لم يعد الوضع يسمح بإغماض العين على الصوَر المقلقلة التي تحوم في أرجاء البلد، والتي وَلّدت أنيناً عابراً لكل الطوائف والمناطق، وشعوراً بأنّ البلد قد بدأ رحلة السقوط المشؤوم في الهاوية.في هذا الوضع من حق الناس ان تخاف، ليس فقط من الازمة ومخاطرها، بل من سلطة تبدو وكأنها على الحياد مما يجري، تفتقد حِس المسؤولية والمبادرة الى التقاط زمام الامور لبدء العلاج الجدي وإحداث صدمة فورية تعيد ضَخ بعض الاوكسيجين في أنابيب الازمة المستعصية، وليس بدفن الرأس في الرمال وتَقاذف المسؤولية على ما هو حاصل في هذه الايام.
ولعل السؤال الذي يدور على ألسنة الناس، يبحث عن الحكومة وإجراءاتها، ولماذا لم يشعر الناس بأنها معهم، وماذا تنتظر؟! هل تنتظر سقوط الهيكل لكي تتحرك وتثبت للناس انها حاضرة للقيام بما هو بديهي من واجباتها حيال التدهور الحاصل اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وعلى كل المستويات
يكاد الناس لا يترددون في القول ما نفع الحكومة والسلطة كلها بعد السقوط؟ لا بل ما نفع حكومة او سلطة تقف متفرّجة على السقوط من دون ان تهبّ لمنعه؟ بل جُلّ ما تفعله هو التناكف بين مكوّناتها والمزايدة على بعضها البعض، ومحاولة تسجيل نقاط على بعضها بشعارات شعبوية فارغة.
ولعل الصورة الحقيقية لواقع الحكومة والسلطة امام هذه الازمة، يرسمها أحد كبار المسؤولين بقوله: بكل أسف، هناك ذعر عام، وارباك خانق في الاسواق المالية، وأنا افهم الناس وأتفّهم قلقهم ومعهم حق في ما قد يقومون به. فهذه السلطة القائمة حالياً هي المشكلة وليست الحل، وصراخ الناس حَجبَ الثقة عن كل اطرافها. ومعلوم انّ الاقتصاد هو جزءان، 50 في المئة ارقام و50 في المئة ثقة، فلا الارقام موثوقة، ولا الثقة ما زالت موجودة.
ولو راجعتَ الناس لتأكدتَ انّ هذه الثقة بالحكومة باتت معدومة. ومع الأسف، وسط هذا التقاعس الواضح من قبل السلطة أستطيع ان أجزم آسفاً انّ القيامة صعبة.