليتمّ تحديد «مواصفاتها التقنية»، والحاجة من استخدامها في مراكز الاقتراع»، مستغرباً كيف أنّ المادة 95 الخاصة بالاقتراع «لم تأتِ على ذِكر البطاقة الإلكترونية الممغنطة، وكأنّها غير موجودة، وتقتصر على أنّه عند دخول الناخب إلى قلم الاقتراع، يقوم رئيس القلم بالتثبتِ من هويته، استناداً إلى بطاقة هويته أو جواز سفره اللبناني العادي الصالح… يزوّد رئيس القلم الناخب بورقة الاقتراع وذلك بعد ان يوقّع مع الكاتب على الجانب الخلفي من الورقة وبظرف ممهور بالخاتم الرسمي بعد توقيعه عليه، ويطلب إليه التوجّه إلزامياً إلى وراء المعزل».

وفي السياق، «لم يتبدّل» موقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق غير المرحّب بالبطاقة الممغنطة، والذي أعلن عنه مراراً، وذلك وفق ما يؤكّده مصدر مواكب للعملية الانتخابية»، موضحاً لـ»الجمهورية»: «كيف يمكن توزيع البطاقات الممغنطة على أكثر من 3 ملايين نسمة، في حين نبقى ننادي سنوات للمواطنين كي يتبلّغوا هوياتهم». ويضيف: «ليس المهم إصدار قانون بقدر التأكّد من إمكانية تنفيذه بشَرياً وتقنياً».

ويوضح المصدر «أنّ الأمور لا تزال تترنّح، وما من خطة واضحة حول آليّة تنفيذ، أو استخدام البطاقات الممغنطة وحتى التزوّد بها»، مشيراً إلى «أنّ كلّ ما يتمّ تداوله في الإعلام مجرّد اجتهاد وتكهّنات».

في موازاة ذلك، يقول مصدر آخر مطّلع على المناقشات التي رافقَت الإعداد لقانون الانتخاب: «لا أستبعد تلزيم مشروع البطاقات إلى هـ. ع. ، غالباً ما ترسو عليه المشاريع الكبرى والتجارب خير دليل»، مستغرباً «كيف يمكن اعتماد البطاقات الممغنطة، في وقتٍ أنّ مشروع الاستحصال على الهويات والبرنامج المخصص له يعاني الأعطال والأخطاء».

ويضيف: «البطاقات عنوان عريض ولكن يخفي في طياته كمّاً هائلاً من المحاذير التفصيلية، أبقَت الناخب والمرشّح على حدّ سواء «لا معلّق ولا مطلّق»، من الحجبِ إلى كيفية الحصول عليها وتوزيعها، إلى أساليب استخدامها وإشراك المغتربين فيها».

المكننة الشاملة وإلّا…

في هذا السياق، يَعتبر المدير العام السابق لوزارة الداخلية والبلديات عطالله غشّام «أنّ فكرة اعتماد البطاقات الممغنطة قد تنجح فقط في حال المكننة الشاملة للانتخابات، كما المكننة التي شملت مصلحة تسجيل السيارات وسجلّات النفوس الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، وإلّا سنكون أمام بطاقة ممغنطة كالبطاقة الانتخابية القديمة».

ويوضح لـ«الجمهورية»، «أنّه يُمكن العمل على الاستحصال على البطاقة مجاناً، «لا حاجة لتكبيد المواطن أيّ كلفة للحصول على بطاقته الممغنطة شرط البدء بمكننة سجلّات النفوس، بالتالي توفير قوائم الناخبين إلكترونياً، حينها يمكن إصدار البطاقات الممغنطة وتزويدها بداتا المعلومات اللازمة من دون ان يتقدّم صاحبها بطلب، ترسَل على عنوان الفرد، ربّما مكان قيده الأنسب».

ويتابع متأسفاً: « قوائم الناخبين لا تزال تصدر يدوياً، بطريقة بدائية، نبحث عمّن بلغ الـ21 من عمره، ومن نقَل نفوسه، ومن توفى، في وقتٍ يمكن بكبسة زر أن تخرج المعلومات».

ويلفت غشام إلى تعذّرِ إشراك المغترب في الانتخابات من دون مكننة شاملة، قائلاً: «ما لم يتمّ الانتقال إلى الانتخاب الإلكتروني، كيف ستُنقل أصوات المغتربين؟ عبر حقيبة ديبلوماسية، وبالتالي الانتظار وتعليق الإعلان عن النتائج إلى حين جمعِها وفرزها؟.

أمّا في حال تمكّن المغترب من الانتخاب إلكترونياً فهذا يعني في أبسط الإيمان أن نوفّر للناخب اللبناني الاقتراع مكان سَكنه، ما يعني أن لا جدوى من البطاقة الممغنطة من دون الانتقال إلى الانتخاب الالكتروني».

سيئاتها أكثر من حسناتها؟

لغم، حجّة، خطوة متطوّرة… تعدّدت المرادفات التي رافقت تسمية البطاقة الإلكترونية الممغنطة، ولكن إذا وضَعنا هذه البطاقة في الميزان، يتبين من فوائدها ما يلي: الاقتراع مكان السَكن، تسريع عملية فرزِ الأصوات، الإتاحة للمغتربين الاشتراك، تخفيف ضغط المرشحين على الناخبين (نظراً للاقتراع في مكان السكن).

أمّا من تداعيات استخدامها:

تحوّل البطاقات إلى وسيلة ضغط على الناخبين، خصوصاً إذا فرَضت الدولة رسوماً مالية للحصول عليها، وبالتالي دخول الأحزاب على الخط، ممّا يَفتح مجالاً جديداً لشراء الأصوات وفتح باب الفساد.

حجبُ البطاقات أو تأخير توزيعها، وعرقلة وصولها إلى الناخبين… ما يُتيح التلاعب بنتائج الانتخابات.

في هذا السياق، تحذّر الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات (LADE) عبر مديرتها يارا نصّار من مغبّة تكرار ضروب الاحتيال أيام البطاقات الانتخابية، قائلةً: «إستخدام البطاقة الإلكترونية من دون توفير الاقتراع مكان السَكن يعيدنا سنوات إلى الوراء إلى زمن البطاقات الانتخابية والمتاجرة».

وتضيف: «حتى من دون بطاقة ممغنطة، يمكن ربط مراكز الأقلام إلكترونياً في ما بينها ضمن شبكة واحدة، على نحو يُمكّن الناخب من الاقتراع ضمن مكان سَكنه وعلى هويته، ولكنّنا لا نملك بعد الكهرباء، فكيف نحلم بهذا التطوّر؟». أمّا بالنسبة إلى مشكلة الضغط على المراكز في العاصمة، فتقترح نصّار «اعتماد الـ Mega polling station أي مراكز اقتراع كبيرة مِثل «البيال»، «الفوروم»، نظراً إلى قدرة استيعابها».

إلغاء البطاقة… تقريب الانتخاب؟

حيال الغموض الذي يكتنف آلية عمل البطاقة الممغنطة، والمطبّات التي تعتري إنجازَها في مهلة 11 شهراً، يبدو الانتظار والترقّب سيّدَي الموقف. والسؤال نفسه على ألسنة السياسيين: «عرِفتو شي عن هالبطاقات؟».

من جهته يَعتبر آلان عون «أنّ اعتماد البطاقات فكرة طموحة، مغرية، تحتاج إلى توضيح وتحديد إطار استخدامها، وتقديم الضمانات لعدم خرقِ النتائج والمحافظة على سرّية التصويت، لذا، ننتظر معرفة طرحِ وزارة الداخلية لنكوّن موقفَنا».

أمّا إذا تبيّن أنّ تنفيذها يستلزم أكثرَ من 11 شهراً؟ فيجيب عون في حديث لـ«الجمهورية»: «نستغني عن فكرة البطاقة ولا نتخلّى عن الانتخابات، فهذه المسألة الوحيدة الثابتة، لن ننتظر الانتهاء من البطاقة لإجراء الانتخابات. إذا رأينا أنّ البطاقة الانتخابية لا يمكن تنفيذها يمكن إعادة النظر في فترة الانتخابات وجدوى تأجيلها 11 شهراً، وبالتالي يمكن تقريبها».

بين التخلّي عن البطاقة الإلكترونية أو القانون، يَعتبر النائب خالد زهرمان «أنّ المسألة في حاجة لدرسها تقنياً بعيداً من البزار السياسي»، موضحاً لـ«الجمهورية»: «البطاقة في الظاهر تُحسن الشفافية، ولكن تقنياً هل ستتمكّن وزارة الداخلية من تأمين البطاقات في الفترة المحددة؟».

ويضيف: «لا بدّ من فتح المجال امام التقنيين لتقديم الجواب. إلى حينِها لا بدّ من بدءِ التدرّب على القانون الجديد وكيفية تطبيقه، خصوصاً أنّ تأخير الانتخابات لا يرتبط فقط بالبطاقة الإلكترونية».

في وقتٍ يطول النقاش حول البطاقات الممغنطة، أسئلة جمّة تبقى من دون جواب واضح لغياب القرار الرسمي والآلية المحدّدة. أياً يكن الـ mode d›emploi»، لتلك البطاقة ستفوح رائحتها، ولن تكون مجدية ما لم تُتِح للناخب الاقتراع مكان سَكنه.

إلى ذلك تبرز الحاجة إلى تأهيل مراكز الاقتراع وتجهيزها على نحو يليق بالناخبين ويضمن وصولهم بكرامة.

(ناتالي اقليموس – الجمهورية)