قياسا على المهل المعطاة من جانب الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري، يفترض ان تتشكل الحكومة اللبنانية ما بين اليوم والاثنين في 4 فبراير المقبل، لكن ظاهر الامور لا يُنبئ بحل الازمة، لا اليوم ولا بعد اسبوع في ظل استمرار المراوحة، وتجدد التعقيدات، الى درجة الشك بأن تكون هذه الدوامة فصلا من استراتيجية سياسية هادفة الى ابقاء لبنان لا معلقا ولا مطلقا في زحمة الصراعات الاقليمية المتصاعدة كأقل الشرور ضررا.
وبالفعل، ثمة اوساط سياسية لبنانية قرأت في قول وزير خارجية فرنسا جان ايف لوبريان لصحيفة اسرائىلية ان باريس طلبت من اسرائيل عدم الاعتداء على لبنان قبل تشكيل حكومة فيه «ما يوحي بأن في التأجيل المتمادي للحكومة السلامة!».
الرئيس عون تحدث اكثر من مرة عن نفاد صبره وطالبه بعض نواب تياره بأن يظهر غضبه، وقد وعد بذلك ما لم تتشكل الحكومة قبل نهاية هذا الشهر، ومثله الرئيس المكلف سعد الحريري الذي وعد مرتين بحسم مسألة التأليف ايجابا، في 4 اكتوبر 2018 وعد بولادة الحكومة في غضون 10 ايام، وفي 13 ديسمبر 2018 قال ان الولادة بلغت المائة متر الاخيرة، والاسبوع الماضي وعد بحسم لم يحدد طبيعته، تشكيلا ام اعتكافا ام اعتذارا.
لكن جولة محادثات الحريري في باريس لا تبدو انها توصلت الى اهدافها، فالوزير جبران باسيل حذر برفع الصوت وبتسمية الاشياء بأسمائها، والرئيس نبيه بري اعلن امس انه لن يبقى متفرجا على انهيار البلد، مشيرا الى ان مجلس النواب سيتحرك، وسيدعو هيئة مكتب المجلس الى الانعقاد لتحديد موعد جلسة نيابية، خصوصا ان ثمة مواضيع لا يمكن السكوت عليها كموضوع الموازنة العامة، ما يوحي بمواجهة سياسية حادة ما لم تحسم الامور الحكومية ايجابا هذا الاسبوع.
ولا شك ان الكلام الاخير هو للرئيس سعد الحريري هل يعتكف او يعتذر او يتابع مع دوامة المساعي والاتصالات؟
يقولون ان الاتفاق تم في باريس على خطوات تستكمل بين الحريري وباسيل في بيروت، لكن تشابك المعطيات لا يشجع على التفاؤل، فقد تردد ان باسيل وافق مجددا على صيغة الثلاث عشرات، متخليا عن الوزير الحادي عشر الذي يؤمن له الثلث المعطل، لكنه اشترط في المقابل تعويضه بالحقائب، ما اعاد فتح ملفات قديمة وهذا ما رفضه الحريري.
القيادي في تيار المستقبل د.مصطفى علوش قال ان اعتذار الحريري هو من ضمن الخيارات، لكن الرئيس الحريري يدرك مخاطر مثل هذا الامر.
لقاءات باريس التي جمعت الرئيس المكلف سعد الحريري بالوزير جبران باسيل ثم بالدكتور سمير جعجع عجزت ـ كما يبدو ـ عن حلحلة العقد المعرقلة لتشكيل الحكومة، التسريبات العابسة سبقت عودة الرئيس المكلف الى بيروت، وما نقلته هذه التسريبات يوحي بأننا امام «فالج لا يعالج»، فالوزير جبران باسيل عاد يتمسك بتمييز كتلة التيار وبكتلة الرئيس عون ليقابله الرئيس الحريري بالاصرار على الرفض.
ومن ضمن التسريبات ما بلغ «الأنباء» وخلاصته ان الرئيس الحريري اظهر مرونة حيال الثلث المعطل الذي يُصر عليه باسيل ومن خلفه الرئيس عون، لكنه رأى في المقابل ان يضم الى فريقه شخصية سنية وازنة تتسلم وزارة الداخلية، وقد تم التداول باسمين: الرئيس فؤاد السنيورة او الرئيس تمام سلام.
وتناولت التسريبات فرضية اعتذار الرئيس الحريري بخطوة منه في حال حاول البعض فرض المزيد من الشروط عليه، بحيث تصبح المعارضة افضل من البقاء في سلطة حكومية تتحكم فيه بدل ان يحكمها، ومن دلالات هذه الصورة ان المصادر المتابعة بدأت تتحدث عن تحرك للوزير نهاد المشنوق في هذا الاتجاه، بينما الرياح الحريرية تتجه في حالة الاعتذار المحكى عنه نحو اعادة التكليف او ترشيح الحليف تمام سلام اذا لم يكن من التنحي بُد.
الانباء