“قلبي على حبيبي وقلبو على الحجر”. هذه الأغنية تختصر العلاقة بين المجتمع الدولي ولبنان. ففيما البلاد المتراقصة على حافة الانهيار غارقة في تصفية الحسابات السياسية والحكومية، لا يزال الشركاء والحلفاء التقليديون للبنان يبذلون الجهود لمده بجرعات الحياة ومقومات الصمود، تماما كما هي حال الحراك الشعبي المستمر منذ 7 أسابيع.
ولم يكن إلى ذلك دليل أبلغ من الزيارات المتتالية للموفدين الاقليميين والدوليين إلى بيروت في الأسابيع الأخيرة، معطوفة على الاجتماع الثلاثي الذي استضافته باريس في 19 تشرين الثاني الفائت، وبحث في خلاله الملف اللبناني بين المبعوث الفرنسي كريستوف فارنو وساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، والديبلوماسية البريطانية ستيفاني القاق.
وإذا كان الجميع في حال ترقب لما ستنتهي إليه التطورات الحكومية، فإن في الصورة ثابتة وحيدة: المجتمع الدولي، لا سيما منه باريس، لا يزال عند موقفه الداعي إلى تأليف حكومة ترضي الشعب الثائر في الطرق، وتوحي بالثقة للخارج لتحظى بالدعم المطلوب لمنع سقوط البلد في محظور الانهيار، وتعمل على وضع الاصلاحات المطلوبة موضع التنفيذ، وتطلق العنان لقطار سيدر.
وإذا كانت مصادر ديبلوماسية غربية تؤكد لـ “المركزية” أن الأطراف الدوليين لا يدخلون في تفاصيل التشكيل ويفضلون تركه للرئيس المكلف، على اعتبار أنه شأن لبناني بحت، فإنها لا تخفي “الرغبة في رؤية توليفة حكومية تضم شخصيات من أصحاب الخبرة والاختصاص”.
وتكشف المصادر عينها أن العاصمة اللبنانية قد تشهد في الأيام المقبلة جولة جديدة من الزيارات الخارجية لحث اللبنانيين على تسريع الخطى الحكومية، مشيرة في الموازاة إلى أن فرنسا تسعى إلى عقد اجتماع لدول مجموعة الدعم الدولية للبنان (التي تضم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية، إضافة إلى ايطاليا وألمانيا اللتين استضافتا مؤتمرات خصصت لمساعدة الجيش، وبحث قضية اللاجئين السوريين) على مستوى السفراء والمدراء، برئاسة وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان، وذلك بعد توسيع رقعة المجموعة لتنضم إليها دول عربية كالسعودية والامارات وقطر والكويت ومصر، في وقت يشير بعض العارفين بالشؤون الديبلوماسية إلى أن هذا الخيار كان يواجه، في مراحل سابقة، بالرفض، لتجنب ضم ايران إلى صفوف المجموعة. ذلك أن أحدا لا يشك في أن خطوة من هذا النوع كانت لتثير مشكلة، إن لجهة وضع ايران الدولي، وهي التي تستهدفها العقوبات الأميركية القاسية، أو لجهة الحضور القوي لأذرع طهران على الساحة المحلية، لا سيما منهم حزب الله، الذي لم توفره العقوبات الأميركية.
وقد علمت “المركزية” أيضا أن اجتماع المجموعة المتوقع أن تستضيفه العاصمة الفرنسية باريس منتصف الشهر الجاري سيكون منصة لتجديد الدعم الدولي للبنان.
غير أن المصادر الديبلوماسية تشير إلى أن مرحلة ما بعد هذا الاجتماع مرتبطة بمسار تأليف الحكومة. فإذا ولد الفريق الوزاري من اليوم وحتى موعد عقد الاجتماع، خصص النقاش لتحضير مؤتمر دولي لدعم لبنان، وإلا فإنه سيشكل مناسبة لتجديد الدعوة إلى تأليف الحكومة سريعا، في موازاة مناقشة السبل الآيلة إلى تجنيب البلاد كأس الانهيار المرة.
المركزية