أوضح قيادي في «التيار الوطني الحر» لـ «الحياة» أن العائق الرئيسي أمام تشكيل الحكومة الجديدة هو الخلاف على حصة حزب «القوات اللبنانية» والحجم الذي تطالب به في التركيبة الوزارية على صعيد التمثيل المسيحي.
وقال القيادي نفسه إن عقدة حصر التمثيل الدرزي بمن يسميهم «الحزب التقدمي الاشتراكي» قابلة للحل ويمكن احتمالها. وسأل المصدر القيادي في «التيار الحر»: على كل حال هل أن الرئيس المـــكلف تأليف الحكومة سعد الحريري قادر على حل عقدة تــمثيل المعارضة السنية قبل أن نصل إلى عقدة التمثيل المسيحي»؟
ورداً على سؤال حول معارضة «التيار» مطلب «القوات» تمثيلها بخمسة وزراء قال: «إذا حصلوا على حصة كهذه يجب أن نحصل نحن كتكتل نيابي على النسبة نفسها. فهم 15 نائباً ونحن 29 نائباً، وبالتالي إذا كانت حصتهم 5 يجب أن تكون حصتنا 10 وزراء (ما عدا حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون) وليس معقولاً أن نحصل مع حصة الرئيس على 13 وزيراً من أصل 15 وزيراً مسيحياً في حكومة من 30 وزيراً».
كما لفت القيادي إلى أنه «وفقاً لمعايير «القوات» للتمثيل الوزاري، فإن الثنائي الشيعي حصل على 27 نائباً شيعياً. وهذا يعني أنه يحق لـ «حزب الله» وحركة «أمل» 8 إلى 9 وزراء. وإذا كانت الحصة الطائفية تقتضي تمثيل الطائفة الشيعية بستة وزراء، فإن لهم حلفاء من طوائف أخرى يجب أن يتمثلوا أيضاً بحصة أكبر من الحصة الشيعية».
وحين قيل للقيادي إن التسريبات أشارت إلى أن «القوات» مستعدة للتنازل عن منصب نائب رئيس الحكومة مقابل حصولها على 5 وزراء وعلى حقيبة سيادية أجاب: «نحن أبدينا انفتاحاً على مطلبهم الحصول على حقيبة سيادية حتى إذا كان تيارنا لن يحصل على حقيبة سيادية. وإذا كان غيرنا يعارض حصول «القوات» على الحقيبة السيادية فما ذنبنا نحن؟ أما مطلبهم الحصول على منصب نائب رئيس الحكومة فهو غير منطقي، وإذا كان أعطي لهم مرة (في الحكومة الحالية المستقيلة التي يتولى فيها وزير الصحة غسان حاصباني المنصب) فهذا ليس حقاً مكتسباً لأن نائب رئيس مجلس الوزراء من حصة رئيس الجمهورية وهو أمر بات عرفاً منذ اتفاق الطائف لا يمكن التراجع عنه لأنه يخل بالصلاحيات ويوقف تأليف الحكومة».
ورأى أن تكريس هذا المنصب لـ «القوات» هو تسليم بأن يكون المنصب الأرثوذكسي الأعلى في الحكومة لهذا الحزب وهــذا غيــر جائز على الإطـــلاق. وإذا تمسك حزب «القوات» بمنصب نائب رئيس الحكومة من الصعب أن تتشكل الحكومة».
وعن الفصل بين حصة «التيار» وبين حصة الرئيــس عون فيما الفرقـــاء الآخـــرون يعتبرونهما فريقاً واحداً سيحصل على 9 وزراء وفق التصور الذي وضعه الحريري، أكد القيادي أن «هذا عرف مطبق أيضاً على كل رؤساء الجمهورية ولن نقبل المس بصلاحية الرئيس في هذا المجال وهذا غير قابل للنقاش عندنا. ورداً على سؤال قال: «موقف الرئيس الحريري منسجم مع موقف الرئيس عون في هذا المجال».
وعن التسريبات بأن الحريري كان ينتظر جواباً من الرئيس عون وكان متوقعاً أن يلتقيه رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل لمتابعة البحث، أجاب القيادي: «حتى لو لم يزره الوزير باسيل فالافتراض هو أنهما تحدثا هاتفياً». ورجح القيادي في «التيار الحر» أن يكون باسيل سأل الحريري إذا كان من جديد يؤدي إلى حلحلة الموقف. ولما وجد أن لا جديد، لم تكن هناك من حاجة ليزوره».
وعن تأكيد «القوات» أن هناك اتفاقاً مكتوباً بينها وبين «التيار الحر» جرى توقيعه أثناء تفاهم معراب على التساوي في الحقائب الوزارية بين الجانبين في حكومات عهد الرئيس عون، أجاب القيادي نفسه: «اتفاق معراب انتهى، لأننا كنا متفقين على أن نكون كتلة واحدة. وفي الحكومة الماضية أثبت وزراء «القوات» أنهم يعارضون مشاريع «التيار» وحصل تباعد في المواقف، وهم أخلّوا بذلك». وتابع: «ثم إذا كان هناك اتفاق بين «التيار» و «القوات» فما علاقة الرئيس الحريري به؟ فليقل هو ما يقترحه في تشكيل الحكومة وليترك الخلاف ليحل بيننا».
وعن المـــخرج من الـــحائط المـــسدود الذي بلـــغه تأليف الحكومة رأى القيادي في «التيار» أن «لا بد من إيجاد مخرج ، والأمر يحتاج إلى حلحلة في مطالب «القوات»، خصوصاً أن تكتلنا هو أكبر تكتل نيابي مسيحي. البلد لا يحتمل اقتصادياً استمرار الوضع الراهن. وإذا لم يحصل شيء يساعد في تحريك العجلة الاقتصادية هذا الصيف، فإن الأوضاع لا تبشر بالخير على الإطلاق».
الى ذلك، قالت مصادر مواكبة لاتصالات رئيس الجمهورية: “المناقشات تتركّز على إقناع “القوات اللبنانية” بأنّ حصتها هي 4 حقائب، من دون ان يكون من بينها نائب رئيس الحكومة. والحديث عن 5 حقائب لـ”القوات” يعني 9 او 10 حقائب لتكتل “لبنان القوي”. وإقناع النائب السابق وليد جنبلاط بالتنازل عن تسمية الوزير الدرزي الثالث، على ان يُصار الى التفاهم بشأن تحديد هويته. وكذلك على التأكيد على احتفاظ تكتل «لبنان القوي» بـ 7 حقائب و3 لرئيس الجمهورية”.
في السياق، تدعو مصادر بكركي عبر «الجمهورية» كلّاً من «التيار» و«القوات» الى ممارسة السياسة بأخلاقية وديموقراطية، لأنّ ما يحصل من سجالات نارية غير مقبول».
وتأسف لأنّ الوضع وصل الى هذه المرحلة من «الشجار»، «فالساحة المسيحية تتّسع للجميع، والتجارب أثبتت أنّ أحداً لا يستطيع إلغاءَ الآخر».
وتشير المصادر الى أنّ «التنافسَ طبيعيّ بين القوى والأحزاب السياسية، لكن ضمن إطار اللعبة الديموقراطية والأخلاق السياسية، وذلك من أجل خدمة المصلحة العامة والوطن، لا في إطار المحاصصة وتقاسم الوزارات وتوزيع المغانم».
وترفض بكركي الكشفَ عمّا إذا كانت ستتدخّل لجمع «القوات» و«التيار» مجدّداً، وتعتبر أنّه في الأساس يجب أن لا يكون الحوارُ مقطوعاً بينهما، وكذلك بين أيٍّ من القوى السياسية الأخرى، لأنّ هذا البلد لا يُحكم إلّا بالتوافق والتفاهم بين جميع مكوّناته السياسية والطائفية.
من جهة ثانية، تراقب بكركي الوضعَ الإقتصادي والإجتماعي للبنانيين، وتؤكّد كل التقارير أنّ الوضع وصل الى حافة الإنهيار.
وقد تعزّزت هذه النظرة بعد تحذيراتٍ عدّة تلقّاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وذلك إستناداً الى دراساتٍ وأرقامٍ اقتصادية.
وتؤكّد مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الوقت ليس وقت دلع سياسي أو تصفية حسابات داخلية، بل إنّ القضية تتطلّب شعور الجميع بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم وأن يكونوا على قدر المسؤولية لطرح خطّة إنقاذية».
وفي السياق، ترى بكركي أنّ «البيت ينهار من الداخل» وبعض المسؤولين يتصرّف وكأنّ لا شيء يحصل، فيما إنكار حقيقة الوضع يعمّق الأزمة ويبقي المشكلات من دون معالجات أو حلول جذرية».
من جهة أخرى، تحدثت المصادر عن ان الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس غرفة الصناعة والتجارة محمد شقير سيمثلان بيروت في الحكومة، وسيمثل الوزير السابق محمد الصفدي طرابلس، وسيكون هناك وزير من عكار، إما النائب السابق خالد الضاهر او عضو المكتب السياسي للمستقبل محمد مراد.
عمليا، ما تم التفاهم عليه في موضوع تشكيل الحكومة هو “حصة” رئيس الجمهورية، فقد سلَّم رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة بحق رئيس الجمهورية بحصة من ثلاثة وزراء اسوة بهما.
(الأنباء الكويتية-الحياة- الجمهورية)