لم يتحدث الحضور في اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة حاليا عن ملف، مثلما تحدثوا عن “نووي إيران”، سواء من جانب قادة أكبر دول العالم أو من وفد طهران إلى نيويورك.
وكان الحديث عن ملف إيران النووي حاضرا في تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون، والفرنسي إيمانويل ماكرون، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني، فضلا عن ردود الرئيس الإيراني حسن روحاني، التي تزامنت مع مظاهرة خارج مقر الأمم المتحدة يقودها معارضون إيرانيون، تطالب بطرده من مقر المنظمة.
وتنوعت التعليقات على الملف بين التشكيك في صمود الاتفاق النووي المبرم بين مجموعة 5+1 وإيران قبل أكثر من عامين، والتلميح إلى ضرورة مراجعته، أو التأكيد على أنه لا يزال ساريا كما هو.
وافتتح ترامب سلسلة التصريحات عن الملف النووي والاتفاق المبرم، عندما قال الثلاثاء إنه “جاهز للتخلص من هذا الاتفاق”، الذي وصفه بأنه “أحد أسوأ الاتفاقات التي شاركت فيها الولايات المتحدة”، وفي اليوم التالي قال إنه سيعلن قريبا موقفه النهائي من المسألة
لكن نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة حاولت تفسير تصريح ترامب، وقالت إنها “ليست إشارة واضحة على إلغائه للاتفاق النووي، لكن الإشارة الواضحة هو أنه ليس سعيدا بهذا الاتفاق”.
وأضافت أن “إيران تتعامل مع التنمية النووية وخطة العمل الشاملة المشتركة التي يتحدث عنها الجميع، لكن القانون الأميركي يتطلب من ترامب أن ننظر في انتهاكات إيران، مثل تهريب الأسلحة وتطوير الصورايخ البالستية”.
وبعد لقاء “تاريخي” هو الأول بين تيلرسون ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، لم تحمل إجابات الوزيرين ولا موغيريني شيئا مفيدا يمكن من خلاله استطلاع المستقبل بشأن الاتفاق المثير للجدل، لأنه لم تكن هناك إجابات أصلا.
وسأل الصحفيون تيلرسون: “هل ستلغون الاتفاق؟” فلم يجب، كما سألوا موغيريني: “هل ستنقذون الاتفاق؟” فلم تجب أيضا، وحده ظريف الذي سأله الصحفيون “هل سيكون الأمر عنيفا؟”، فأجاب مبتسما “عنف؟”.
أما ماكرون الذي كانت بلاده أحد أطراف التفاوض، فقد ربط نجاح الاتفاق النووي بـ”سلوك إيران الإقليمي” في ظل تنامي نفوذ طهران في المنطقة، ليعلق الجرس في رقبة القط.
وقال ماكرون للصحفيين في نيويورك: “هل يكفي الاتفاق؟ لا ليس كافيا في ضوء تطور الوضع الإقليمي وتنامي الضغوط التي تمارسها إيران على المنطقة، وفي ضوء زيادة النشاط الإيراني على المستوى البالستي منذ الاتفاق”.
كما عرض ماكرون القيام بدور الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، مع استعداده لمناقشة عقوبات محتملة بشأن برنامج طهران للصواريخ البالستية.
وينص الاتفاق الذي أبرم عام 2015 بين الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين من جهة، وإيران من جهة أخرى، على أن تلتزم الأخيرة بالتخلي عن برنامجها النووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات التي خنقت طهران على مدار السنوات الماضية.
إلا أن الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب، لم تلبث أن شككت في مدى التزام إيران بالاتفاق، ولمحت أكثر من مرة إلى ضرورة مراجعته كما لم تستبعد إلغاءه.