لا يزال الاختفاء القسري ينتظر العديد من السوريين العائدين إلى البلاد، بحسب ما كشفته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقرير مطوّل لها قبل أسابيع، حيث أشارت إلى أن حكومة الأسد لا تزال تشكل تهديداً “عنيفاً بربرياً” على حياة اللاجئين السوريين الذين يرغبون بالعودة إلى بلادهم من دول اللجوء.
وقال مدير “الشبكة”، فاضل عبدالغني في مقابلة مع “العربية.نت”: “علينا أن نميّز بين المُعتقل الذي أوقف في وقت سابق داخل البلاد أو في مناطق التسويات، وبين اللاجئ الذي اعتقل بعد عودته إلى سوريا”.
2000 حالة اعتقال
وأضاف أن “اللاجئين في خطر حقيقي، لقد كشفنا في تقريرنا عن وجود نحو ألفي حالة اعتقال، ومن ضمنهم 650 شخصاً اختفوا منذ العام 2014. إن هذا الرقم كبير، نحن لا نتحدث هنا عن عشرات المعتقلين. كما أن من أُطلق سراحه بعد ذلك من هؤلاء، تم استخدام الشبّان منهم في التجنيد الإلزامي، بالإضافة إلى أن 15 منهم فقدوا حياتهم جراء التعذيب”.
وتابع قائلاً “اللافت أكثر في هذه القضية هو أن بعض من عادوا من اللاجئين كانت بحوزتهم وثائق من القنصليات السورية في الخارج أو من (لجان المصالحة) التي كانت تعمل على تسوية أوضاعهم. لكن رغم هذا تعرضوا للاعتقال، حتى هذه التسوية لم تشفع لهم، لذلك لا ننصح بعودتهم، وعلى الدول التي ترحّلهم إلى مناطق سيطرة النظام، أن تتحمل مسؤولية ما سيتعرضون له”.
وبحسب عبد الغني، فإن أغلب اللاجئين الذين عادوا إلى بلادهم قدموا من لبنان بشكلٍ أساسي، ومن الأردن في المرتبة الثانية، بالإضافة لأعدادٍ “ضئيلة” عادوا من دولٍ أخرى بينها عواصم أوروبية.
اعتقال رغم البدل المادي
ويتقاطع محتوى التقرير الصادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” والمكون من 20 صفحة مع شهادات سوريين تعرض أبناؤهم للاعتقال على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، إضافة للمعبر الحدودي بين سوريا والأردن بعد دخولهم الأراضي السورية.
وتعرّض شابان سوريان للاعتقال بعد عودتهما إلى سوريا رغم أنهما كانا يدرسان في روسيا ولم يكن قد تقدّما بأي طلب لجوء، بحسب المعلومات التي كشفت عنها عائلتاهما لـ”العربية.نت”.
وبحسب هاتين العائلتين، فإن كلا الطالبين كان قد دفعا “بدلاً مادياً” وحصلا على “إعفاء” من الالتحاق بالخدمة العسكرية التي تفرضها السلطات السورية على كل شابٍ أتم الثامنة عشرة من عمره.
ولم تكتف “السلطات الحكومية” باعتقال الطلبة، بل اعتقلت كذلك عدداً من اللاجئين عادوا إلى البلاد بوساطة رجال المصالحات، خاصة في محافظة درعا الواقعة جنوب سوريا.
وساطة لم تشفع.. ومصير مجهول
وأكد شاب سوري من بلدة الصنمين بريف درعا أن “شقيقه قرر العودة إلى سوريا بعد وساطة من قيادات المصالحة بدرعا، لكنه اختفى بعد وصوله للمعبر الحدودي بين سوريا والأردن”.
وأضاف في مكالمة مقتضبة مع “العربية.نت” أن “مصير شقيقي لا يزال مجهولاً منذ أكثر من شهرين”.
وإلى جانب هذه الشهادات، أحصى التقرير الصادر عن “الشبكة السورية”، والذي استغرق العمل عليه 8 أشهر بحسب مدير “الشبكة”، ما لا يقل عن اعتقال 1916 لاجئاً من قبل قوات النظام بعد عودتهم إلى بلادهم، ومن بينهم 157 سيدة، إلى جانب 219 طفلاً. كما أشار إلى أن قوات النظام أفرجت في وقتٍ لاحق عن 1132 شخصاً، ليبقى مصير 784 منهم “مجهولاً” إلى الآن، تحوّلت حالة 638 منهم إلى “إخفاءٍ قسري” بعد ذلك.
كذلك كشف التقرير عن مقتل 15 لاجئاً تحت التعذيب بعد عودتهم إلى سوريا، محذّراً اللاجئين من العودة إلى بلادهم في الوقت الراهن.
المصدر: العريية.نت