خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
إنّه الصراخ.قد لا يصل بعيداً، ربّما يلامس قلوب بعض الأحبّة والمهتمّين.ربّما يتوزّع نتفاً من الوجع على ورق أبيض.إنّهم – أسياد القصور – لا يسمعون.هم في قمّة الجبل، ونحن في وادٍ سحيق: أولسنا في قعر جهنّم؟
ندفن ضحايانا على عجل.لم تعد مواعيد النهار تتّسع لأعداد المغادرين.نستعين بساعات الليل، بلا ضوء ولا نور.كما نستعين بأعماق البحر.ربّما هو أرحم، يستقبلنا بحفاوة قد لا ندرك حرارتها.وحدها الفتاوى تبيح ذلك:فليكن قاع الأبيض المتوسط مثوانا الأخير، بأمواجه وأسماكه وأسراره الدفينة، تهمس بها كلّ عائلة رحلت..ولن تعود!
“أسيادنا” لا يفقهون دوافعنا واستعدادنا، بكامل وعينا وإرادتنا، للموت ولو غرقاً.إنّهم لا يفقهون معنى أن يرمي رجل إبنه الصغير في الماء.أن تنجو زوجة بلا زوج ولا أولاد.أن تقسو الغصّة على قلب حجّة تعمّد ولدها ألّا يودّعها.أن تنقلب معايير العيش في بلد، تأكلنا فيه الأسماك بدل أن نأكلها.ويبتلع فيه الحوت الكبير أخاك أو صديقك أو جارك دون أن تكون له حظوة “النبي يونس”..
البحر يبتلع أهلنا كلّ يوم..يا أسياد القصور:فلتصمت السياسة، وليصمت السياسيون.إنّه عصر المياه، لا شيء غير المياه..ونحن نغرق.نغرق.نغرق!